دول عدة تشهد انتخابات رئاسية و برلمانية و نقابية لا تعدو ان تكون في احسن الاحوال سطرا في نشرة اخبار او مانشيت في صفحة داخلية باستثناء قلة من دول العالم.&و اقصد ان مصر هي من تلك الدول القليلة و المهمة و هي “ دولة ذات قيمة و حجما و تآثيرا تختلف عن الدول السطرية في نشرات الاخبار”، بل هي من الدول المتابعة تاريخيا و التي تصنع تاريخا لا تساهم فيه فقط، منذ ان كانت تعرف باسم الامبراطورية المصرية ٣٥٠٠ عام قبل الميلاد، و الي ثورة يوليو ١٩٥٢، ثم ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ التي اسقطت الرئيس محمد حسني مبارك، و اخيرا و ليس اخرا ثورة ٣٠ يونيو٢٠١٣ المطالبة برحيل الرئيس محمد مرسي.&

مصر متابعة لانها تاريخيا امتدت في زمن الملك مينا وبفضل توحيده للقطرين و للجيش ٣٢٠٠ قبل الميلاد، والذي عرف بآنه اقوي جيش في العالم انذاك، كانت تمتد رقعتها من تركيا شمالا الي الصومال جنوبا و من العراق شرقا الي ليبيا غربا.

و العالم اليوم،كما تعود، يتابع عن كثب ما يدور في داخل مصر، و خصوصا الاستقرار الذي بدآ واضحا من نهج المشير عبد الفتاح السيسي و استقامته ووطنيتة و التزامه بعهوده ووعوده ان يصل بها الي شاطيء الامان، و الذي لاح في الافق بعد سنوات ثلاث صعبة، سياسية و اقتصادية داخليا و خارجيا.


برلمان يملك الحل لا برلمان يُحل

و العالم يتابع الديقراطية الوليدة في مصر التي لا يريد لها ان تماثل حل السادات لمجلس الشعب عندما رفض نواب مصر معاهدة السلام مع اسرائيل، و لا يريد ان يري مجلس ضعيف لا يملك الربط والحل، خصوصا و ان مصر تشهد حراكا سياسيا و معارضة حقيقية بنائة في الشارع لاجل مصر، تختلف عن نظرية السادات التي يري بعض المحللين انه اخطيء في حينها باختلاق معارضة اعتقد انه مسيطر عليه في المجلس.

&و لعل من اهم الصور التي يلتقطها العالم في اركانه، و التي تدور حول قطر الكرة الارضية البالغ الاثني عشر الفا من الكيلومترات، في اعشار من الثانية عبر التويتر و الواتس اب و الشاشات و الانترنت و الهواتف و غيرها من الوسائل هو ما حدث و يحدث في البرلمان المصري الذي انعقد في اول جلساته في العاشر من شهر يناير ٢٠١٦.

برلمان امتاز انه اتي بخبرات منتخبة متفاوتة و هامة و متنوعة ممثلا للكفاءات و المحافظات و التوجهات و التخصصات و اتي بنجوم السياسة و الاقتصاد و القانون و التجارة و الامن والثقافه و السينما و المخابرات و الزراعة و التجارة و الرياضة و غيرهم.&

و ينظر العالم الي هذا البرلمان و الي كيفية التعاون مع السلطة التنفيذية و مراقبتها، و كيفية نقل مصر الي مرحلة من الديمقراطية المشرفة، وكيف سيتعامل مع قضايا مصيرية منها سد النهضة في اثيوبيا، العلاقات المصرية الافريقية، الدور الامريكي في مصر، القضية الفلسطينية، الملف السوير و اليمني و الخلاف السعودي الايراني، الارهاب، الرواتب، الفقر، البطالة، التعليم و الصحة، الرياضة و غيرها من ملفات كل منها بحاجة الي خبراء.

&

خبرات متنوعة و متفاوتة

و بسبب الحاجة الي الخبراء فقد اضاف الرئيس المصري ضمن قائمه ٥٪ من المعينين خبرات رياضية و شبابية و قانونية و جامعية سيكون لها اثر كبير في احداث نقلة نوعية و حث فكري للارتقاء بالعمل التشريعي لاجل نهضة مصر. نقول للمشير “برافو “.

