لا ادري ما الذي دفع بالامين العام السابق للاتحاد الاسلامي الكردستاني الفصيل السياسي المعارضquot;صلاح الدين بهاءالدينquot;الى توجيه انتقادات شديدة ومباشرة الى رئيس الاقليم quot;مسعودبارزانيquot;من خلال مقابلة صحفية اجرتها معه مجلة مشهورة ومعروفة بمعارضتها الشديدة لـquot;بارزانيquot;وحزبه، ودائمة التهجم عليه وعلى سياساته، فما الذي دعاه الى الخروج غير المألوف عن سياسته الراشدة وحكمته المعهودة طوال زعامته للاتحاد الاسلامي المعارض منذ تأسيسه عام 1994 ولحين استقالته عام 2012 ويصرح على غير عادته بانquot;اسوء فترة في الحياة السياسية لبارزاني هي فترة رئاسته لاقليم كردستانquot;ما الذي دفعه الى قول ذلك ولماذا الان وليس عام 2011 عندما وجه تهمة حرق مقراته الحزبية الى حزبquot;البارزانيquot;، وهل للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع اجراؤئها في اقليم كردستان في 21 سبتمبر المقبل علاقة في التصعيد السياسي الحالي، وخاصة وان انباءا تناقلت عن عزم الامين العام السابق للحزب الاسلامي ترشيح نفسه لرئاسة الاقليم منافسا بذلك الرئيسquot;بارزانيquot;، مما شكل تحديا واستفزازا لمؤيدي الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمهquot;بارزانيquot;فهاجموه بشراسة ووصفوه بابشع الاوصاف واتهموه بالتجسس لصالح دول وقوى خارجية، وازاء هذه التهمة الخطيرة هدد انصارquot;بهاءالدينquot;برفع دعوى قضائية ضدهم، وما زالت القضية تتفاعل في الساحة السياسية الكردية ولا احد يعرف الى اين ستنتهي..

هذه الصراعات الجانبية التي تثار بين حين واخر في الساحة السياسية الكردية تظهر حقيقة ان العلاقة بين السلطة الكردية المتمثلة بالحزبين الحاكمينquot;الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالبانيquot;وبين المعارضة بفصائلها السياسية الثلاثةquot;حركة التغيير والاتحاد الاسلامي والجماعة الاسلاميةquot;لم تكن مبنية على اسس مشتركة سليمة، تتعاون وتتكاتف من اجل خدمة المجتمع الكردي، كما في الدول والمجتمعات الغربية، بل مبنية على المصالح الحزبية الضيقة والتربص للاخر وعدم الثقة المتبادلة، لا يمتلك اي من الطرفين خطة معينة للاصلاح السياسي وخاصة الاحزاب المعارضة، التي تدعو باستمرار الى الشفافية والاصلاح السياسي دون ان تكون لها رؤية واضحةquot;شفافةquot;وبرامج مطروحة بديلة، كلاهما يجاهدان في ايجاد ثغرة لدى الاخر واعلانها على الملأ، واذا تصفحت جرائد الطرفين ترى العجب العجاب، وكأنك في حرب ضروس بين عدوين لدودين يحاول كل واحد منهما ان يفتك بالاخر وليس بين طرفين تربطهما مصالح وعلاقات مشتركة لا تعد ولا تحصى، كل واحد يظهر نفسه على انه هو الوطني الغيور على الشعب الكردي ومصالحه وانه يمتلك الحقيقة المطلقة، طرفquot;المعارضةquot;يدعي العفة والطهارة ويحرص على اظهار نفسه للرأي العام الكردي بانه زاهد في السلطة ولا يريدها بل ويعتبرها رجسا من عمل الشيطان، لذلك نراه يتعفف من المشاركة في الحكومات الكردية المتعاقبة ويرفض الدعوات التي تعرض عليه بين حين واخر، وطرف اخرquot;السلطةquot;استفاد جدا من نظرة المعارضةquot;المثاليةquot;للسلطة وابتعادها عنها، فانغمس فيها وحصرها في يده، ومثلها في المحافل الدولية، واكتسب حضورا شرعيا وسياسيا لدى القوى العالمية المهيمنة، بينما ظلت المعارضة تكرر نفس مفاهيمها السياسية الثابتة التي لا تتزحزح وتدعو الى الاصلاح الجذري الشاملquot;نظرياquot;وتدور في نفس الحلقة المفرغة التي ظلت تدور فيها لسنين من دون ان تخوض في تفاصيلها او تكون لها خارطة طريق سياسية واضحة المعالم..

يبدو ان الطرفين المعارضة والسلطة قد اتفقتاquot;ضمنياquot;على توزيع المهام السياسية فيما بينهما بالتساوي دون ان يتعدى طرف على طرف اخر ؛ الحزبان الحاكمان يتكفلان بحمل مسؤولية ادارة الاقليم، بينما تتولى المعارضة مهمة اطلاق دعوات للاصلاح ومكافحة الفساد وتوجيه الانتقادات اليها، ومازال الطرفان ملتزمان بهذا الاتفاقquot;غير المعلنquot;، فهل رأيت السلطة تتحدث يوما عن ضرورة اجراء الاصلاح السياسي في مؤسسات الاقليم او ان المعارضة وضعت خطة محكمة للسياسة الخارجية او الداخلية للاقليم؟!! وقد سارت الامور بينهما على خير ما يرام وحرص الطرفان على عدم تدخل احدهما بشؤون الاخر، كل مؤسسات الاقليم من الخدمية والثقافية والامنية الى المؤسسات السيادية والمناصب الهامة خضعت لسلطة الحزبين الحاكمين، بينما تركت مهام عمليات مكافحة الفسادquot;الشكليةquot;ووضع الخطط الاصلاحية غير الموجودة اصلا، للمعارضة.. فاذا كان هذا هو واقع الحال السياسي في كردستان، فكيف تجرؤ المعارضة ان تزاحم السلطة في احد مناصبها الهامة كرئاسة الاقليم، وهي لا تملك اي شيء، ولا نحل ولا تربط، بماذا تحكم.. بالشعارات !!