لا شك إن أكثرية أبنا الشعب الكردي، هم مع إعلان إستقلال جنوب كردستان وأنا واحد منهم، ولكننا نعلم أيضآ إن الإقدام على مثل هذه الخطوة، ليس بالأمر السهل لعدة أسباب منها رفض الدول المجاورة للإقليم وخاصة تركيا وإيران، ومعارضة الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ومعهم دول الإتحاد الأوربي. هذا عدا عن عدم حل قضايا كثيرة عالقة مع المركز، وخاصة موضوع المناطق المتنازع عليها وفي مقدمتها مدينة كركوك. وأي إعلان للإستقلال من قبل الكرد، إن لم يلاقي الترحيب والإعتراف من قبل المجتمع الدولي، سيكون له نتائج وخيمة على الإقليم بكل تأكيد. وهذا ما يدركه جيدآ البرزاني ومن معه، وكما إنهم على دراية تامة بمواقف تلك الدول الرافضة لمثل هذه الخطوة، على الأقل في الوقت الراهن. نعم من حيث المبدأ من حق الشعب الكردي تقرير مصيره، ولكننا نعلم أن العالم لا يعمل وفق المبادئ، وإنما وفق المصالح فقط.

إذآ، لماذا لجأ مسعود البرزاني في الأعوام القليلة الماضية، إلى التصريح مرارآ عن نيته في إعلان إستقلال الإقليم، كلما إحتدم الخلاف بينه وبين الحكومة المركزية أو إشتد الصرع بينه وبين القوى السياسية داخل الإقليم؟؟

برأيي إن السيد مسعود كان يلجأ إلى هذه الورقة رغم علمه المسبق بأن العالم غير مستعد لتقبل مثل هذه الخطوة، وإنها مجرد مناورة من قبله لتحقيق بعض المكاسب الشخصية التالية:

1- دغدغة المشاعر القومية لدى الكرد، بهدف كسب أصواتهم في الإنتخابات.

2- الظهور بمظهر المدافع القوي عن حقوق الشعب الكردي.&

3- إحراج الأطراف الكردية الإخرى، التي تطالب بالإدارة الذاتية.

4- تحقيق جماهيرية على حساب غريمه جلال الطالباني.

5- القول للعالم بأنه زعيم لعموم الشعب الكردي والناطق باسمه.

لكن ما الذي حدث فجأةً، حتى صرح السيد مسعود في مقابلة تلفزينية قبل يومين مع قناة "روسيا 24" التي نشرت يوم السبت 12 أيلول، حيث قال البرزاني: "إن من حق الأمة الكردية أن تخطو الخطوة الحاسمة في الحصول على استقلالها، لكن الظروف الحالية لن تسمح لها بضمان هذا الاستقلال".&

على ما يبدو نسي الأخ مسعود إن أوضاع المنطقة والعالم هي ذاتها، ولم يتغير جذري فيما يخص القضية الكردية عن مضى السنة الأخيرة، وإن كان هناك تغيرآ ما فهو للأحسن وليس للأسوء.

مع العلم إن السيد مسعود قال شيئآ مناقضآ تمامآ لهذا الكلام، أثناء زيارته للعاصمة الأمريكية واشنطن في أيار الماضي، عندما صرح: «أن الأكراد العراقيين سيجرون استفتاء حول قضية السيادة بعد نجاح المعركة الجارية حاليآ ضد تنظيم داعش».

حسب رأي إن أسباب تراجع البرزاني عن مواقفه النارية السابقة، تعود لسببين رئيسيين وهما:&

السبب الأول: هو فقدان هذه الورقة لفاعليتها بسبب تكرار إستخدامها من قبل البرزاني، وعدم تمكنه من ترجمة أقواله إلى أفعال خلال السنوات الماضية.

السبب الثاني: هو إنصباب جل إهتمامه على منصب الرئاسة والبقاء فيه والمحافظة على إمتيازاته ومصالح العائلة، لأن هذا أهم بكثير له من إقامة دولة كردية لا تخضع لمشيئته ولا تكون تحت تصرفه وتصرف زمرته.&

&