قامت بعض الأميريكات من بعض الجامعات بالتعاطف وتأييد حق زميلاتهن المسلمات في لبس الحجاب, بوضع حجاب لساعات وللتصوير. في بادرة القصد منها التأكيد على المحافظة على الحريات الأميركية وعلى مساواة المواطنين الأميركيين بغض النظر عن الدين. وكرد عملي على التصريحات الإستفزازية للمرشح الأميركي دونالد ترامب في منع دخول المسلمين إلى أمريكا؟؟؟&

وكالعادة فرح وهلل الكثير من المسلمين الذكور بهذه البادرة؟؟؟؟ ونسوا تماما بأن ظاهرة الحجاب تزايدت و’صعّدت بعد الثورة الإيرانية وبتمويل من الأموال النفطية التي تدفقت في إيران وفي السعودية.. وأن المرأة الأميركية البنغالية التي إخترعت فكرة اليوم العالمي للحجاب "نظمه خان" في عام 2013 كان متلازما مع تأسيسها لشركتها لصنع الحجاب، وعليه فهذا اليوم ليس إلا ترويجا لبضاعتها؟؟؟&

في لندن وفي لقاء في البرلمان البريطاني بدعوة خاصة من البارونه من الأصول البنغولية " بولا يودين " لبحث وضع المسلمات وما يتعرضن له في الشارع البريطاني بعد احداث باريس. إجتمعت ما ’يقارب 35 أمرأة من أعمار مختلفة أغلبهن ولد في بريطانيا مؤمنات و’مقتنعات بحقهن في الحريات..يحملن فوق رؤوسهن آخر صيحات الموضة في التفنن في وضع الحجاب مرافقا للمساحيق ولآخر صيحات الموضة الفضفاضة والضيقة. وكأن على رؤوسهن الطير. ليبحثن سويا مواجهة تيار المعاداة للإسلام المعروف بالإسلامافوبيا.. والتي قد يؤججها تصريحات بعض النواب في البرلمان وقد تنعكس في التحريض عليهن في الشارع، وأن هناك موجه كبيرة من الكراهية لهن تزداد وتصاحب كل عملية إرهابية.. من ضمن الإقتراحات لمواجهتها كان إقتراح البحث في القنوات القانونية القضائية لمحاسبة النواب الذين يحرضون ضمنا أو علنا على الإسلامافوبيا.&

أذكر جيدا انه وبعد إنهيار برجي التجارة العالمية في نيويوك، التي ’تعرف ب 11 سبتمبر قام عدد من المفكرين والباحثين الإسلاميين – فاطمة المرنيسي من المغرب - ليلى أحمد الباحثه في جامعة هارفارد - الدكتور زكي بدوي مؤسس الكلية الإسلامية في لندن من أصل مصري - وعبد الله الجودي من العراق - وجاويد غاميدي من الباكستان – خالد أبو الفضل من جامعة أخرى. كلهم أجمعوا وبوضوح بأن المرأة غير ’ملزمة ( ’مخيّره) في أمر تغطية الشعر؟؟ وعلية ومراعاة للظروف الحرجة التي تمر بها البلاد المضيفة تستطيع بل لزاما عليها أن لا تضع حجاب الرأس.حماية لها وإحتراما وتعاطفا مع مشاعر الآخرين!

ما ’يحيّرني في الأمر, التعارض الصارخ بين ما درسته عن الدين، الضرورات تبيح المحظورات، وأن الدين ’يسر وليس ’عسر، والثالث ما نتشدّق به دائما بأن الدين صالح لكل زمان ومكان؟؟؟ وبين الإصرار على التحدي والإستفزاز!

