كان مؤتمر بيكين عام 1995 هو البداية الدولية الأولى للتأكيد على أن حقوق المرأة هي "حقوق أساسية للإنسان"كما أكدتها السيدة هيلاري كلينتون آنذاك... وبأن إنتهاك حقوقها ’ينذر بعواقب وخيمه على رفاهية البشرية بأسرها..&
وتعهدت الدول في بيكين بضمان المساواة والقضاء على التمييز في مدة أقصاها 10 أعوام، أي قبل 2005 وعمل الإعلان على إلزام الدول الموقعة بـ"منع كافة أشكال العنف الموجه إلى النساء والفتيات والقضاء عليها". ولكنه لم ’يبين فيما إذا كان سيكون هناك عقوبات أو إجراءات ضد الدول الموقعة وغير ملتزمه؟
&
في مارس 2015 ومن خلال النقاشات في أعمال الدورة 59 بمقر الأمم المتحدة في نيويورك لمناقشة التقدم والفجوات في تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة من خلال بحث وإستعراض جهود الدول الموقعة على التعهد لتنفيذ ما إلتزمت به في بكين.. وبعد عشرون عاما على صدوره تبين التالي..&
&
أولآ : أن الكثير من الحكومات تبنت مبادئ بكين ولكن على الورق فقط.. كما وأن تقاريرها حول التقدم الذي أحرزته كانت لا تعكس الواقع بدليل إستمرار معاناة الشريحة الأكبر من النساء الفقراء.
&
ثانيا : أن الحكومات لم تأخذ برأي أو إشراك منظمات العمل المدني في تقاريرها المقدمة تلك.
&
ثالثا : يظل القانون الوطني للعديد من الدول قاصراً في منع وقمع أشكال العنف الموجهة ضد المرأة، وإن تفاوتت من دولة إلى أخرى.&
&
رابعا : أن الواضح في إجتماع 2015.. غياب الإرادة السياسية اللازمة لترجمة تلك التعهدات إلى أفعال.. حتى وإن تفاوتت هذه الإرادة من دولة إلى اخرى..&
&
خامسا : أن إشراك المرأة في البرلمانات ما زال لإحراز صورة تجميلية للدولة. وليس بنية حقيقية صافية للإلتزام بالوثيقة الدولية أو تطوير المجتمعات.
&
وبرغم العوامل المشتركة السابقة بين جميع الدول.. إلا أن المؤلم واللافت للنظر أن أغلب الدول العربية ما زالت تقبع في آخر سلم التقييم العالمي من النواحي الاقتصادية والتشريعية والتعليمية.. وأن المبررات التي تتعذر بها الدول العربية بخصوصية الثقافة والدين لم تعد كافية أو مقنعة للجهات الدولية.. خاصة مع تصاعد العنف في هذه الدول.. وخروج الإرهاب منها والذي يهدد العالم بأسره.. مما يؤكد الحاجة الماسة لإيجاد حلول واضحة ترتبط بالنية الصريحه للقضاء على العنف بكل أشكالة خاصة مع التأكد بأن حقوق المرأة ووقف كل أشكال العنف ضدها هو طريق الأمن العالمي.. لأن أمنها وسلامتها النفسية هي من أمن وسلامة المجتمع الذي تعيش فيه وتبقى الضحية الأولى في الحروب والنزاعات.. ويجب أن يحظى العمل على القضاء على العنف بالأولوية في الدول العربية من خلال إدارة وخطة زمنية محددة ترتبط بجدول زمني يصل في مرحلة ما إلى ثقافة تعزز ثقافة السلام المأمولة عالميا.. والأمن المحلي الذي يضمن الأمن الإقليمي والدولي.. نظرا للصحوة العالمية بأن تعزيز حقوق المرأة.. هو تعزيز للمبادرات السلمية لتسوية النزاعات وتعزيز السلام الدائم..&
&
معظم الدول العربية تعهدت ثم وقّعت وإن كان مجاملة على الإتفاقية الدولية التي تمخض عنها مؤتمر بكين والمعروفة بإتفاقية سيداو.. ولكن وللأسف كان توقيعا تجميليا فقط.. وأضافت إلية الثورات العربية الكثير من الإنتكاسات..وهو ما نشاهده الآن من خلال المخاطر الجمة التي تتهدد النساء من خلال الدساتير الجديدة والعنف الذي وصل إلى حد قتل المدافعات عن حقوق المرأة.&
&
