لستُ بصدد تفصيل ماحدث من مجازر وتجاوزات تاريخية على الأرمن من قبل الأتراك، فهي مدونة وبغزارة في المراجع التاريخية ومراكز البحوث والصفحات الإلكترونية، والصور الفوتوغرافية والأفلام الوثائقية كثيرة في اثبات تلك المجزرة
لكن الصورة المرفقة بالمقال، والمتداولة في الميديا العالمية لثمان نساءٍ معلقات على صلبان، تثير عندي بعض التساؤلات ..
1.&أول مايشدّ الانتباه في الصورة، هذه الصلبان، فهي رمزٌ مسيحيٌّ وبامتياز، والعثمانيون، كانوا لا يتحملون هذا الرمز ويتحاشوه، بل يحاربوه، حقيقةً وثقافة، فكيف أتت الأوامر بتركيبها وتوثيقها دون المشانق التي نراها في صورٍ أخرى للضحايا الأرمن ؟
2.&هندسياً، هذه الصلبان نراها قائمة بشكل مستقيم دقيق، لكن، مركّبة بطريقة غير مقنعة، فعرض الخشبة الحاملة لليدين هو تقريباً نفس عرض السارية الواقفة، والمفروض أن تكون أقل ( حدّ النصف ) لتثبت في فتحة تحفر في السارية ثم تثبّت بالمسامير، أما أن توضع فوق السارية ثم توضع خشبة أخرى فوقها بالطول فسيضعف ارتباطها ولن تتحمل أي وزن، ولا أثر لمسامير أو وصلات حديدية بين الخشبتين كتوصيلة تقوّي ارتباطها، كذلك، لا نرى حبلاً يلفّ نقطة التقاء السارية بالخشبة الحاملة لليدين، وهو ما معتادٌ في الصلبان التاريخية، ولابد من وجود مساند خشبية قصيرة تثبَّت بشكل مائل تحت الخشبة الحاملة والسارية، ومن الجهتين، ثم أن طول السارية حتى آخر نقطة هو تقريباً ثلاثة أمتار، وهي تحتاج على الأقل أن تنغرز في الأرض مسافة مترين حتى تثبت، ولو ثبتت، فهي تحتاج إلى مساند خشبية مائلة تنغرز في الأرض على طرفيها وتثبت بها، لتقوي وقوفها على الأرض، أو على أقل تقدير هندسي، كومة من الأحجار والتراب عند نقطة خروجها من الأرض حتى لا تتمايل، وهذا ما لا نراه، وكأنها مثبتة في حفرة على أرض خرسانية وصُبّت الخرسانة حوالي طرف الخشبة داخل الأرض، كذلك لا أثر لترابٍ أو أحجار تم استخراجها عند الحفر، فهل كانت هذه الصلبان قديمة وأتت الرياح فنظفت المكان ؟ أم أن هناك من تطوع فنظف المكان ؟
3.&تثبيت أكف النساء بالخشبة هو الآخر محيّر، فهل هي مثبتة بالمسامير ؟ هذا يحتاج إلى جهدٍ إضافي لصعود الجلاد والضحية، فنحن نتكلم عن صورة واقع، وليس مشهداً هوليودياً يستطيع المخرج اقناعنا بمهاراته في عملية الصلب، ولا تتحق هذه الصورة إلّا إذا كانت المصلوبات فارقن الحياة قبلها، وهذا ما سنحاول قراءته لاحقاً، والمسامير حين تثبّت، ستكون في راحة الكفّ، وعليه، فإن وزن الضحية بعد موتها وحين تنزل الى الأسفل، سوف يغيّر من اتجاه أصابع الكف نحو الأعلى، وهذا ما لا نلاحظه، ولا نلاحظ أثراً واضحاً لدماء غزيرة قد نزفت، وهذا المسند تحت الأقدام ما سبب وجوده ؟ إن كان الغرض منه راحة المصلوب، فهو منطقي، لكن، هل كان الجلادون بهذا المنطق ؟ وهذا المسند أيضاً، لعله اختراع لم تعهده الصلبان من قبل ! فمن يُحكم عليه بالصلب، يبقى متدلياً حتى خروج روحه
4.&مقدار تقوس باع المصلوبات من الكف إلى الكف، لا يتناسب مع أوزانهن المتدلية ولنفس الأسباب الآنفة، إن كنّ فارقن الحياة، كذلك وضعية الرجلين سوف تزحفان حال الموت من المسند وتتدليان على طرفيه، كما الطويلات منهن
5.&هل المصلوبات في الصورة أحياء أم أموات ؟ المصلوبة الأولى والقريبة من المشهد، يبدو أنها ميّتة لأن عضلات رجليها مرتخية وهي مستقيمة، لكن رأسها غير متدلٍ على طريقة الأموات، فمازالت عضلات رقبتها وفقراتها تحملها، أما الثانية، فيبدو أنها تتلوّى وتتحرك، فغير معقول أن تكون ميتة وهي بهذه الصورة، وكذلك الثالثة والرابعة والخامسة والسابعة، أما الضحية المعلقة السادسة، فهي مستسلمة كما الاولى، والثامنة غير واضحة وكأنها كمية حبر في الصورة وتمّ تعديلها على السارية، السارية الثامنة نراها وكأنها خشبتين فوق رأس الضحية !
6.&طول الشَعَر عند الضحايا هو واحدٌ تقريباً، ولنفترض جدلاً أنها صدفة، لكن المشترك الآخر، هو أنّ هذا الشَعَر يغطيّ عند كل المصلوبات منطقة الصدر ومابين الفخذين، كإشارةٍ واضحة من واضع الصورة بتعاطفه معهن، وكأن أحدهم قام بتمشيط الشعر وتحويله إلى الأمام ليتدلى هكذا، فهل من فعل ذلك، كان الجلاد أم& الضحية ؟ ولا نجد أي واحدة من المصلوبات مائلة إلى جهة عدسة الالتقاط، بل نرى المصلوبة الثانية تميل بكامل جسدها إلى الجهة الأخرى وكأنها تتفادى الصورة، فهل هذا منطقي وواقعي، في لحظات عصيبة ومريرة كهذه ؟ بلحاظ أن في صورٍ أخرى لضحايا الأرمن، فإن أغلب النساء ذوات شَعرٍ قصير
7.&أين الظلال في الصورة ؟ فالضوء واضحٌ في خلفيتها، كأنها لشمسٍ في طريق الغروب خلف الغيوم، ولا أدري، هل هذا مصورٌ محترف ليقابل بعدسته الضوء ؟ أم المفترض أن يذهب إلى الجهة الأخرى من طرف المصلوبة الثامنة ليتفادى ضوء الشمس. لا ظلّ لسارية وصليبها، أو مصلوبة وتفاصيلها، والتي من المفترض أن تقع في الأمام أو تحت الصليب ولو بشكل خفيف
..
هذه ملاحظاتي، ولستُ بصاحب اختصاص في علم الفوتغرافيا أو الفوتوشوب
ومع كل تعاطفي مع ضحايا الأرمن وإدانة هذه المجزرة، فإني، فقط، أتحفظ على هذه الصورة


[email protected]
&