معبر رفح البرّي بين قطاع غزة وجمهورية مصر العربية هو المنفذ الوحيد لقرابة مليونين من سكان القطاع مع العالم الخارجي، حيث لا توجد حدود مشتركة بين القطاع والضفة الغربية التي لا يمكن الوصول إليها إلا عبر منافذ تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي. كان معبر رفح منذ اتفاق نوفمبر 2005 بين كل من السلطة الفلسطينية و مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي تحت إشراف مراقبين دوليين مزودين بكاميرات مراقبة دقيقة تنقل للجانب الإسرائيلي كل ما يجري ويدور من تنقلات في المعبر، وبناءا على هذا الاتفاق كان المعبر يعمل ليلا ونهارا بشكل متواصل دون أية عمليات تأخير وازدحام مما جعل حياة سكان القطاع أكثر سهولة. بدأت بوادر مشكلة المعبر عقب سيطرة حماس على القطاع منفردة في يونيو 2007 وما أعقب ذلك من استنفارات أمنية إسرائيلية وبعض العمليات العسكرية في مناطق مختلفة، فانسحب المراقبون الدوليون و الإسرائيليون مما أدّى لإغلاق المعبر وخضوعه لإجراءات مشدّدة من الجانب المصري، خاصة بعد العمليات الإرهابية المتكرّرة التي قامت بها وما زالت منظمات محلية سيناوية ضد ضباط وجنود الأمن والجيش المصري في سيناء المصرية المجاورة للمعبر، وهي عمليات إرهابية بامتياز مشين راح ضحيتها العشرات من الضباط والجنود المصريين، فكانت سببا رئيسيا للجانب المصري في وضع قيود مشدّدة لفتح المعبر مما أدّى لإغلاقه السنوات الثلاثة الماضية بشكل شبه تام إذ لا يفتح سوى يوم أو يومين كل عدة شهور، مما لا يكفي لسفر عشرات ألاف المواطنين الفلسطينيين العالقين في القطاع خاصة من: الطلبة الدارسين في الخارج وبعضهم فقدوا مقاعدهم الدراسية بسبب تأخرهم وعدم التحاقهم بمواعيد دراستهم، والمرضى ممن لا يجدون علاجا لحالاتهم المرضية في القطاع بسبب نقص المعدات والأدوية، و حملة الإقامات في الخارج وبعضهم فقدوا أعمالهم بسبب عدم تمكنهم ما السفر والالتحاق باماكن عملهم في العديد من الدول، وحملة الجوازات الأجنبية ممن وصلوا القطاع لزيارة اهلهم وعائلاتهم &واحتجزوا هناك بسبب إغلاق المعبر...لذلك يمكن بحيادية و موضوعية وصف قطاع غزة ( 365 كيلو متر مربع ) بأنّه سجن كبير لقرابة مليونين من المواطنين الفلسطينيين.
&
من المسؤول عن إغلاق المعبر وهذا الوضع المأساوي؟
كثرت الأجوبة على هذا السؤال من جهات فلسطينية عديدة، وأغلبها كان يضع مسؤولية إغلاق المعبر على الجانب المصري خاصة بعد رئاسة الفريق عبد الفتاح السيسي حيث تمّ اقامة منطقة شبه عازلة على الحدود المصرية مع القطاع و تدمير غالبية الأنفاق السرّية بين مدينة رفح الفلسطينية والعريش المصرية، وهناك من يضع مسؤولية إغلاق المعبر على انفراد حركة حماس بالسيطرة على القطاع وانسحاب المراقبين الدوليين والإسرائيليين وخلو المعبر من ممثلي السلطة الفلسطينية. وتردّدت آراء مفادها أنّه لو عادت السلطة الفلسطينية من الضفة الغربية للإشراف على الجانب الفلسطيني من المعبر لكان ذلك نهاية لإغلاق المعبر وفتحه بالكامل كما كان سابقا. وأرى أنّ هذا التحليل ليس دقيقا لأنّه لا يمكن فتح المعبر حتى لو تحقّق هذا الشرط إلا بالتنسيق مع الجانب المصري وموافقته مسبقا مع تقديم ضمانات مؤكدة له بأنّه لن يتم عبور أي شخمص يمكن أن يهدّد الأمن المصري أو له علاقة مع تجمعات سيناوية تقوم بعمليات إرهابية ضد الجيش والأمن المصري.
