&

تتوسع خريطة انتشار تنظيم "داعش" لتشمل دولاً عربية، تختلف أشكال تواجد ومناطق عمليات هذا التنظيم فيها. إذ أنه يبسط سيطرته على أراض في كل من سورية والعراق وليبيا. ويتواجد في مصر من خلال جماعة أنصار بيت المقدس. وفي لبنان ثمة جماعات إسلامية تعلن ولاءها فكريا له. وفي قطاع غزة، تتواجد بعض الجماعات السلفيّة الجهاديّة، ومن أبرزها: جماعة "جند أنصار الله"، وجماعة "جلجلت" التي تُعرف أيضاً باسم "أنصار السنة"، وتنظيم "جيش الإسلام". وفي الجزائر، يوجد عدد من التنظيمات الصغيرة مثل “جند الخلافة في أرض الجزائر” و”ولاية الجزائر”، وتضم عناصر منشقين أو كانوا تابعين لـ”تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” قبل إعلانهم الولاء ومبايعة "داعش". كما يتواجد تنظيم “المرابطون” الذي بايع عدد كبير من مقاتليه تنظيم "داعش". ويستهدف "داعش" بعض الدول العربية بهجمات محدودة ومن تلك الدول: تونس، والكويت، والسعودية، واليمن.

ورغم غياب إسرائيل عن خطاب تنظيم "داعش" وعدم قيامه بمهاجمة او تهديد لاي من مصالحها. وهو الغياب الذي فسر بأن "داعش" ترى ان الحرب النهائية لتحرير فلسطين تقودها دولة الخلافة بعد أن يتم لها التمكين والتمتين؛ وهذا لا يتحقق حسب "داعش" الا بالسيطرة على بغداد ودمشق وكل بلاد الشام اولاً. إلا أنه ساورت الإسرائيليين مخاوف وشكوك وطرح السؤال التالي: هل فعلا تنظيم "داعش" موجود في إسرائيل أم هو فزاعة؟.

وقد استندت المخاوف الإسرائيلية من إمكانية تمدد تنظيم "داعش"، وتشكيله "خلايا نائمة" داخل إسرائيل، إلى معلومات أعلن عنها جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" تفيد أنه منذ اندلاع الحرب في سوريا سنة 2011، انضم عشرات من فلسطينيي1948، من حاملي الجنسية الإسرائيلية، إلى منظمات سورية مسلحة تحارب قوات الجيش السوري. وقُتل إثنان، على الأقل، منهم في سوريا في العامين 2013 و2015.&

وتم تقديم لوائح اتهام خلال العامين الأخيرين لنحو 20 شاباً من مدن وقرى داخل ما يسمى "الخط الأخضر" منها: ام الفحم ودير حنّا و الرملة ويافة الناصرة والناصرة، والقدس "الشرقية".&

وسجل جهاز "الشاباك" – الأمن الداخلي الإسرائيلي- حادثة تخريب نصب تذكارية للذين سقطوا من الجنود الدروز في قرية دالية الكرمل. وكتابة شعارات "داعش"عليها.&

&وأعلن أيضاً عن توزيع بيانين ل"داعش" في القدس، تضمنا تهديدا مباشرا لمسيحيي المدينة، ومطالبتهم بالرحيل من القدس. وقد حاولت أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، والتي تنشط في المدينة بشكل غير رسمي، التحقق من هذه البيانات، ورغم انها من الناحية الرسمية تحاول إلصاق الأمر بالمخابرات الاسرائيلية على أنها تسعى إلى دق الأسافين بين مكونات المجتمع الفلسطيني، الا أنها تبذل جهدا لمعرفة ما إذا كانت أطراف محلية في المدينة تقف خلف الموضوع.&

&بالمقابل، أعلن تنظيم "داعش" عن إعدامه متهماً بالتجسس لصالح "الموساد". وذلك من خلال بثه شريط فيديو تضمن اعدام شخص قدم على انه عربي اسرائيلي متهم بالتجسس لصالح "الموساد"، وتوعد فيه جهادي بالفرنسية بمهاجمة اسرائيل. وظهر في الشريط الذي بلغت مدته نحو عشر دقائق، شاب قدم على انه يدعى محمد سعيد اسماعيل مسلم وقد ارتدى لباسا برتقالي اللون، كما صور جواز سفره الاسرائيلي.وبعدها قام فتى صغير السن يرتدي ثيابا عسكرية بقتله برصاصة في الراس. وكان والد محمد سعيد اسماعيل مسلم قد نفى في شباط/فبراير 2015 ان يكون ابنه يعمل لصالح "الموساد" بعد ان نشرت مجلة "دابق" التابعة لتنظيم الدولة الاسلامية مقابلة مع الشاب البالغ ال19 من العمر، اكدت انه عميل للاستخبارات الاسرائيلية.&

