ها قد بدأت ملامح اللعبّة الدولية تتضّح أكثر من ذي قبل. أصبحت الآن مجسّمة وبالألوان الطبيعية. الاصطفافات بدورها بدأت تتبلور وتتشكّل في محاور معلنة، تدور حول& الخراب وترقص فوق الحرائق والأشلاء المتناثرة. القيصر الروسي& يقتحم الأسوار بمعيّة غلمان ابليس.
&الشيطان الأكبر في اجازة بدون مرتّب للتخفيف قليلا من وزنه. وهو يكتفي حاليا، بالمراقبة والترقّب ومواصلة النظر لمشاهد الدخان والرماد والدماء والمفخخات على الجسور والحدود والطرقات.
&رائحة الموت والبارود والجثث التي لم تدفن بعد على جبهات شرق المتوسط المنكوب بكلّ المعاني. الأقمار الصناعية ترصده وترصدنا من الفضاء ومن الجوانب وتحصي أنفاسه وأنفاسنا الباقية من وراء زجاج معتم.
&على من سوف نصبّ اللعنات بعد الآن؟. وعلى من سنسحب كلّ خناجرنا ونتنافخ& شرفا؟. ربّما على الجميع، محلّيا واقليميا ودوليا. ولكن ما أصعب المعركة مع الأشباح والشياطين والأبالسة.
&كان الحلّاق الثرثار في درس القراءة القديمة يلعن الروس واليابانيين والناس أجمعين قبل أن ينهال على أمّ رأس الزبون بالموس والمقص كساحة متاحة أمام عملياته "العسكرية".
&هل كان عصابيا ومجنونا أم كان مدركا لحقائق عالمه الخارجي الذي"يحلق لنا" بإستمرار؟.
&أم نحن الذين أصبحنا طواعية زبائن لهذا العالم الذي طالما لعنّاه في العلن وعشقناه في السرّ، دون أن تناله اللعنة ودون أن يكون لنا في عشقه من وصال؟.
&ثمّ هل كان ذلك الحلّاق الشعبي، يثرثر حقّا وقتها؟. وهل كان يهذي ويثور ويكيل الشتائم شرقا وغربا، لمجرد تمضية الوقت، أم كان بدوره مثل زرقاء اليمامة يرى ما لا يرى؟.
هذا هو العالم بحقائقه المرّة وبلا قناع، وبطعّمه الذي بات علقما في القرن الحادي والعشرين، وهذه هي اللعبّة عارية أمامكم الآن تماما أو تكاد. هي مغرية وفاتنة لمن يودّ ويستطيع اليها سبيلا حلالا أو حراما أو بالمتعة المؤقتة. وهذه هي أيضا، الضحية الراقدة وحدها تحت الشمس ، دامية وتنزف جراحها بلا توقف.
لا بدّ من وصال أحد الطرفين، روسيا أم أمريكا؟. وربّما معا، أو ربّما كما كان عليه الحال في سنوات الحرب الباردة. الّا أنّ اللعب على الحبلين لم يعد ممكنا لفريق الكومبارس القديم ولا لجميع الصغار من اللاعبين الذين قفزوا على مسرح الاحداث صدفة ومن وراء الكواليس.
&اللاعب الوطني عاجز ومشلول& في اللحظة السياسية الراهنة. واللاعب الاقليمي بهلوان مجرّب، والساحة لا تستوعب جميع اللاعبين. النواقيس تقرع والأوان قد حان وساعة العمل& قد دقّت لتوزيع ورسم الخرائط الجديدة.
&هناك مهرّجون وحواة وسحرة ودجّالون في طابور الإنتظار لكي يشغلوا سيرك العمليات الجارية. وفي الميدان ثمّة وحوش مدرّبة بحرفية عالية تسمّى "داعش"، وعلى كراسي االسلطة، ثمّة ضواري طائفية بملابس رسمية، مستأنسة جدّا، تسمّى "داعر".
هي لم تعد تفترس وتقتل وتزوّر وتسرق& وتنهب وتشرّد، سوى من بني جنسها الطائفي والمذهبي والأثني والديني والوطني، وتلتهم بمنتهى الشراهة، كلّ مشتركات التاريخ والغناء والعطور والبخور والصلاة والتقويم الشفهي والمكتوب .
&وهناك أيضا، رجال المال والأعمال وآلهة البنوك والمصارف وعصابات الجريمة المنظّمة وتجّار الرقيق والسبايا والمخدّرات والأعضاء البشرية وتهريب الآثار والنفط وغسيل الاموال .
&انّه سوق "مريدي" العراقي في زمن العولمة. عنوان محلّي وكاريكاتوري عريض لمرحلة السوق المفتوحة والحدود المفتوحة وجيوب الدولة المفتوحة وآبار النفط المفتوحة ومرحلة الآمال& والطموحات المغلقة.
مرحلة السوق الكونية المشتركة والمتحّدة& للنهب والقتل والتزوير من وعلى أرض العراق الذي وضع في خدمتها بأيدي مناضليه الأشاوس. تبا له من عالم بارد وسحيق كعيون الوحوش المفترسة.
أ لم أقل لكم بأنّ الحلّاق الثرثار لم يكن يثرثر؟.

باريس