&
مفاجأة مسؤول فلسطيني تدين حماس وسلطة عباس
فقد كشف الدكتور "ياسر الوادية " القيادي بمنظمة التحرير الفلسطينية &" موافقة السلطات المصرية على فتح المعبربوجود سلطة وحكومة وهئية واحدة بدون وضع الإنقسام والاشتراطات الحزبية والفئوية الضيقة " و قال " أن كل المبادرات والاجتهادات تتحطم علي صخرة الإنقسام والفساد الداخلي حيث اشتراطات كل من حركتي حماس وفتح لوضع الشروط لكل طرف منهم. وأنّ مشكلة إعادة معبر رفح سياسية وسيادية بإمتياز بين حركتي فتح وحماس ....حركة حماس تريد الشراكة بالمعبر من خلال هيئة المعابر في قطاع غزة من خلال الموظفين الحاليين ولن تترك المعبر لو استمر إغلاقه عقود من الزمن. وحركة فتح تريد استلام المعبر بدون أي موظف لكي ترسل حرس الرئيس وتكون الإدارة الفنية والمالية تابعة لهيئة المعابر في رام الله ولن تتنازل عن ذلك ولو استمر الإغلاق لعقود من الزمن ".

إذن شعبنا يعيش ضحية صراعات لا علاقة له بها،
فحماس وسلطة عباس يضعون مصالحهم الشخصية والتنظيمية فوق مصلحة مليونين من الشعب الفلسطيني يعيشون في هذا السجن الكبير، وهم أي قادة حماس وعباس لا يتضرّرون مطلقا من هذا الحصار، وهذا الاتهام من قبل الدكتور "ياسر الوادية " لسلطتي حماس وعباس ليس الأول فقد سبقه لذلك في يوليو 2012 النائب عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "جميل المجدلاوي" عنما صرّح قائلا: " &إن أثرياء الأنفاق في غزة وأمراء الأجهزة الأمنية في رام الله هم المستفيدون من استمرار حالة الانقسام”. وبالتالي فإنّ فتح المعبر من شأنه القضاء على ما تبقى من هذه الأنفاق بنسبة كبيرة، وعندئذ تضيع ملايين على أثرياء الأنفاق خاصة عندما تفتح أيضا حركة التجارة الحرّة بين القطاع و مصر عبر المعبر الرسمي، وفي هذا مصلحة للطرفين الفلسطيني والمصري لأنّ التدفق التجاري الرسمي سيوقف عمليات التهريب عبر الأنفاق التي لا يستفيد منها سوى أثرياء الأنفاق وعائلاتهم.
&
وأيضا مسؤولية الشعب في القطاع والضفة،
حيث يسكت قرابة خمسة ملايين فلسطيني في القطاع والضفة على هذا الظلم والفساد الذي تأثيره السلبي على حياة الشعب الفلسطيني لا يقلّ عن ظلم الاحتلال الإسرائيلي الذي يسرح ويستمر في القتل والتدمير والنسف في كافة أنحاء الضفة الغربية دون أي رد من شرطة وأمن سلطة عباس بينما اية تظاهرة فلسطينية يتشاطرون على قمعها بالعصي والرصاص: " أسود على الشعب الفلسطيني ونعامات مهذبة متسامحة مع جنود الاحتلال الإسرائيلي ". لذلك فاستمرار الانقسام الفلسطيني الذي يدخل قريبا عامه التاسع ومن نتائجه إغلاق معبر رفح هي مسؤولية خمسة ملايين فلسطيني ساكتن قابلين بظلم مئات من &العباسيين والحمساويين لا يعانوان أية نسبة من معاناة الشعب الفلسطيني.
www.drabumatar.com
&