معلولة، أيّتها الرّاهبة المتهجّدة على ربوة القداسة الحالمة بالتّسامح في ليل الكراهية.. أكنت تعتقدين أنّ مجرّد الصّلاة بلغة سيّد المحبّة سوف يخرجك من زمن الجنون؟ هل كنت واهمة إلى هذا الحدّ من البلاهة؟ إنّ حكمة الزّمن المتدفّق من الأزل إلى الأبد هي من أعطتك كلّ هذه الوداعة الباذخة.. لقد كان ردك الواهن بين الصّلاة والتّأمّل بأنّ سيّدك الذي يبحثون عنه لم يعد هنا.. لقد سبقهم إلى صلبه أسلافهم الغابرون. فزاد ذلك من وهج الغضب في عيونهم وقرقع السّلاح الذي يتناكبون، فانقطعت صلاة قد بدأت منذ أكثر من ألفي عام.. وأصرّوا على استصحابه إلى طورا بورا ليصلب من جديد.. اتّهموك بإخفائه في أحد أديرتك العتيقة.. هذا ما فهمته من صراخهم، ولكنّ عباراتهم كانت أقسى من ذلك بكثير. إنّهم اتهموك بإخفائه في أحد أوكارك التي تفوح منها رائحة الشّرك. ولكنّك عندما تصفّحت معاجم القداسة العربيّة القديمة لم تجدي هذه الكلمات أو مدلولاتها بالآراميّة، لغة المذنب التّاريخيّ الذي أتوا للسّطو عليه.

إنّهم أعدّوا العدّة لكلّ شيء. لقد خرّبوا كلّ الطّرق المؤدّية إلى الخلاص وفخّخوها بالقنابل والألغام فهالك أن لم يعد ثمّة طريق حتّى للآلام إلاّ طريق واحد إجباريّ يفضي إلى الموت.

هرعت إلى المحراب تصلّين هذه المرّة من أجل مزيد من القوّة على حمل الصّليب وكاد الأمر أن ينتهي وتسدل ستارة التّاريخ على الفضيحة التي أشاحت كلّ الشّعوب بوجوهها عنها وأغمضت أعينها حتّى لا ترى سحنتهم المشوّهة على مرآة الخطيئة... لولا بروز خبر عاجل استوقف التّاريخ مفاده أنّه قد ثبت بما لا يدعو مجال للشّك أنّ عمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وعليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وخالد بن الوليد قد حرّفوا القرآن وحادوا عن مقاصد الرّسالة لأنّهم عندما فتحوا الشّام لم يهاجموا معلولة ولأنّهم مرّوا بتماثيل بوذا ولم يدمّروها وفتحوا مصر ولم يعملوا السّيف في رقاب أقباطها، هل كانوا بفعلتهم هذه يحرّفون الكلم، أم كانوا امتدادا للمنافقين والمؤلّفة قلوبهم، حتّى منّ اللّه على أمّة الإسلام بعصبة أكثر طهرانيّة من الصّحابة وأعمق إيمانا من التّابعين متمثّلة في جبهة النّصرة والقاعدة وأنصار الشّريعة وطالبان ليصحّحوا إسلامنا بعد أن أوحي إليهم بأنّ المحبّة والتّسامح والإيمان بالكتب والرّسل هي آيات شيطانيّة غير واجبة الاتّباع؟

أحببت أن أذيع فيكم هذا الخبر العاجل الذي سقط سهوا من التّاريخ ويبقى عاجلا وجديدا بعد أربعة عشر قرنا على اعتناقنا إسلاما يفتقر إلى الصّراطيّة. وشكرا لقناة الجزيرة إذا تفضّلت بنشره مرفوقا بصورة شيوخها بن لادن والظّواهري وآكلي قلوب البشر.