استدعى ملك ذات يوم وزيره وسأله غاضبا: لقد علمت بأنك تقف شخصيا خلف نشر أکاذيب و مزاعم واهية بين الناس، وقد قررت إنزال العقاب بك ولکن قبل ذلك أريد أن أعرف السبب الذي دفعك لهذا السلوك الشائن؟ إبتسم الوزير وخاطب الملك بهدوء: لو لم يکن هنالك ماأشغل به الناس على مر الايام نظير جن أزرق مزعوم يخطف الاطفال او عفريت يتربص بالناس في الوديان و الجبال و نظائرهما، فإنهم سوف ينشغلون بجلالتکم و الشٶون المتعلقة بکم وعندها ستختلف أمور البلاد و الرعية!

الجمهورية الاسلامية الايرانية، ومنذ أن تأسست في أعقاب سقوط النظام الملکي في إيران، شکلت و تشکل أکبر مشکلة ليس للشعب الايراني(الذي لايحسد على هذا النظام أبدا) وانما لعموم شعوب المنطقة، إذ انه وقبل تأسيس الجمهورية الاسلامية الايرانية، کانت الانظمة العربية(العسکريتارية) ومن أجل بقائها و إستمرارها في الحکم، تروج لمزاعم تربص الاستعمار بهذه الدول و إستغلال الفرصة لإحتلالها، لکننا اليوم نجد أن کل دول المنطقة منشغلة وعن حق و حقيقة بالخطر المحدق بها من إيران و إحتمال أن تصحو لتجد نفسها وقد صارت مثل العراق و سوريا و لبنان و اليمن، مجرد أرقام خاصة في المکتب الخاص للولي الفقيه!

في بدايات تأسيس هذه الجمهورية التي تصورت شعوب المنطقة بأنها ستمهد لبداية عصر جديد يخدم شعوب المنطقة و يحقق آمالها و طموحاتها، لکن ومنذ الاعوام الاولى کشفت هذه الجمهورية رويدا رويدا عن سحناتها فمن إرسالها مجاميع فوضوية لأداء مراسم الحج(العبادية ـ السياسية) والتي أثارت الکثير من المشاکل و الامور وقتها، الى تصنيف الاسلام الى اسلامين، اولهما الاسلام المحمدي الاصيل الذي يطبق فقط من جانب الجمهورية الاسلامية الايرانية و ثانيهما هو الاسلام الامريکي المطبق في سائر أرجاء العالم الاسلامي.

کما شغلت الجمهورية الاسلامية العالم بمحمد خاتمي و فتوحاته الاصلاحية فإنها شغلت العالم أيضا بمحود أحمدي نجاد و تصريحاته المتطرفة خصوصا تلك التي کان يطلقها ضد إسرائيل و التي أثبتت الايام بأنها لم تٶثر قيد أنملة على إسرائيل، نجاد هذا الى جانب تصريحاته ضد إسرائيل تم تسويقه للشعب الايراني على أنه من عامة الشعب و يعمل کل مابوسعه من أجل(المحرومين و المستضعفين)، لکنهم إزدادوا فقرا و بٶسا في عهده، هذا من غير ماقد زعموا بأنه کانت هالة خلف رأسه وهو يخطب من على منبر الامم المتحدة ولأن کل زعماء العالم ضالين و کافرين فإن أحدا لم ير تلك الهالة إلا من رافق نجاد من دعاة الاسلام المحمدي الاصيل!

قاسم سليماني، أو من يصفونه بالحکم المطلق للعراق و سوريا و لبنان(ولاندري هل أن اليمن أيضا صارت ضمن القائمة أم لا؟)، شخصية و نموذج جديد تسوقه الماکنة الاعلامية للجمهورية الاسلامية في إيران، والذي يبدو انه من طائفة الجن، لأنه يتواجد صباحا في طهران و ظهرا في المناطق السنية التي تم طرد داعش منها و عصرا في سوريا أما ليلا فذلك سر لم يفصح عنه لحد الان، سليماني هذا الذي سعت أقلام عراقية لتشبيهه(ظلما و بهتانا و تطاولا)بالثائر المعروف جيفارا، وصوروه کنصير و ظهير للشعب العراقي و شعوب المنطقة، أتحفتنا الماکنة الاعلامية لجمهورية(الاسلام المحمدي الاصيل)، بأنه قد إختفى فجأة من جبهات المواجهة ضد داعش ومن المحتمل أن يکون قد توجه لليمن کي يقلب عاصفة الحزم رأسا على عقب و ينصر جماعة الحوثي او النسخة اليمنية من حزب الله اللبناني، والغريب أن هناك من يصدق بهذه المزاعم و يعتقد بأن سليماني سيغير من موازين القوى!

الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية في إيران قد وصلت ببرکة نظام(الاسلام المحمدي الاصيل)، الى مستويات متردية و الشعب الايراني يئن تحت وطأتها، فإنه من الضروري جدا أن تتم مشاغلة هذا الشعب بأمور و قضايا تنسيه همومه و آلامه و معاناته التي فاقت الاوصاف، خصوصا عندما نسمع عن ظاهرة بيع البنات في طهران ذاتها(أم قرى الاسلام المحمدي الاصيل) و عن غرف من الکارتون ينام فيها الالاف من أبناء الشعب الايراني في طهران و غيرها إضافة الى ملايين الجياع في بلد يطفو على بحيرات من النفط و الغاز، ولهذا فإن أحداث اليمن و قبلها تطورات الاوضاع في العراق و أخيرا و ليس آخرا أنباء(الاسطورة) سليماني، مجرد سلع تعمل دهاليز و أقبية الجمهورية الاسلامية على صناعتها و تجسيدها وبدلا من أن يفکر الشعب الايراني بأخطاء النظام فإنه يدفع للإنبهار بإنتصار(الثورة الاسلامية في اليمن) أو ببطولات و أمجاد سليماني الوهمية.