تكتب هذه الكلمات فيما تستمر المفاوضات الأوربية مع اليونان حول أزمة الديون والمسار الاقتصادي. وتكتب قبل أيام قليلة من نهاية موعد المفاوضات النووية مع إيران.
أما فيما يخص الأزمة اليونانية، فان عواملها ودلالاتها كثيرة ونتائج الاتفاق او عدم الاتفاق ستكون ذات تأثير كبير على الاتحاد الأوربي، وجدير بالذكر ان فكرة الاتحاد الأوربي بدأت بُعيد الحرب العالمية الثانية، حين تشكلت مؤسسة السوق الأوربية المشتركة من سبع دول غربية أوربية، متقاربة في قوانينها واقتصادها ومستويات التطور الاقتصادي فيها, ولذلك لم تحدث أي أزمة او خلل لتلك المؤسسة, اما الاتحاد الأوربي بشكله القائم ، فقد تأسس في عهد حكم الاشتراكيين الفرنسيين (ميتران) والألمان، ومعه عقدت بارتجال كبير اتفاقية شنغن بما يفتح الحدود لكل من يحمل هوية شخصية لإحدى دول الاتحاد, وهذه الاتفاقية فاجأت الرأي العام الفرنسي، بل وحتى البرلمان ، وأكثر، فاجأت وزير الداخلية نفسه عندما كشف آمرها نائب في البرلمان بعد حوالي العامين من عقدها، وقد استغلها الإرهابيون والمهاجرون غير الشرعيين آسوا استغلال, ان أزمة اليونان نتيجة ان الاتحاد فتح أبوابه أمام كل دولة أوربية تبغي الانضمام، ومهما كان مستواها الاقتصادي ونظامها المصرفي، وتقاليدها, وقد تسربت اليونان إليه بعد ان أعطى حكامها آنذاك معلومات ناقصة عن أوضاع البلاد. وعاش اليونانيون فترة فوق مستوى تطور بلادهم الاقتصادي، وظل البلد يستدين ويستدين ، حتى أغرق بالديون وفوائدها، الدول الأخرى ، اضطرت الحكومة السابقة الى اتخاذ تدابير تقشف ، أثرت على المواطنين والمؤسسات الصناعية والمصرفية، وسارت التظاهرات التي استغلها أقصى اليسار ، ليأتي للحكم بعد الانتخابات, وهاهي حكومته تقدم رجلاً وتؤخر أخرى في مفاوضاتها ، والناس قلقون حتى أنهم راحوا يسحبون ودائعهم من المصارف، لتهتز هذه كثيراً....
وثمة تهديدات بانسحاب اليونان ، ولو حدث ذلك فقد يغري دولاً أخرى بالانسحاب... وعلى كل حال ، فالمفاوضات مستمرة ، وربما وجدوا حلاً توافقياً وعملياً، ولكن المواطنين معرضون لإجراءات تقشف جديدة...
أما ما يخص الاتفاق النهائي حول النووي الإيراني، فقد شهدت الأيام القليلة الماضية، حملة صحفية وسياسية أمريكية تنتقد اوباما على موقفه وتحذر من اتفاق متسرع وبلا ضمانات جدية ، كبريات الصحف نشرت ان إيران استفادت من فترة المفاوضات ( حوالي العامين) لتزيد من قدراتها النووية 20% وضمت النيويورك تايمز ، القريبة من الديمقراطيين ، صوتها الى التحذير. ونشر عدد من مستشاري الرؤساء السابقين بياناً ، يقول ان اوباما يجهل عدد أجهزة الطرد المركزي وكمية ودرجة التخصيب. وكان اوباما قد صرح من قبل ان عدد أجهزة الطرد هذه كانت بالآلاف قبل مجيئه، والحال كانت 800 فقط، وفي عهده صارت أكثر من 20000 (عشرين ألف) وكان خبراء الوكالة الدولية للطاقة قد حددوا أعلى سقف لها بـ 2000 (الفان) ، أما اتفاق الإطار فقد منحهم 8000 ...
وجاء خطاب خامنئي لينسف كل تفاؤل اوباما ، حين أعلن عن رفض تفتيش المواقع العسكرية والإستراتيجية، وطالب برفع العقوبات حالاً بعد التوقيع وليس بالتدريج كما نص اتفاق الإطار.
وفي الوقت نفسه نشرت الخارجية الأمريكية نفسها تقريرا مفاده ان إيران وجهت ، من خلال الفترة نفسها ، ضربات للمصالح الأمريكية ، أكثر من أي وقت مضى. ومن ذلك فتح مكتب لحركة طالبان في إيران وتطالب الصحافة والمستشارون السابقون ، بعرض أية اتفاقية على الكونكرس ليقول رأيه فيها، وهو ما كان اوباما قد سبق ورفضه.
إذن ، فهل سيوقع اوباما أي اتفاق ومهما كان... هل سيدير ظهره وسمعه عن كل هذه التحذيرات والحقائق، ويواصل علك علكته المفضلة؟؟؟
&