في ظل حالة الخوف التي تنتابنا جميعا أليس من الأجدر والأولى أن تحاول المرأة التي ’تصّر على أن الحجاب واجب ديني أن تحاول فهم التفسيرات الأخرى, وأن تحاول عدم زيادة الإستفزازات التي ’يمثلها حجابها؟

نعم، هن يواجهن هذا العداء وهذا الكره بعد أحداث إرهابية متكرره قام بها مسلمون معدومي الدين والضمير... ولكن ماذا فعلن لتهدئة هذه المشاعر, ألا نشترك جميعا في نتائج هذه الأعمال الإرهابية التي لا تفرق بين أبناؤنا. فالحجاب أمر لا يزال يخضع للبحث وتتعارض فيه الآراء، ولكنة ليس إلزامي ولا واجب ديني ولا ركنا سادسا من أركان الإسلام.. كما حاول متطرفي الإسلام جعله؟؟&

أما مقاضاة كل من يصرّح بشيء ما ضد الدين، فلن تزيد الطين إلا بلة. لأن مثل هذه القضايا ستكلف دافع الضرائب الكثير من الأموال. تماما كما كلّفته محاكمة أبو قتادة سابقا (8 مليون جنية إسترليني ) والنتيجة ستكون سلبية للغاية. وأنا أعتقد بأن الأولى والأفضل أن ندخل في حوار مع هؤلاء البرلمانيين والتأكيد على حقنا في المعتقد في اماكن العبادة وليس في الشوارع كما فعل أبو حمزة المصري؟؟؟ وعلى إلتزامنا بقيم العدالة والمساواة التي أعطاها لنا المشرّع البريطاني. ونتخلى طواعية عن كل ما يستفز مشاعر الاخرين!!

تضامن هؤلاء الأميركيات ليس في محله، كان الأولى محاولة حث لابسات الحجاب على فتح حوار عقلاني حول الموضوع وحثهن على عدم زيادة الإستفزازات النفسية للمواطنين الآخرين!

نعم ترددت قليلا قبل أن أكتب مرة أخرى، بعد مقالتي السابقة في موضوع "" المحاكم الشرعية في بريطانيا "" وعدم عدالتها للمراة وأعود وأكرر بأن عدم العدالة والإنصاف هو ما تتسم به كل المحاكم الشرعية سواء هنا أم في أي دولة تستقي قوانينها من أي دين.&

. مهاجمتي من قبل جوقة من المعلقين لن تثنيني من الدفاع عن الحريات ولن تثنيني عن الكتابة عن الثغرات التي أراها تتعارض مع روح كل الأديان بل وتتعارض مع القيم الإنسانية لأي دين وعليه فلن ادافع باي شكل عن أي من الأديان. وخاصة الإسلام الذي ولدت فيه فكوني إنسانة بشر يعلو على كوني إمرأة أو كوني مسلمة. لأني أعرف تماما الفرق الشاسع بين الدين والتدين. الدين هو ما نولد فيه من أبوين من عقيدة ما ولكن التدين يسمو ويعلو على الدين لأنه شكل من أشكال إحياء الضمير الإنساني في كل الأوقات ومع كل الأجناس ومع كل حاملي عقيدة مختلفة. التدين هو ما يسمو بالروح البشرية فوق كل الحدود والسدود لترقى إلى إنسانية تعترف بحق كل الشعوب في الحياة وفي الأمن ونحن ( المسلمون ) في امس الحاجة إليها لإحياء الضمير الجمعي في منطقتنا العربية.

آرائي تعكس تجربتي الإيجابية في الغرب, ورفضي للسلبيات التي روّجها فقهاء الظلام خلال الثلاثون سنة السابقة لأنها تتعارض مع صفات الله بحيث وصلنا إلى ما نحن فيه من ظلام قلبي وعقلي وكره وعداء للآخر.. ولما وصلت إليه المرأة من وضع تنعدم فيه الرحمة والإنسانية ويقف عائقا كبيرا أمام التنمية الإنسانية التي تحتاجها المجتمعات العربية. العدالة وإحترام كرامتها الإنسانية هو ما أؤمن بأنه الطريق الوحيد لأنسنة المجتمعات العربية ولفصل الدين عن الدولة وإعادة الإحترام لخالق واحد لم ’يميّز بيننا إطلاقا.. لا للون ولا لجنس ولا لعقيدة..

لننسى كلمة ولكن المبرره لكل ما هو سلبي ينعكس علينا وعلى حياتنا، لنعمل على مد الجسور الإنسانية للتعايش بدل سياسة الجدران والحقد الذي تقوم ببنائها داعش وأخواتها. هذا هو طريق الإنتصار الوحيد عليها.

&