حقيقة أن بعض الدول العربية تمكنت من تحقيق تقدم ملحوظ على مستوى الصحة.. ولكن لا نستطيع إلا أن نؤكد بأن التقدم في التعليم يبقى قاصرا ما لم يتلازم مع تعديل جذري في المناهج وخاصة الدينية منها..التي تبقى الحاجة الماسة والأولى للعمل على التغيير الجذري للثقافة المحلية التي تتلازم مع التبريرات الدينية التي تبرر العنف بجميع أشكاله ضد المرأة.. حتى في القضاء العربي الذي والمفروض به ان يكون عادلا.. حيث نرى أشكالا مختلفة من قصور القضاء العربي في حقوق المرأة.. بدءا بـ&الثقافة المختلطة بالدين التي تربى فيها القضاة والتي تنعكس في مواقفهم الذكورية التي تتسم بالإنحياز الطبيعي والمقبول للرجل...&
عدم توفر المساعدة القانونية لطبقة تزيد على ال 60% من النساء الفقيرات اللواتي لا ’يمكنهن دفع أتعاب المحامين.. مما ’يصعّب من حصولهن على العدالة..و’يطيل من إجراءات التقاضي..&
&
جهل ال 60% من النساء بحقوقهن القانونية... وتحايل الرجل على هذه الحقوق القليلة وعدم وجود آليات واضحه لتنفيذ العقوبات أو حتى عقوبات رادعه.&
عدم خضوع قوانين الأحوال الشخصية في معظم الدول العربية إلى تطوير جذري حقيقي في القوانين التي تحمل التمييز الوارد في القوانين المتعلقة بالوصول إلى الملكية والمواريث.. والشهادة أمام القضاء.. والتحايل على السن القانونية للزواج.. إضافة إلى أن هناك إنعدام للعدالة في..&
&عدم تجريم العنف المنزلي (ضرب المرأة ) والذي لا زال يقع تحت بند التأديب.. ويتناوله الجذر والمد في عملية تأويل وتبرير.. بطول العصا.. وأن لا يترك أثرا على الوجه.. ألخ.. ألخ..&
&
قانون العقوبات المميز بين المرأة والرجل في الجريمة الواحدة.. كالزنا !!
الغياب التام لفكرة تجريم أو تأديب الإغتصاب الزوجي..!!
إلغاء عقوبة الإغتصاب فيما إذا تزوج المغتصب مغتصبته حتى وإن كان لفترة زمنية محددة !!
&
المرأة العربية بحاجة ماسة لدستور جديد واضح تلتزم فيه الدولة بتحقيق المساواة بين الجنسين وبين المواطنين جميعا ومن جميع الأديان..بحاجة إلى قانون واحد لا ’يفرّق بين المسلمة والمسيحية وبين الذكر والأنثى.. قانون يعلو على التمييزات الواردة في الأديان..المرأة والمجتمع بحاجة ماسة لتغيير الموروث الثقافي الممتزج بالدين الذي يقلل من شأنها.. خاصة ومع خروج صور العنف من قبل الجماعات المتطرفة امثال بوكو حرام وداعش وأنصار الشريعة وغيرها التي تبرر الإغتصاب والإسترقاق والإستعباد الجنسي والزواج القسري.. وزواج القاصرات إستنادا إلى الموروث الديني !!!
&
&فهل هناك من يسمع.. ويعمل على التغيير الفوري وقبل صدور التقرير التقييمي المزمع أن يقدمه بان كي مون على الجمعية العامة في سبتمبر.. خاصة وأن تقرير الظل العربي.. وتقرير الجامعة العربية ركّز على ""مطالبة الدول العربية بوضع قرار مجلس الأمن رقم 1325 الذي ينادي بإشراك المرأة في العمل السياسي.. وضمان تمثيلها في مفاوضات حل النزاعات "" و " حث الحكومات العربية على الإلتزام بالحد من العنف ضد المرأة ".&
&
وبرغم أهمية كلا البندين.. إلا أن معاناة المرأة خاصة الفقيرة والتي تمثل أكثر من 60% أكبر من مجرد المشاركة السياسية.. حيث لم يتطرق التقرير على الإطلاق لعدم عدالة قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها في الدول العربية.. فيما عدا تونس التي ’تنادي وزيرتها السيدة سميرة مرعي فريعة بوضع إستراتيجية وطنية لمقاومة جميع أشكال العنف. و’تصر العديدي من جمعيات العمل المدني على الإبقاء والعمل بقانون ماجيلا الذي أصدره الرئيس الراحل بورقيبه عام 1956 والذي لا زال ’يعتبر من أفضل القوانين المعمول بها في شئون المرأة في المنطقة العربية.... برغم أن الدستور الجديد يحتوي على مؤشرات إيجابيه تنص على إلتزام الدولة بحماية الحقوق المكتسبة والعمل على دعمها وتطويرها..&
&
&