&
كانت قواعد اللعبة السياسية في تركيا "السنوات الثلاث الماضية" غير متعادلة وغير متكافئة رغم التهليل الحاصل حينها، ولكن كانت أكثر قرباً من الحدود الدنية من الأُطر المطلوبة في العمليات التفاوضية والتنافسات السياسية . خسر العدالة والتنمية ثانياً، وخسر أردوغان شخصياً أولاً، في الانتخابات البرلمانية الأولى في الحزيران الماضي حلم التحصن من المطالبات القانونية التي يخشاها هو وأسرته وحزبه والقادمة لامحالة، وخسر ايضاً حلم الطغيان واختزال الدولة في شخصه المريض بعهود السيطرة التركية الغابرة. فجرّ الحيز المجتمعي الهش كله إلى لعبة اكثر دونية وأكثر دموية وباستخدام قوى الدولة التي يُسيّر والتي من المفترض وجدت لحماية مواطنيها دون أي تقدير لتوابع العمل الذي يقوم به كشخص وكدولة معاً.&
قتل العشرات من النشطاء الكرد واليساريين في المرحلة بين الانتخابات البرلمانية الخاسرة لأردوغان والاخرى المُعادة مؤخراً من الساعين إلى المساواة كمطلب رئيس ودون سبب يذكر سوى أنهم كانوا بمقتلهم الغير العشوائي وسيلة لتمرير سياسة أردوغان الساعية لنشر الخوف وإجبار البسطاء على التصويت له في الانتخابات المعادة بالإضافة إلى اعادة العمل على كسب أصوات القوميين الأتراك الذين يعتاشون على برامج الترويج لإنهاء الأكراد بجميع أنواع الإنهاء كقالب وحيد يعرفونه في عالم السياسة، وكان له (أردوغان) الأمر انتخابياً.&
إنتصر أردوغان نصف أنتصار في الانتخابات المُعادة فتحول الى هذا الوحش الهائج، أطفال يقتلون في المدن الكردية في تركيا (كردستان الشمالية)، وجرحى تمنع سيارات الإسعاف من الوصول إليهم، ملفات القتل المباشر والعلني لسياسيين وقانونيين بحجم طاهر ألجي نقيب المحامين في ديار بكر تهمش وتفتح عوضاً عنها قضايا من شاكلة دعم الإرهاب على شخصيات سياسية داعية للسلام &الداخلي من طينة صلاح الدين ديمرتاش فقط لأنه يتجرء ويصف الحالة المُعاشة في المناطق الكردستانية في تركيا ب "الفاشية والهجوم الممنهج" من الدولة، ويدعو الناس إلى الدفاع عن ذاتهم أمام الحملة الشعواء المذكورة.&
لايزال مرض العداء للعمال الكردستاني في نفوس بعض الأكراد من جهات كردستان الأربعة يطغى على المشهد المحزن المطلوب التضامن معه، كيف يمكن التهجم على حزب العمال الكردستاني لتحصنه وزيادة قوته العسكرية في تركيا، والكل يشاهد كيف تستطيع دولة كتركيا الخبيرة في اضطهاد الكرد الإنقلاب على النشاط السياسي والمدني المعارض لها في لحظات! لايمكن السماح للركون إلى كذبة أن الانفتاح التركي المفترض انتظاره إلى الأبد يحتاج من الكردي التجرد من سلاحه الذي جرّ تلك السلطة الغولة إلى طاولة المفاوضات في ذات الفترة السابقة بدايةً ثم تتبعها الخطوات المطلوبة من الدولة!&
لايُلام العمل المدني الميداني أبدا في التهميش الحاصل لنشاطهم، ولا يطلب من الفاعلين في المجالات المدنية الجمود، فأمام الحكومات التي تخشى من ترسيم حدودها وقوننة عملها يصبح عمليات التوثيق والرصد وعمليات التواصل مع الأذرع الدولية للمنظمات الإنسانية جزء من النضال الكفاحي، والخطير على شرور الدولة، والذي لايكتمل صورته دون قوى داعم. &وطبعاً لن تكون دولة كالدولة التركية هي الداعم المذكور.&
القوى التي تصارع الدولة في المدن الكردية الآن "مجتمعية" أكثر منها حزبية بحتة، ففي الأحياء الشعبية في المدن الكردية ولدت الكثير من التنظيمات الشبابية ذات النهج الأوجلاني (نسبة إلى عبدالله أوجلان) التي ترفض سياسات الإنكار للدولة التركية، وعليه يكتب لحزب العمال الكردستاني أنه يحاول أن يوجهها بصورة أكثر تنظيماً عن كونها مجموعات شبابية غاضبة، ويكتب ايضاً محاولة الحزب الذي كان لنشاطه خلال كل هذه السنين السابقة إحدى العوامل الرئيسة لولادة هذا الجيل الغاضب السابق الذكر أن يؤطر القوى المجتمعية المناهضة لعسكر الدولة في توازي مع تدعيم القوى السياسية المولودة من رحمه في الساحة السياسية التركية المُهانة كحزب الشعوب الديمقراطي HDP. كتلة متكاملة من منظمات المجتمع المدني الغير الحكومية المحلية الدعم "الكردية التركية" اليسارية التوجه مع قوى سياسية فرضت ذاتها على الساحة التركية رغم أهوال الصراع الغير العادل كحزب الشعوب الديمقراطي مع بنادق العمال الكردستاني سيرسخ الخلاص لهذا الشعب المنكوب منذ فترة طويلة وطويلة جداً ولكن بعد أمد بعيد وبعيد جداً يقول احدهم من الذين التحقوا بالشباب المقاوم في العاصمة ديار بكر "آمد".&

كاتب كردي سوري
&