انطلقت الثورة منذ يومها الاول، وهي تعرف ان العصابة الاسدية، عبارة عن عنصر صغير في شبكة من المصالح والقوى الدولية والاقليمية، وهذه كانت مفهومة، وشعبنا يلمسها ويعرفها، لكن ما فاجأ شعبنا في الواقع، هو مايسمى المعارضة التقليدية، التي تحول قسم منها سريعا لطابور خامس من جهة، يسوق للنظام ويغطي على الجريمة، يسوق له داخليا عبر محاولات شق صفوف المحاولات الممكنة لقيام تمثيل سياسي حقيقي يليق بهذه الثورة من جهة اخرى. اما القسم الآخر او ما تبقى من هذه المعارضة التقليدية، لم يكن لديه تصور واضح عن كيفية اسقاط الطغمة. وهذا ما ادى مع عوامل أخرى إلى تخبطات شتى في صفوف المعارضة، ومازاد في الطين بلة، ونتيجة لذلك أن انضمام اجيال جديدة وسوريين جدد لصفوف المعارضة في الداخل والخارج، فلم يجدوا مؤسسات معارضة تستبوعهم، فبادروا لتشكيل مؤسساتهم، عبر محاولات كثيرة، واستطاع بعضهم ان يخطف المشهد من هذه المعارضة التقليدية واسماءها، حتى وصلنا لتقسيم مأساوي في اذهان هذا الشعب، مأساوي ومضحك لهذه المعارضة التقليدية، ومن انضم لها لاحقا، التقسيم يمكن تكثيفه بالتالي: هيئة التنسيق واسماءها وحواشيها ومن انشق عنها، عبارة عن طابور خامس للسلطة، وعملاء للنظام ولحزب نصر الله. اما القسم الآخر فتحول بنظر هذا الشعب إلى شلة من الحرامية والآفاقين الذين ركبوا الثورة من اجل مصالحهم الخاصة والفاسدة. حيث كان هنالك صراع بين الطرفين من جهة وداخل كل طرف من جهة أخرى، اثناء ذلك لمع الجيش الحر في سماء سورية، كمشروع شهادة من اجل الحرية واستطاع ان يكسب ثقة الناس، لكنه كان يفتقد لقيادات سياسية حقيقية، وتدخلت المعارضة في وضعه، وانعكس هذا التدخل شقاقا ايضا. هنا كان على الدول الفاعلة التي كانت تسعى منذ بدء الثورة لتزمينها وصوملتها، ما لم يستطع النظام الفاشي القضاء عليها. خلقت جبهة النصرة من الرحم الاستخباراتي الامريكي وغيره، لكي تشق التمثيل العسكري للثورة، والذي هو الجيش الحر..26 شهرا على عمر الثورة، والمشهد لايزال كما هو، والدليل ان كل الاطراف هذه دعيت لجنيف2. واستبعدت جبهة النصرة لأنها من صنع اياديهم، وهنالك قسم من فاعليها، اتوا من العراق وهم على علاقة جيدة في السابق بالاستخبارات الاسدية.

قوة ارهابية ادخلوها لجسد الثورة.
السيناريو الامريكي- الاسرائيلي: القضاء على الثورة او صوملتها، واغراقها بالتفاصيل من اجل طمس معالم الجريمة، ومن اجل الوصول لحالة، يخرج فيها اصحاب هذا السيناريو رابحين مهما كانت النتائج، بقي آل الاسد، فترة اخرى هم رابحين رحلوا هم رابحين، تدمرت البلد هم رابحين، اجروا تعديلات على هذا السيناريو من موقع القوة هذا هم رابحين أيضا. التوافق بين الطرفين رفض امريكا التدخل لصالح الشعب السوري. هذا السيناريو موضوع على طاولة المعارضة منذ الاسبوع الاول للثورة، فلا احد يجرؤ الآن على القول انهم اكتشفوه لاحقا..ولدي من المعطيات الكثير التي تؤكد ذلك. ومن يذكر على الاقل مؤتمر انطاليا للمعارضة السورية،قبل سنتين من الآن ايار 2011، يتذكر أن مجموعة قوى التي شكلت هيئة التنسيق لاحقا وغيرها من رموز المعارضة الاخرى، رفضت الحضور والمشاركة، تحت حجة ان الموضوع يلزمه تحضير اكثر، وأنه مؤتمر لطلب تدخل خارجي على غرار المجلس الانتقالي الليبي. هم ضد التدخل الخارجي. الآن نفس القوى ذاهبة لجنيف2 من اجل تسويق بشار الاسد والخيار الايراني- الروسي.

