&

إختبار الجدل والدجل الديني والسياسي يوصلك الى تصور مذهل. ويتصور البعض، وأنا منهم، أن فصل الدين عن الدولة هو الحل الأمثل لتسير شؤون الدولة ومهامها ومنع دجل رجال الدين وإفيونهم من ممارسة السياسة بعد أن فقدوا الطريق الألهي القويم.وإنهاء جدل ومناظرات رجال السياسة وفسادهم الدنيوي. ولكن طبيعة الحياة الدنيوية وفساد وتهور الطبقات السياسية وورجال الدين من { لعلهم يتقون} أدخلونا داخل حلبة المصارعة وجعلتهم جزءاً من قرارات خراب ودمارالدولة المدنية.&

كي أوضح الصورة بطريقة أسلم، وبطبيعة الحال لما يجري يومياً، فأن علينا أن نأخذ عينات من رجال السياسة الحاليين في الدول الدستورية الديمقراطية، كأمريكا، التي فصل دستورها مهام الدين عن إدارة الدولة، لنجد أنه من السخرية أن يصبح إستغلال الفكر الديني سياسياً وإستغلال الفكر السياسي دينياً هي الممارسة الزمنية شئنا أم أبينا. المفكرون والفلاسفة والسياسيون والمتدينون الأمريكيون الذين نزلوا الى حقل الترشيح الرئاسي هم خير مثال.

ففي دولة الراسمالية وعنوان الأنتخابات الحرة الديمقراطية في العالم، حصلَ الطبيب الجراح ورجل الدين المسيحي المحافظ د. بنيامين سليمان كارسن Benjamin Solomon Carson المرشح للرئاسة الأمريكية للعام القادم 2016،على أكثر من 20 مليون دولار تبرعات مالية في خلال 3 أشهر من حملته. ونستشف من حديثه عن الإسلام و نظرية خليقة الكون والله والكائنات ونظرية النشوء خطورته لو تبوأ الرئاسة الأمريكية.

وفي بداية حملته وفي مقابلة مع الصحفي الأمريكي جيك تاد، لإختبار أفكاره في الدين والسياسة، طرح عليه سؤال : هل من المهم للناخبين أن يحمل رئيس الولايات المتحدة معتقد ديني معين؟

أجاب كارسون : ذلك يعتمد على نوع المعتقد والأيمان الديني. فأذا كان ذلك الأيمان يتماشى ويتلائم مع الدستور والقيّم والمباديء الأمريكية، فمن الطبيعي أن يكون للمعتقد الديني أهمية. وعندما سأله : أذا كان الأسلام يتماشى ويتلائم مع الدستور؟ أجاب بنجامين سليمان كارسن : لا. لاأظن، كما أني لا أدعم رجل مسلم ليكون مسؤولاً عن الشعب الأمريكي ولن أوافق على ذلك إطلاقاً ".

فبأختبار بسيط تستطيع أن تكتشف هذه الروح الدينية السياسية المميزة للأديان المتأجررة الخاضعة للإضطراب الديني&

أما المبشر الديني المتطرف مايكل هكيبي Mike Huckabee وبعد فشله الذريع وهزيمته لبراك أوباما في الأنتخابات الرئاسية لعام 2008، فقد إلتجأ الى التبشير الديني ومناوئة الحركات الأسلامية وإعتبر الدين الإسلامي ديناً عدائياً إرهابياً. وهو الذي أشار وصرح نصاً بأن "واشنطن نادي للتعري الليلي وحان الوقت لحرق الماكنة السياسية فيها".&

Mike Huckabee: Washington is a strip club; time to ‘burn down’ political machine.&

Benjamin Solomon CarsonMike Huckabee at the 2014 & &&

العراق والدول العربية والأسلامية بقومياتها ومكوناتها المذهبية والسياسية عليها أن تتعامل بحذر مع الكثير من مناظرات الجدل السياسي والدجل الديني، حيث نرى مشاركة البعض منهم في قنوات إخبارية إعلامية، بتواضع وحسن النية والطيبة الساذجة ومنهم بخبث التأمر ودعوات القتل والجهاد والسيطرة والنفوذ.&

التلمود البابلي والتلمود الاورشليمي في الاسفار الخمسة والاناجيل المعتمدة (وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا )، أي بيّنا ما فيه من التخويف والتهديد والثواب والعقاب { لعلهم يتقون}.

