&ردود الفعل العربية التي نجمت عن إقرار قانون " جاستا " الأمريكي الذي تمت الموافقة عليه مؤخرا بغالبية ساحقة من أعضاء الكونغرس الأمريكي، جمهوريين وديمقراطيين، ربما كانت تعبيرا عن المقولة الشهيرة والمأثورة عن الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، (لا رأي لمن لا طاعة له) بل لقد كان في تمرير القانون من داخل الكونغرس بالرغم من الفيتو الذي قدمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضده، وجه من وجوه معنى هذه العبارة العظيمة.

&
ذلك أن ردود الفعل العربية التي تراوحت بين الإدانة المبطنة، أو الدعوة إلى رفع قضايا تعويض ضد الولايات المتحدة في العديد من الدول التي تورطت فيها أمريكا بحروب وتسببت فيها بكوارث مثل ؛ العراق وأفغانستان، تمثل ردودا لا طائل منها لأن هذا المسلك من طبيعته أن يجعل بعض الدول العربية تتوهم أن ذلك كاف بذاته في مواجهة قانون جاستا، لكن الحقيقة أن ذلك، ليس مجديا من الناحية العملية، وإن كان مهما لأ إنه أشبه بشيك غير رصيد في عالم السياسية الدولية التي تقوم على مبدأ القوة لا مبدأ الحق.
&
فليس هناك اليوم في العالم من يستطيع أن يحاكم الولايات المتحدة لأسباب تتعلق بمنطق القوة واختلال ميزانها على نحو فادح لصالح الولايات المتحدة.
&
كما أن القانون الدولي بطبيعته هو من أقل القوانين نفاذا في العلاقات الدولية، لأن هذه الأخيرة تحكمها سياسات القوة، لا منطق الحق والعدل ؛ ما يعني أنه حتى في حال تخصيص مشروع قانون ذي صيغة دولية لمواجهة الولايات المتحدة بناء على المنطوق العمومي لقانون " جاستا " لن يكون ذلك إلا جزء من المنطق الذي يحكم القانون الدولي من ضعف وعجز!
&
والمفارقة هنا أن أي دولة تورطت فيها الولايات المتحدة بالحرب ؛ كأفغانستان والعراق، هي بشكل أو بآخر لا تستطيع فك ارتباطها بالولايات المتحدة فضلا عن أن ترفع عليها دعاوى تعويض.
&
ما نريد أن نخلص إليه هو أن مواجهة الولايات المتحدة في موضوع قانون " جاستا "، الذي تعني عباراته (العدالة ضد رعاة الإرهاب) والذي أقره الكونغرس لمقاضاة كل من يثبت تورطه في أحداث جريمة 11 سبتمبر 2001م، سواء أكان مدنيا أم دبلوماسيا، من خلال رفع الحصانة عنه، وهو ما يعني في&الحقيقة مقاضاة المملكة العربية السعودية ؛ هذه المواجهة تحتاج إلى جهود جبارة لابد أن تبذلها المملكة العربية السعودية واستثمار كافة الضغوط التي لها علاقة مباشرة مع الولايات المتحدة في أكثر من مجال.
&
كما أنه من المهم أن يكون مجرى العدالة القضائية في الولايات المتحدة ينطوي على قدر عال من الشفافية عند النظر في قضايا التعويض، فالتشديد على ضمان حيادية القضاء الأمريكي وشفافيته مطلب لابد أن تبذل المملكة العربية السعودية جهودا للدفع بهذا الاتجاه في الأوساط الإعلامية داخل الولايات المتحدة.
&
فبراءة المملكة من أحداث 11 سبتمبر 2001 في الصفحات السرية الـ 28 والتي كشفت عنها لجنة التحقيق في أحداث سبتمبر، أكبر حافز لمواجهة هذا القانون بعقل مفتوح ورصانة مسؤولة.
&
لهذا من المهم في تقديرنا أن تضع المملكة العربية السعودية كافة الاستعدادات والملفات لمواجهة سير هذا القانون والقضايا المتصلة به.
&
بكل تأكيد أن هناك نية مبيّته ضد المملكة في هذا القانون، لكن بما أن أي دولة تحترم المؤسسات والقانون كالولايات المتحدة فلابد عند ذلك من التعويل على نزاهة القضاء الأمريكي، وهو ما قد يؤثر ويؤدي إلى عرقلة كثير من القضايا لعدم كفاية الأدلة الجنائية مثلا.
&
بطبيعة الحال هناك تسييس واضح في ملابسات هذا القانون وأهدافه، وإذا كان مسار القضاء الأمريكي في التعامل مع القضايا التي صمم من أجلها القانون مسارا نزيها وعادلا، فربما تتكشف مع الأيام نوايا التسييس، وتصبح فيما بعد شبيهة بتلك المزاعم التي سوغتها إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش من خلال أدلة مزيفة عن حيازة العراق لأسلحة دمار شامل!
&