من المعلوم ان مدينة الموصل العراقية مدينة كبيرة و استراتيجية من حيث موقعها على حدود ثلاثة دول (( تركيا و عراق و سوريا)) و لها اهمية تاريخية ايضا لتركيا لانها لحد الان يطالب بولاية موصل القديمة فى زمن امبراطورية العثمانية.

مدينة الموصل ثانى اكبر مدينة عراقية بعد مدينة بغداد من حيث عدد السكان(( 3521000 نسمة)) و مساحة ارضها(( 25300 كم مربع)) و بغناء ثرواتها النفطية و المعدنية و الطبيعية. مدينة موصل مدينة تعيش فيها كل القوميات و الديانات والمذاهب العراقية، تتميز محافظة نينوى بتنوعها السكاني. فإلى جانب العرب والأكراد السنة الذين يمثلون الأغلبية في المحافظة يعتبر العرب السنة غالبية السكان في مدينة الموصل وقضائي البعاج والحضر ويشكلون مع الأكراد غالبية سكان محافظة نينوى البالغ 3 ملايين ونصف، ويشكل التركمان والشبك والكلدان والسريان والاشورين والايزيدية ثلث سكان المحافظة، بينما يشكل المسيحيون غالبية السكان في منطقة سهل نينوى شرقي نهر دجلة وخاصة قضائي الحمدانية (من السريان) وتلكيف (من كلدانية). كما يوجد اليزيديون في قضائي سنجار والشيخان. بينما ينتشر التركمان الشيعة في قضاء تلعفر والأكراد في عقرة اما أقلية الشبك الشيعة فينتشرون في قرى حول مدينة الموصل ويشكلون مع المسيحين غالبية سكان سهل نينوى. لهذا مدينة موصل نموذجا حيا للعراق المصغر،ولهذا لديها مشاكل قومية و دينية و مذهبية جمة والكل يريد ان يكون له حجمه و قوته و سيطرته على اراضيه. المعاملة مع كل هذه المشاكل ليس سهلا بل اصعب من الصعب.

ومدينة الموصل اكبر مدينة و اهمها التى سيطرت عليها داعش و احتلتها منذ سنتين كاملتين و يعتبرها الداعش العاصمة الثانية بعد مدينة الرقة السورية لخلافتها، لذا يوليها اهمية كبيرة و قصوى، لانها من الناحية العسكرية و الاقتصادية لديها اهمية كبيرة و استراتجيجة و نقطة وصل مابين المدن السورية و العراقية و طريق رئيسى مابين المناطق التى يسطر عليها الداعش فى العراق و سوريا.

مدينة الموصل لها اهميتها الكبيرة للكل، مثلا للعراق ثانى مدينة كبيرة و استراتيجية و اقتصادية من حيث العدد السكان و وجود ابار النفط ((تم تشكيل شركة باسم (حقول نفط الموصل) في كانون الاول 1932 باموال ايطالية وبريطانية والمانية وفرنسية وهولندية وسويسرية وعراقية لامدادها بالاموال اللازمة مقابل رهن بعض اسهمها. وتم اكتشاف حقل نفط عين زالة في 1939 وفي عام 1953 تم اكتشاف حقل بطمة النفطي وتم تأميم شركة نفط العراق في الاول من حزيران 1972 وبعد عام 2003 تم التنقيب عن النفط في سهل نينوى ووجدت حقول نفطية اخرى.)) و ثروات معدنية اخرى و لديها اراضى زراعية واسعة و وفيرة و فيها اكبر سد مائى (( سد موصل)) رابع اكبر سد فى الشرق الاوسط وفيها مطار كبير و مصافى النفط و غيرها، ومن حيث المذهب السنى تقريبا كل السكان الموصل من العرب السنة ولها اهمية كبيرة للعرب السنة كمعقل اساسى و مدينة رئيسية لهم.

من ناحية كرد العراق الموصل مدينة كبيرة و تعيش فيها عدد كبير من الكرد من قديم الزمان ولحد الان داخل مدينة الموصل و خارجها من الاقضية و النواحى و القرى،وكذالك الموصل عبارة عن طريق او ممر رئيسى بين الكردستان الجنوبى و الغربى و طريق وصول الامدارات و المساعدات لكردستان الغربية فى سوريا و تحرير الموصل يعنى فتح الطريق مابين الجزئين من الكردستان و لها اهميتها السياسية و العسكرية و الاقتصادية، مع ان جزء كبير من الموصل و اراضيها اراضى كردستانية ومن حق الكرد ان يسيطروا عليها و يعيدوها الى احضان كردستان.

من الجانب التركى، تركيا تطالب برجعة الموصل اليها كجزء من ميراث الدولة العثمانية و هى تفكر لا برجعتها بل باحتلالها عسكريا و بالقوة و لها اكثر من مصلحة فى هذا العمل اولا، رجوع جزء مبتور من اراضيها من الناحية السياسية، ومن الناحية الاقتصادية كما اسلفنا الموصل مدينة غنية بنفطها و غازها الطبيعى و ثرواتها الزراعية و السياحية و الطبيعية الاخرى و منذ سنتين تركيا شاركت مع الداعش فى نهب هذه الثروات بطرق غير قانونية و استفادت مليارات الدولارات.ومن الناحية العسكرية وهى الاهم لتركيا هى ان تمنع الكرد من التواصل فيما بينهم وخاصة بين الكرد فى الاجزاء الثلاثة الجنوبية و الغربية و الشمالية،لان تركيا ترى الكرد بانه العدو الكبير و المخيف لها، لانها تخاف من وحدة اراضيها و تقوية الكرد الشماليين بمساعدة اخوانهم الكرد من الجنوب و كردستان الغربية ولهذا كل همها هو ان تعرقل مساعى الكرد لتوحيد اراضيهم مابين الجنوب و الغرب من الكردستان.

