تعددت، خلال العام الذي مضى على ظهور"ولاية سيناء" الداعشية، التقديرات الإسرائيلية تجاه سبل مواجهة تنظيم أنصار بيت المقدس وعلى نحو خاص بعد مبايعته تنظيم "داعش"، وتسمية نفسه " ولاية سيناء". وذلك استناداً إلى رزمة أسئلة ذات صلة بدرجة خطورته وقدرته على التمدد أو التسرب إلى قطاع غزة، والسبل الممكنة للتنسيق استخباراتياً وعسكرياً مع مصر، وهل يكفي تجاوز العقبات والقيود التي تفرضها معاهدة السلام الإسرائيلية-المصرية على حجم وحر كة الجيش المصري في سيناء أم لا بد من تدخل عسكري إسرائيلي في سيناء؟.

&وكان التهويل بخطر "داعش-سيناء"، أمراً مستحباً لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي سارع إلى "تدعيش" حركة "حماس" عبر اتهامها بالتعاون مع "داعش-سيناء"، وتقديم خدمات لوجستية لها. مستجيباً بذلك لمعطيات استخباراتية إسرائيلية تفيد "بوجود علاقة بين حركة "حماس" و"داعش" سيناء، و والصواريخ المضادة للدبابات كشفت احدى قنوات التنفس المركزية للسلفيين في سيناء الذراع العسكري لحماس: المسؤول عن تدريب الإرهابيين في سيناء ليس سوى خبير مضادات الدبابات من حماس غزة، عبدالله قشدة. وهذه ليست العلاقة العسكرية الوحيدة بين حماس في غزة والسلفيين في سيناء: فقسم من مصادر التمويل للسلفيين يأتي من صندوق حماس الاخذ في الفراغ، رغم أن حماس تخفي ذلك كي لا تثير غضب سكان القطاع الجوعى وكي لا تخلق مواجهة مع الإيرانيين اعداء تنظيم الدولة الذين يبعثون لهم بالمال. تدفع حماس للسلفيين كي يحافظوا على مخازن عتادها في سيناء والا يعرقلوا التهريبات إلى داخل غزة. وبالتوازي فانها تمنح العلاج الطبي لرجال تنظيم الدولة في مستشفى الشفاء والاهلي في غزة وتنقل لهم ايضا معلومات عسكرية ودعم لوجستي. بشكل عام ترى حماس في تنظيم الدولة في سيناء جهازا وديا، من خلاله وبمعونته يمكنها أن تعمل ضد اسرائيل من اراضي سيناء".&

&بالمقابل، يعتقد أفرايم هاليفي، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، أن نتنياهو يخطأ عندما يربط بين "حماس" و"داعش"، "فـ"حماس" ألد عدو وأجداه لـ"داعش". وإن "حماس" في غزة أفضل من "داعش" في غزة".&

وفي السياق نفسه، يقول البروفسور إيال زيسر عميد كلية الآداب في جامعة تل أبيب والباحث المتخصص في الشؤون السورية واللبنانية، أن " تصريحات كبار المسؤولين في إسرائيل بشأن تعاون "حماس" مع "داعش" في سيناء في الهجمات على الجيش المصري وإطلاق الصواريخ على إسرائيل تبعث على القلق. ففي النهاية، الذريعة الأساسية لعدم إسقاط سلطة "حماس" في غزة هي منع سيطرة "داعش" على القطاع. لكن يتضح أن إسرائيل قد تجد نفسها في المستقبل في مواجهة "حماس" و"داعش" معاً، مع توزيع واضح للعمل بينهما، بحيث تحافظ "حماس" على الهدوء على طول الحدود مع إسرائيل، في حين يقوم "داعش" بمساعدة من الحركة بالعمل بحرية ضد أهداف إسرائيلية ومصرية. ومثل هذا الوضع لا يمكن القبول به".

&وتجاهل نتنياهو عمداً، وجود بعض الجماعات السلفيّة الجهاديّة في قطاع غزة، ومن أبرزها: «أنصار بيت المقدس»، «التوحيد والجهاد» و «جند محمد»، و “أنصار الدولة الإسلامية” و”سرية عمر حديد”، وجماعة «مجلس شورى المُجاهدين أكناف بيت المقدس». وجماعة "جند أنصار الله"، التي نشأت في أواخر 2008، وكان يقودها عبد اللطيف موسى، المعروف بـ "أبي النور المقدسي"، الذي أعلن في 15 آب 2009 الإمارة الإسلاميّة في "أكناف بيت المقدس"، أثناء إلقائه خُطبة الجمعة من مسجد "ابن تيمية" في مدينة رفح جنوب القطاع، قبل أن تقتحم الأجهزة الأمنيّة التابعة لحكومة "حماس" المسجد، وتشتبك مع أتباعه المُسلّحين، الذين كانوا يتواجدون حول المنبر؛ ما أدّى إلى مقتله.