واتخذ "الشاباك" خطوات عملية احترازية ضدّ الدولة الإسلامية، وقد وقع وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه بوغي يعلون 3/9/2014 على مرسوم يعرّف تنظيم الدولة الإسلامية بصفتها " اتحاد غير مسموح به". ليمكّن جهاز الأمن الإسرائيلي من اتخاذ خطوات قضائية ضدّ كل نشاط أو تنظيم متعلق بتنظيم الدولة الإسلامية في نطاق إسرائيل أو خارجها.&

&وبعث وزير السياحة، د. عوزي لانداو، في 15/10/2014 رسالة إلى رئيس الحكومة وطلب من خلالها انتزاع الجنسية الإسرائيلية من كل إسرائيلي يقاتل ضمن تنظيم "داعش". وكانت زيرة القضاء، تسيبي ليفني، قد قدمت في جلسة طوارئ" عقدتها الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتانياهو، في 10/9/2014، اقتراح قانون يتيح محاكمة كل "مواطن إسرائيلي" يشارك في تنظيم إرهابي مسلح ذي أيديولوجية إسلامية متطرفة، مثل "داعش". ويمنع "انضمام أي مواطن أو مقيم في إسرائيل إلى تنظيم مسلح في الخارج". وبررت اقتراحها بقولها:"لكل دولة الحق في الدفاع عن نفسها، وإسرائيل ليست شاذة. مواطن إسرائيلي الذي ينشط بتنظيم إرهابي الذي تحركه عقيدة إسلامية متطرفة ستتم محاكمته (....) وتشريع القانون خطوة داخلية، لكن من المهم أن ترافقها خطوات خارجية بهدف تشكيل محور مشترك مع الدول الغربية والدول العربية ضد الإرهاب الإسلامي المتطرف”.&

وفي هذا السياق، كان وزير الأمن، موشي يعالون، قد وقع أمرا، يعتبر تنظيم "داعش" و"كتائب عبد الله عزام" رسميا على أنها "تنظيمات غير قانونية.&

وشكلت في الجيش الإسرائيلي وحدة عسكرية تدعى وحدة "ريمون" لمواجهة الإرهاب من جهة الحدود المصرية. ولعل أحد الأسباب وراء تشكيل هذه الكتيبة هو التهديدات الجديدة التي تواجهها إسرائيل على حدودها، ولا سيما تعاظم قوة تنظيم "داعش"، سواء كان في الحدود الشمالية مع سوريا، أو في الجنوب، في سيناء، قريبًا من الحدود بين إسرائيل ومصر وداخل قطاع غزة.&

أما وزارة الخارجية الإسرائيلية فقد أشارت إلى تعاوُن استثنائي بين إسرائيل وتركيا أدى إلى إعادة شاب إسرائيلي خطّط للانضمام إلى قوات "داعش" في سوريا.&

وأقامت "الهيئة الإسرائيلية لدعم اليزيديين"، في 10/9/2014 مؤتمرًا خاصًا للتعبير عن التعاطف الإسرائيلي مع الشعب اليزيدي، الذي يتعرّض لإبادة جماعية من قبل تنظيم "داعش". والهدف المعلن لهذه الهيئة هو إنقاذ الشعب اليزيدي من الإبادة من خلال زيادة الوعي المتعلق بمسألة الإبادة الجماعية. وورد في النص التأسيسي للهيئة: "كيهود، إسرائيليين وآدميين لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي بينما شعب كامل معرّض للإبادة وبينما بدأت مجموعة من المجرمين بمخطط لتدمير هذا الشعب من أكبر شخص فيهم إلى أصغرهم. نرى نحن كمؤسسات، حركات شبابية، باحثين وناشطين، بأنه يجب العمل بكل ما نستطيع من قوة لمنع إبادة الشعب اليزيدي".

وتشير رزمة الاجراءات الإسرائيلية والسعي للإيحاء بوجود "داعشي" داخل إسرائيل هو مواجهة فلسطينيي 1948 الذين يشكلون أكثر من 20% من سكان إسرائيل، والتحريض ضدهم لدفعهم نحو الرضوخ لمتطلبات الاستراتيجية الصهيونية العليا.&

ووفق الواقع السياسي والعملي الإسرائيلي هناك أكثر من "داعش" إسرائيلية يحتضنها الفكر العنصري الصهيوني تكتسي زي أحزاب مثل: "الليكود" و"إسرائيل بيتنا" و"شاس". وبالتالي يصح القول "إذ وجد الماء بطل التيمم". ففي ظل "داعش الصهيونية" لا حاجة لوجود "داعش الغدادي" فرع إسرائيل. ولا يمكن اعتبار "داعش البغدادي" إلا استنساخاً ل"داعش الصهيونية".