ومن الناحية المكونات الاخرى التركمانية و المسيحية و الاشورية و الايزيدية هى انهم سكان المنطقة و يعيشون فيها و يريدون ان يتحرروا من احتلال الداعش الغاصبة و المعتدية و لهم كل الحق فى المشاركة فى عملية تحرير اراضيهم و مناطقهم.

ومن ناحية الدول التحالف برئاسة امريكا و مشاركة كل من بريطانيا و فرنسا و المانيا و ايطاليا و بلجيكا و غيرهم من الدول،لهم مبرراتهم فى مشاركة عملية تحرير الموصل لانهم هم القوة الكبيرة و المتنفذة من الناحية العسكرية و التكنولوجية و لهم مبراراتهم السياسية و العسكرية و الاقتصادية و يريدون ان يشاركوا من اجل الحصول على جزء من كعكة الموصل الشهية و الدسمة من النفط و الغاز الطبيعى بكميات كبيرة الموجودة فى المنطقة.

وايران كدولة كبيرة و قوية و صاحبة نفوذ فى المنطقة ايضا ترى بان لها الحق فى مشاركة فى عملية التحرير الموصل من اجل توسع رقعة اراضى الشيعية فى العراق و التواصل مابين النظام العراقى الشيعى و السورى و الوصول الى لبنان و حزب الله و تقليل من نفوذ تركيا و العربية السعودية و المذهب السنى فى المنطقة،ايران ليس لها مطامع اقتصادية كبيرة مقارنتا بمصالح السياسية و العسكرية و المذهبية.

لهذا نجد ان للكل مبراراتها من اجل المشاركة فى عملية تحرير الموصل، الكل يريد ان يحافظ على مصالحها السياسية و العسكرية و الاقتصادية و الدينية و المذهبية و القومية.

ولكن الحق و كل الحق للعراق اولا دولة و شعبا بكل مكوناتها ان تشارك فى العملية ولها الحق فيما تقرر على من يشارك فى العملية التحرير الموصل،لانها من الناحية القانونية هى الدولة الرئيسية و صاحبة حق دستورى و قانونى منذ عام 1926بعد اقرار و الاتفاق التركى العراقى على مصير ولاية الموصل القديمة.وثانيا للكرد كل الحق المشاركة فى تلك العملية، و للتحالف الدولى الحق فى المشاركة لانها القوة الراعية و المساعدة للجيش العراقى و لها شرعية الدولية فى المشاركة.

ولكن ليس من حق لا تركيا و لا ايران ولا اية دولة اخرى خارجة عن التحالف الدولى للمشاركة فى العملية لانهم لديهم مخططاتهم و نواياهم السيئة تجاه العراق و شعبه و مستقبل اراضيه و لديهم اطماع تاريخية فى احتلال العراق و ولاية الموصل الكبيرة التى تتوسع الى مدينة الكركوك و اربيل و السليمانية و دهوك و منطقة الشهرزور الكردية.لهذا عملية تحرير مدينة الموصل عملية صعبة و معقدة للغاية، ويجب على امريكا كراعى العملية و قائد التحالف العسكرى الدولى ضد الارهاب الداعشى فى العراق و سوريا ان تقرر و تتحكم بكل مجريات الامور صغيرها و كبيرها و عليها هو ان تقرر من يشارك و من يبعد عن المشاركة و خاصة تدخل التركيا عسكريا و تواجد قواتها فى المنطقة بعيدا عن مظلة قانونية لا من العراق و لا من الامم المتحدة،لان تدخل تركيا ليس لها مبرر قانونى و شرعى.لكن هى عندها هاجس الخوف على سلامة امنها و حدودها ولها كل الحق فى هذا ولكن ليس لديها ادنى حق فى احتلال و تدخل عسكرى مباشر داخل اراضى العراقية و الكردستانية، ويجب ان يحاكم او يسائل مع كل شخص او حزب او جهة التى سمح لتلك القوات التركية التى دخلت الاراضى العراقية من قبل البرلمان العراقى كممثل حقيقى وشرعى لكل المكونات العراقية المختلفة.

واخيرا و مع اقتراب موعد عملية تحرير مدينة الموصل (( فى هذا الشهر تشرين الاول 2016))، الكل يلهث للاشتراك فى تلك العملية المصيرية و هذه العملية لها تداعيتها و ابعادعها السياسية و العسكرية و الاقتصادية لكل الجهات المشاركة و غير المشاركة فى عملية تحريرها،ومن المهم ان تحرير الموصل عبارة عن نجاح و نصر كبيرين على الارهاب و الارهابيين فى العراق و سوريا لان جلة قوات الداعش موجودة فى موصل و تحرير الموصل تعنى موت حتمى و نهاية دموية و محتومة للعصابات الداعش المجرمة خاصة فى العراق و تقليل اضافرها فى سوريا و تصغير وجودها و حجمها على الارض و وتحجيمه بين كماشتين من الناحية العسكرية بين الجيش العراقى و الجيش السورى و القوات الكردية فى كردستان الغربية على جانبى الحدود،ولهذا يجب على القوات التحالف الدولى ان تسد الطريق على اى جهة مهما تكن حجمها و قوتها فى المنطقة لكى تحاول عرقلة و تعقيد عملية التحرير الموصل بمشاركتهم الغير قانونية و فى مقدمتهم تركيا الاردوغانية.

&

كاتب كردى من كردستان العراق

[email protected]