اليوم أكثر من دولة تخوض حربا على داعش، نتيجة عدم اقتصار ارهاب هذه الجماعة على منطقة دون أخرى بل وصل ارهابها الى الكويت والسعودية ومصر وأفغانستان وباكستان وتونس والجزائر وليبيا ولبنان ونيجيريا و..و.. فضلا عن الولايات المتحدة وعموم الدول الأوروبية والغربية، غير أن ما يجري في العراق وسوريا يختلف تماما عن سائر المناطق.

فأغلب الدول التي تشهد العمليات الارهابية لهذه الجماعة نرى أنها توجه ضربتها ثم تعود إلى جحورها وبالتالي ليس لديها مراكز ومقرات علنية، كما هو الحال في العراق وسوريا بل أصبح لديها كيانا وتتحرك بحرية مطلقة وتشكل تهديدا حقيقيا للدولتين.

وبمقدار ما تشكل داعش تهديدا حقيقيا لسوريا وللعراق فان القضاء عليها أسهل بكثير من القضاء على عناصرها في سائر البلدان، وفي نهاية المطاف سيتم إبادة هذه الجماعة غير أن فترة القضاء عليها ستتقلص فيما لو مدت دول العالم يدها للعراق وسوريا وقدمت كل ما تحتاجه لتحقيق هذا الغرض.

لا يبالغ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أو السفير السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري أو أي مسوؤل سوري أو عراقي عندما يقولون أنهم يقاتلون نيابة عن دول المنطقة والمجتمع الدولي برمته، فمن المؤكد أن داعش لو نجحت في سوريا والعراق فلن تتوقف عندهما بل تنتقل الى بلدان أخرى، وهذا ما حدث في العراق، اذ انها انتقلت اليه واجتاحته عندما سيطرت على مناطق شاسعة في سوريا، ولكن السؤال المطروح هو، هل تعتبر دول المنطقة وعموم دول العالم أن الحرب القائمة في سوريا والعراق هي حربها؟

الوضع في سوريا أسوأ بكثير من العراق، وأقل ما يقال حول محاربة داعش في العراق أن هناك دعم اعلامي دولي ضد داعش كما ان عددا من الدول تشارك في توجيه الضربات الجوية ضده، بينما سوريا محرومة حتى من الدعم الاعلامي الدولي، الأمر الذي يعزز قوة داعش بطريقة غير مباشرة.

واذا ما أعتبرنا أن الذي يحسم المعركة ضد داعش في العراق وسوريا هم المقاتلون على الأرض فلا نجد من يقاتل على الأرض إلا العراقيين والسوريين واللبنانيين الذين ينتمون لحزب الله والايرانيين الذين تطوعوا للقتال في سوريا والعراق، وكذلك الايرانيين الذين ارسلتهم طهران ليقدموا استشارات عسكرية للحكومتين العراقية والسورية، ولنقل بصراحة ان&هؤلاء يتحملون العبئ الأكبر في حرب العراق وسوريا ضد داعش، مما يعني أن هؤلاء يقاتلون داعش نيابة عن شعوب ودول المنطقة والعالم.

حاجة الدعم لقتال داعش في سوريا تختلف عن العراق، فلربما العراق ليس بحاجة الى المقاتلين، ولكن من المؤكد انه بحاجة الى التقنيات العسكرية وأنواع الأسلحة والعتاد والدعم المالي والاقتصادي وفوق كل ذلك الدعم النفسي والاعلامي، بينما الوضع في سوريا يختلف تماما، فسوريا بحاجة الى كل أنواع الدعم بما في ذلك المقاتلين.

ندرك ان امتناع بعض الدول عن دعم العراق وسوريا في حربهما ضد داعش يعود الى ظروفها الاقتصادية أو لديها بعض الملاحظات السياسية على الحكومتين العراقية والسورية أو حزب الله وايران، مما يقتضي منها ان تنأى بنفسها جملة وتفصيلا، ولكن ما لا ندركه هو الضربات السياسية والاعلامية والاقتصادية التي توجهها بعض الدول للعراق وسوريا، أليست هذه الضربات تصب في صالح داعش؟