اما الائتلاف فذاهب وليس لديه سوى احساس بالتمزق النسبي، بعجره وبجره كما يقال فانه يحمل مطالب الثورة، ولا يستطيع حمل اي برنامج آخر، لأنه بذلك يسقط نهائيا. نتيجة لما نراه من حجم التواطؤ على الثورة. اخطر ما عانت منه الثورة هو الطابور السياسي الخامس وغيرهم من ادعياء الفكر والثقافة..

جنيف2 لطمس معالم الجريمة بحق الثورة، ولاقرار نهائي انها لم تعد ثورة بل حربا اهلية. دون ان ننسى أن أي ناشط منحدر من الطائفة العلوية، ووقف مع الثورة، كانت تحيط به كتلة كارهة للثورة وقاعدتها الشعبية. كارهة حتى حدود الحقد، وليست خائفة على مستقبلها كما يتم التسويق غدرا. لهذا كانت القاعدة الشعبية للثورة تحتفي به، لاحساسها بكم هذا الحقد، من خلال الجريمة اليومية للشبيحة والمخابرات والجيش الاسدي، التي تقوم بها بحق هذه القاعدة الشعبية.

الثورة منذ 18.03.2011 انطلقت لكي تسقط النظام الاسدي، وتعيد سورية لمسار الدولة الطبيعية، كبقية دول الارض، دولة ديمقراطية، لا احد في هذا الكوكب المريض لا يعرف ماهو هذا النظام الفاشي وماهي طبيعته الاقلاوية، الشعب السوري الذي خرج في تظاهرات سلمية، لمدة ستة اشهر متواصلة، وعصابات الاسد من جيشه إلى مخابراته إلى شبيحته، منذ اليوم الاول وهي تقتل وتسرق وتنهب وتعتقل وتهجر. كل هذا كان يتم تحت سمع وبصر العالم كله، حتى نعرف ما تعرضت له الثورة، نفتح قوسين غير اجرام العصابة الاسدية، والدعم الروسي والايراني المشارك بالجريمة، القوس الاول هو الطابور السياسي الخامس من جهة، والسيناريو الامريكي الاسرائيلي من جهة اخرى، واول ملاحظة اتفاق طرفي القوس واضح، ضد التدخل الدولي شق صفوف المعارضة والجيش الحر، والاستمرار في تلفيق الكذب عن الثورة، وضخ اعلامي لتشويه مطالبها.

ملاحظة: لاتعبوا حالكم باللعب على قضية ما تمارسه جبهة النصرة، فهي تربية مخابرات اسدكم في العراق وغيرها. وثقافتهم من ثقافته وثقافة شبيحته..
جنيف2 يعتقد هؤلاء انه انتصار لهم، وان الامريكيين سلموا الملف للروس، الامريكيون يريدون طمس معالم الجريمة والغاء ما يعرف بالعدالة الانتقالية، لهذا هم لم يحاولوا ولو محاولة واحدة اعتبار هذا النظام مجرم حرب وضد الانسانية، واستمرارهم اللعب على تخسير إيران وروسيا. لكن اعتقد ان الائتلاف سيُفشل طمس معالم الجريمة، وابقاء الثورة ومطالبها بوجوه المؤتمرين لأنه ليس لديه غير هذا من جهة، والثورة ستستمر مهما كانت السيناريوهات من جهة اخرى، واجزم ان القطب الديمقراطي المشكل حديثا سيكون سندا حقيقيا لهذا الموقف.. لأنها ثورة شعب يبدع من اجل نيل حريته، وليست ثورة معارضة تقليدية، وما تحمله ويتحمله هذا الشعب، هو من اجل كرامته وحريته. وايا كان ما يطبخ في جنيف2 اسدكم ساقط..ساقط..