و عندما ينظر العالم الي خيارات الاعضاء في انتخاب الرئيس و هو الدكتور علي عبد العال استاذ القانون الدستوري، خريج جامعة السوربون الفرنسية و محمود الشريف وكيلا للمجلس علي سبيل المثال و كلاهما يتقن اللغة العربية و الانجليزية الفرنسية، و يؤكد هذا الانتقاء علي اهمية العلم في مصر، خصوصا ان القوانين التي تحكم العالم و التشريعات مصدرها اما بريطانيا ( اللغة الانجليزية) او فرنسا ( اللغة الفرنسية )، تيجد العالم ان تلك ميزة مضافة لمن يقوم بالتشريع و يحتاج الي مقارانات بين القوانيين، و هنا اللغة هي الاساس و المدخل و عين علي مجري نهر العلم.

مجلس يضم جهابذة القانون من امثال الاساتذة المتمرسين بهآء ابو شقة، سري صيام، مرتضي منصور و غيرهم و من الجلسة الاولي كانت بصماتهم واضحة، و مقترحاتهم القانونية و سجالاتهم مدرسة في القانون و في تفسير المواد و الاجراءات.

&

برلمان خارج حصص الاملاء

و اقصد، ان المطلوب من الدكتور علي عبد العال، رئيس المجلس المنتخب و استاذ القانون الدستوري المحنك الا يغلق او يحرم الاعلام من نقل ما يحدث في بث مباشر، و ان يخرج من عبائه استاذ الجامعة و يرتدي ثوب الاداري السياسي، لان دور الرئيس هو ادارة الجلسات لا القاعة كما تحدث، ولان ادارة القاعة تكون في الجامعة بينما ادارة الجلسة في البرلمان، وعليه توزيع الادوار بين المتحدثين و توجيه الحوار ضمن الاسس الديمقراطية دون اسكات احد و اعطاء الفرصة للجميع، لان اصحاب القرار هم السادة النواب و قرارهم الواعي المستقل نابع من اعماقهم، و ليس كما كان يحدث سابقا من حصص الاملاء.

&

برلمان لا سيرك سياسي تحت المجهر&

انها تجربة تستحق التقدير و العالم يتابع بدقة كل حركة من اول جلسة اجرائية، سواء كلمة النائبه دينا عبد العزيز و مقارنتها بالاعلامي توفيق عكاشة، و اعتراض مرتضي منصور علي صيغة القسم ومخالفته لاداء القسم و تعليقة الرافض لثورة ٢٥ يناير، و خلاف الدكتور سري صيام مع الدكتور علي عبد العال حول اعطاء المرشحين فرصه للتعريف بآنفسهم ومطالبته بتحديث اللائحة الداخلية ومعامله المعين بنفس طريقة المنتخب و دون تفرقة في المسميات، و غيرها من مواقف كانت في ثوان تتناقلها الهواتف و اليوتيوب بل يتم اضافه موسيقي و لقطات و تعليقات في دقائق قبل انتهاء الجلسة.

ما حدث يـؤكد ان المجلس متابع عالميا، و ان المعينين لا فرق بينهم و بين المنتخبين و انهم علي مقدرة و دراية عالية بما يقومون به، و هم الحصان الرابح في السباق القادم، كل حسب اختصاصة.

ينظر العالم الي المجلس بتفاؤل و امل و هو يضم جيل مصر المستقبل من الشباب و الشابات امثال المحامية نهي خالد (٢٥ عاما الاصغر سنا)، و بطلة التايكوندوا العالمية كارولين ماهر ( ٢٨ عاما) و البطلة العالمية في السباحة الدكتوره رانيا علواني و المخرج السينمائي المهندس خالد يوسف، و نآئب مدير المخابرات اللواء سامح سيف اليزل و معتز كمال الشاذلي، و عمالقه اخرون لا مجال لذكرهم هنا،و معا و بتبادل الخبرات بين جيل الخبراء و الشباب، و دمجها و نقلها فآن مصر علي الطريق الصحيح.

نريد من مصر العظيمة برلمان ينهي العلاقة السلطوية الابوية، برلمان “مجري العيون”، تجري العيون و تري و تبحلق في كل شيء دون اغلاق بث او اسدال الجفون او حرمان احد، برلمان صاحبه الشعب لا السلطة، برلمان رئيسه قوي و لوائحة معتمدة، لا برلمان “مالوش صاحب، سيرك و هيتلغي” كما قال زميل كلية فيكتوريا الاعلامي عمرو اديب.

برلمان شخصية عبد العال فيه و القادمة من السوريون تختلف عن شخصية عبد العال في “ريا و سكينة “و المسيطر عليها من الفنانة المبدعة سهير البابلي. تلك مرحلة انتهت من مصر.

مبروك يا مصر.. مبروك ياعرب.

&

[email protected]