يروى أن أحد المذيعين في إذاعة بغداد؛ أجرى لقاء ً مع المطرب حضيري أبو عزيز، في نهايته قال المذيع:
ـ نشكرك أستاذ حضيري على هذا اللقاء المهم!
انتفض حضيري قائلاً:
ـ لا. اللقاء بعده ما انتهى، أريد أككول للعراقيين تره داخل حسن آني جبته للإذاعة!
قيل أن داخل لم يزعل على حضيري، ضحك وعانقه، ومضى يعد له أغنيته الرائعة: quot;يحضيري بطل النوح، شالت هديه!quot;

وسواء صحت الواقعة، أم كانت مختلقة؛ فهي تنم عن أن الكثيرين من العراقيين يحبون حضيري أبو عزيز، مغنيهم الساحر الجميل، ويأخذون كلامه باللطف وحسن النية، ولا يعدونه ادعاءً أو عجرفة، وإنما إحدى عفوياته وارتجالاته النقية الصادقة والتي تستحق التداول.

لكن ثمة كلاماً للسيد نوري المالكي وثقته وسائل الإعلام: يدعي فيه أنه هو الذي أتى quot;بالمكون الآخرquot; وأشركه في الحكم، وإنه سيتخلى عن هذا النهج، ويتجه لحكومة أغلبية سياسية!
كلامه هذا لم يستقبله الناس الأسوياء كما استقبل كلام حضيري قديماً بلطف وترحاب، بل استقبلوه بمزيد من النفور والاستنكار! من هم رجال ونساء quot;المكون الآخرquot; الذي يدعي المالكي أنه هو الذي تفضل عليهم بفتات من السلطة، وعلى طريقة أكرموا عزيز قوم ذل؟

ألم يكن أسلافهم هم الحاضرون المجدون مع بزوغ الدولة الحديثة العراقية، فكانوا في طليعة بناتها بعد أن أدار لها الآخرون ظهورهم،وراحوا يضعون العقبات والألغام في طريق صعودها؟ كلام نوري المالكي يذكر أيضاً بكلام صدام حسين، أن العراقيين كانوا حفاة، وفي عهده فقط صاروا يلبسون الأحذية! المالكي يتصور أن الأغلبية الطائفية تعني بالضرورة الأغلبية السياسية. جاهلاً أو متجاهلاً أن في الطائفة التي يدعي تمثيلها هناك العشرات بل المئات من التيارات والاتجاهات السياسية المخالفة لتوجهاته، وتوجهات حزب الدعوة! وإن الأغلبية السياسية لا تتحقق بالمصادرة والإدعاء والاغتصاب!

إنها تتحقق بانتخابات نظيفة شفافة، دون ضغوط ولا تلاعبات تدعمها أموال الفساد، والفتاوى الطائفية السرية والعلنية، ولا تجري في أجواء منع التجول، والسلاح المشهر من عساكر ابتزت أصواتهم مقدماً، وبقوائم غيبت فيها أسماء الناخبين ثم أخيراً تكون الكلمة العليا للإيرانيين. ادعاء حضيري حين يستذكر اليوم؛ يبعث فينا الفرح والنشوة، ويعيدنا إلى ذلك الماضي العذب البسيط والمقنع حتى في سذاجته. بقيت أغاني حضيري خالدة في قلوب العراقيين تشدهم لروح العراق الواحد الكبير، لا يسأل الناس حين يستمتعون بها؛ هل إن حضيري شيعي أم سني، بينما سيأتي يوم يذهب فيه كلام المالكي، وحكمه الطائفي أدراج الرياح، ويصبح نسيا منسياً.