يتفق المسلمون مع اليهود على أن التوراة كتاب الله أنزله على نبي الله موسى و فيها حكم الله و هدى و نور و رحمة كما توضّح الآيات في القرآن. ويؤمن المسلمون بأن التوراة اليوم طرأ عليها تعديل كبير فيه زيادة و نقصان (تحريف بشكل عام) مقارنة بالتوراة المنزّلة على نبي الله موسى.التوراة ومعناها بالعبرية " التعليم ".كانت قد ذُكِرت في عدة مواضع في القرآن. ﴿وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ، وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43).

الفكر الديني وإستغلاله لسياسة دولة وحكومة لم يتوقف يوماً، حتى لو كانت حكومة الدولة منتخبة دستورياً وشعبياً. والمكرة من رجال الدين إلتحموا وإندمجوا بالفكر السياسي بالجدل والدجل ,ادخلوا نظريات ربانية على الفكر الماركسي والرأسمالي والأشتراكي والثيولوجي وأتكئوا جنب عرش الخليفة والسلطان والأمبراطور في مختلف العصور وإستجابوا لأفكارهم.&

وكان هذا التحاماً شكلياً حققَ في أكثر الأحيان مصلحة ومنفعة ورغبة الطرفين "الحاكم ورجل الدين المتكئ حول عرشه". تبادل المكرمات وركوب موجة الفكر السياسي تتطلب من رجل الدين أن يتكئ عليها قلباً وفكراً وركوب موجة النظام الحكومي ومساندته بهيئاته المختلفة كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهيئات الظلم والفساد ومرجعيات خيرية ومنظمات المعقول والمعسول والمحاكم الشرعية المطلقة حيث تظهر إستطاعة رجل دين وهو يجاس على سجادته الحكم بالبراءة أو التجريم، والنفي والنكران على ما يسلط من ضوء على الحكومة من فساد وظلم وأعتباره باطلاً مُستنكراً دينياً وتنسبه الى الكفرة.

وتناقش معاهد الدراسات الدولية شكل هذا الإلتحام والتوازن وإنتساب هيئات دينية الى أقوال الله تعالى وأنبياءه وماورد في الكتب الدينية، كما تناقش تشكيل الدول لجبهات قتال الأرهاب الديني، فيما يعتقده البعض طبيعياً بينما يعتقد الأخرون أنه إستغلالاً لأخلاقية الدين والمثل العليا للمجتمع.

&وصلب الموضوع غموض التفسيرات وحججها ومن يتولى تحريفها أو ثبوتيتها.&

﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)﴾ (سورة الصف)

هذا الألتحام المعقد لا يقدم حلول موضوعية مقبولة وقد جاء غموضه بائساً خائباً لإنقاذ الحق والبشر ونشر العدالة بين نظام حكام الدولة وماهو منسوب إليها من هيئات دينية وتشريعية. هذا الألتحام وبهذه الشيطنة، يتمم بعضه بعضاً ويصعب محاربته وتكذيبه.

ضعف الإيمان تجده في إختلاف الفقهاء فى التفسير وربما يكون من عظائم الظلم " أن تقتل النفس التي حرم الله قتلها ثم ننسب ذلك لقوله تعالى بجواز القتل وتحليله وهو قائم في كل الأعراف والأديان بسبب التداخل بين الدين والسياسة وخيانة قادته للمواثيق والعهود. أنظروا ماذا أفادنا كهنة وطواغيت التوراة في العهد القديم وكيف غيّروا نصوص القتل في العهد الجديد بتقمص عقيدة السلام شالوم وأرض الميعاد وآمنوا بأن الله فوّقهم بدرجات وإستعلاهم دينياً وأصبحوا شعب الله المختار.

&الله يختار؟ موضوع للمناقشة الجدية منذ عهم موسى وشقه البحر بعصاته السحرية.&
&

كاتب وباحث سياسي مستقل&