ما حصل، وبشهادة شنكال وكل الشنكاليين، وفي مقدمتهم المحسوبين حتى الأمس القريب، قبيل سقوط شنكال بطلقة او طلقتين، على أهل الحكم و حامي حماة "جمهورية الخوف الشنكالية"، الحزب الديمقراطي الكردستاني، هو ضرب من ضروب الطعن "الكردي" غير المسبوق في الظهر الكردي "الأصيل"، او ربما "لعبة" او "خطة" عسكرية واستخباراتية مدروسة بدقة، لتمرير اجندات إقليمية او دولية، لها علاقة بالصراع الإقليمي والحرب الدائرة في سوريا، منذ حوالي ثلاث سنوات ونصف، وتداعياتها الخطيرة على المنطقة.

كردياً، هناك سؤال كبير لا يزال يطرح نفسه في شنكال بقوة، وهو لماذا أدارت حكومة الديمقراطي الكردستاني ظهرها لشنكال والشنكاليين، بسهولة غير متوقعة، ليشكل انسحابها المفاجئ، بدون قتال، لغزاً كبيراً لا يزال يحير الكثير من المراقبين والمحللين والسياسيين في اقليم كردستان وخارجه.

واللغز المحير الاخر، هو الانسحاب الجماعي، للفوق الحكومي، دون سابق إنذار او تحذير، او إشارة للقيام بأية محاولات لإخلاء المدنيين، وهروب جميع قيادات الصف الاول في كل مفاصل الحكومة الكردية، واجهزتها الحزبية، والاستخباراتية، والأمنية، وكامل منظومتها الدفاعية من قوات البيشمركة والزيرفاني، قبل السكان المدنيين، ما وضع الكثير من علامات الاستفهام والشكوك حول هذا الانسحاب "المنظم"، وهو ما فسره الكثيرون وكأنه عملية "تسليم واستلام" متفق عليها سلفاً.&

لا شك ان هناك سيناريوهات كثيرة لتفسير هذا "الانسحاب" الكردي المفاجىء وغير المتوقع، الذي بدأ بشنكال وامتد الى المناطق الاخرى في سهل نينوى، الواقعة تحت المادة ١٤٠ من الدستور العراقي، والتي تسكنها أقليات اخرى الى جانب الايزيديين مثل المسيحيين والشبك وغيرهم.

لكن السيناريو الأكثر قرباً الى الواقع، هو لفت أنظار العالم وعلى رأسه أميركا والغرب الى مسلسل محو الأقليات وتهديدهم من قبل تنظيم الدولة الاسلامية (داس) المعروف سابقاً ب"داعش"' وإفراغ العراق وأقليمه الكردي منها، عبر صناعة التراجيديا الايزيدية على مسرح شنكال الدموي، لإقناع الرأي العام العالمي بضرورة تسليح القوات الكردية، للقيام بهمة "حماية" الأقليات، نيابة عن المجتمع الدولي.

الذي يؤكد هذا السيناريو هو بروز قضية "تسليح" قوات الإقليم، باعتبارها واحدة من اهم الموضوعات التي تصدرت النقاشات بين الدول الكبرى مثل أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الاوروبي. وما يعزز هذا السيناريو اكثر، هو وضع هذه الدول ملف "تسليح الأكراد" على رأس أولوياتها، دون ان تتحقق اي خطوة عملية جادة، حتى اللحظة، لحماية هذه الأقليات، وإنقاذها من مصيرها المجهول، حيث لا يزال هناك حوالي نصف مليون نازح (ثلاثة أرباعهم من الايزيديين، والبقية من المسيحيين والشبك الى جانب مكونات اخرى) بدون مخيمات، بلا مأوى ولا مأكل ولا مشرب، محرومين من ابسط مقومات الحياة.

ففي الوقت الذي كان من المفترض به ان تقف دول كبرى مثل أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا امام مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية، تجاه كارثة شنكال التي راح ضحيتها حتى الان (والأرقام في تصاعد مستمر) ما يقارب ألفي ايزيدي، ممن ماتوا او قتلوا بسبب العنف او الجوع او العطش او الجفاف، واكثر من ١٠٠٠ امرأة سبية، وتهديد حياة ومستقبل اكثر من ٢٥ الف طفل، بحسب اليونيسيف، بالاضافة الى تشريد اكثر من ٣٥٠ الف ايزيدي و حوالي ٥٠ الف مسيحي وشبكي، ونزوحهم الى سوريا وإقليم كردستان وتركيا، نرى هذه الدول تتسابق على مد اقليم كردستان بالسلاح، كما تبين من تصريحات وزيارات مسؤولي هذه الدول الى هولير.

قبل مد اكثر من ٤٠٠ الف نازح ايزيدي ومسيحي وشبكي بالخبز والماء والدواء، سارعت هذه الدول الى الإعلان عن نيتها ب"مد أكراد العراق بالسلاح"، كما صرحت باريس ولندن وبرلين وواشنطن.&

ربما كان رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني صادقاً مع نفسه ومع حلمه الكردي في تحقيق "كردستان مستقلة"، باتت في مهب الرياح الأميركية، حين قال في اكثر من اجتماع مغلق له ( بينها اخر اجتماع مع الايزيديين)، ان "أميركا أدارت ظهرها لهم"، في إشارة واضحة انها لم تف بوعودها تجاه أكراد العراق في ما يتعلق بحقهم في تقرير مصيرهم، وإنشاء دولة كردية مستقلة، كما هدد بارزاني بغداد بإعلانها مراراً، لكن السؤال هو:

لماذا أدار بارزاني ظهره للايزيديين والاقليات الاخرى، ومقابل ماذا؟

وبين حلم بارزاني في "كردستان أفضل" وحلم الايزيديين والأقليات الاخرى في حياة أفضل، يبقى السؤال الأهم:&

هل ما جرى ولا يزال في الشطر الغربي من سهل نينوى، كان صفقة سرية دولية، اشترك فيها اكثر من لاعب عراقي وإقليمي ودولي، عنوانها "شنكال مقابل السلاح"؟

&