وتتواجد أيضاً، جماعة تدعى جماعة "جلجلت" التي تُعرف أيضاً باسم "أنصار السنة"، وما يسمى تنظيم "جيش الإسلام"، الذي كان أحد أبرز الجماعات السلفيّة، المقربة من حركة "حماس"، ونال شهرة واسعة عقب إعلان مشاركته في عملية اختطاف الجندي جلعاد شاليط، إلى جانب حركة "حماس" ولجان المقاومة الشعبية في حزيران 2006. لكنه تحول إلى ألد أعداء الحركة التي شنَّت لاحقاً هجوماً أدى إلى مقتل كثير من عناصره بعد سيطرتها على القطاع.

ويقود هذه الجماعة ممتاز دغمش، الذي أعلن مبايعته للبغدادي على خلفية " ما يتعرض له السلفيين الجهاديين في غزة من اعتقالات نفذتها حركة "حماس" ضدهم ".

&وقد اغتالت إسرائيل في سنوات سابقة عددا من عناصر التنظيم من بينهم "معتز دغمش" شقيق "ممتاز". وتتهم السلطات المصرية دغمش بتوفير دعم لوجستي لعناصر تنظيم داعش "ولاية سيناء" ونقل عناصر منهم إلى غزة لتقديم العلاج لهم.&

واعتبر تقرير صادر عن مركز المعلومات للاستخبارات والارهاب ان قرار "أنصار بيت المقدس" بالانضمام لتنظيم "داعش" وليس الانضمام ل"القاعدة" سببه صورة "داعش" ذات القدرات العسكرية والمالية والذي يستطيع جذب الكثير من الجهاديين ويقف في جبهة الحرب ضد الولايات المتحدة والغرب.

ويعتقد المحلل العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي إن القدرة القتالية لتنظيم "الدولة الإسلامية" "داعش" في سيناء تشكل تحدّياً جديداً للجيش الإسرائيلي. وهذا هو السبب الذي دفع الجيش الإسرائيلي إلى إغلاق المعابر وإصدار تحذير إلى البلدات على طول الحدود مع مصر ولا سيما في الجزء الشمالي الغربي، يطلب منها إظهار اليقظة، كما كثف الجيش الإسرائيلي من وجوده المدرع على الأرض وتقوم طائرات من دون طيار بمتابعة ما يجري بالقرب من الحدود.&

&وأعلن قائد كتيبة "آدوم" العسكرية المسؤولة عن الحدود مع سيناء، الجنرال روي الكابيتس أن الدولة العبرية قد تشن هجمات على مسلحي تنظيم "داعش" في شبه جزيرة سيناء المصرية، في حال تبين أنهم يخططون لمهاجمة جنود أو مواطنين إسرائيليين.&

&أما عاموس هرئيل، فيعتقد أنه في سيناء " يعمل لاعبون كثيرون لهم أهداف متناقضة بعضها غير ظاهر للعيان. هذه معادلة بخمسة مجاهيل على الاقل. في سيناء "داعش" يطلق وإسرائيل تصمت كي لا تدخل في مواجهة مع مصر. في غزة منظمات سلفية بعضها يرتبط بـ "داعش" تطلق الصواريخ، إسرائيل تتهم "حماس" التي تسيطر على القطاع بالمسؤولية عن ذلك، لكن ردها ما زال بسيطا انطلاقا من الاعتقاد بأن "حماس" لا ترغب في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، ومن الأفضل تشجيعها على ترويض التيارات المتطرفة. وفي الوقت ذاته تتهم إسرائيل "حماس" بمساعدة "داعش" في سيناء، وهي تنشر معلومات استخبارية حول العلاقة بين التنظيمين في محاولة لضرب صورة "حماس" أمام مصر".&

و لا يبدو أن ثمة إستراتيجية إسرائيلية شاملة لمواجهة "داعش-سيناء" وامتداداتها في قطاع غزة. بل هناك خيارات ربما يكون أفضلها بالنسبة لإسرائيل هو اجتياح عسكري محدود لسيناء بموافقة مصرية تضع حجر الأساس لدولة "غزة الكبرى" التي اقترحها غيورا آيلاند، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي على شارون عام 2004 وتقضي بضم 600 كيلومتراً إلى قطاع غزة من شمال سيناء واستخدام هذه المساحة فى بناء ميناء دولي ومطار دولي ومدينة يعيش فيها مليون فلسطيني. وضم 600 كيلومتر من مساحة الضفة الغربية إلى إسرائيل لضمان حدود آمنة. ومنح المصريين تعويضاً إقليمياً فى النقب الجنوبي يصل إلى 150 كيلومتراً وتعويضات أخرى على شكل مساعدات دولية وتنمية اقتصادية وحفر نفق يصل مصر بالأردن. والاقتراح المذكور هو تحديث لمخطط "غزة الكبرى" الإسرائيلي الذي يرجع إلى خمسينات القرن العشرين.