الصمت والتجاهل والانتظار، الاتصال الحتمي بعد حين:

في أغلب النقاشات التي خضتها حول هذا الموضوع يفاجئني المحاورون بالسؤال التالي:" على فرض أنهم موجودون كما تقول، اين هم إذن؟ وأين يتواجدون؟ ولماذا لايظهرون لنا علناً وعلى نحو جلي وواضح لا يقبل الجدل لكي يثبتوا وجودهم؟ وهكذا بكلمتين تتلخص هذه المفارقة التي تواجه الجميع وعلى رأسهم العلماء منذ أكثر من ستين عاماً.

وهذه المفارقة تقول:" نظراً لكثرة النجوم والكواكب الموجودة في كل مجرة من مجرات الكون المرئي، وحتى لو اقتصرنا على عدد النجوم والكواكب التي تسكن مجرتنا درب التبانة، فإن إحتمال وجود حضارات ذكية فيها كبير جداً، وبناءً على ذلك من المفترض أننا نكتشفها ونعثر عليها، أو على الأقل على دلائل قاطعة عن وجودها وهذا لم يحدث، فأين هي إذن؟" وهي المفارقة المعروفة، بمفارقة فيرمي، مقترنة باسم عالم الفيزياء الإيطالي أنريكو فيرمي Enrico Fermi. ففي عام 1950، وأثناء مناقشة مع زملائه في كافتريا المختبر الوطني في لوس آلاماوس، حيث يعمل منذ عدة سنوات، انزلقت المناقشات نحو موضوع الأجسام المحلقة مجهولة الهوية OVNI، ومن ثم حول فرص وجود الكائنات الفضائية والحضارات الكونية خارج مجموعتنا الشمسية. وبعد دقائق من احتدام النقاش، وبعد برهة من التأمل صرخ فيرمي:" أين هم إذن Where is everybody؟ وهنا وضع فيرمي الإصبع على تنافر وغرابة منطقية أو مشكلة لاتمتلك حلاً أو جواباً. ومنذ منتصف القرن العشرين إلى نهاية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وبالرغم من اكتشاف مايربو على الخمسة آلاف كوكب من الكواكب الخارجية exoplanètes خارج نظامنا الشمسي، مازالت المفارقة قائمة مع فارق أن فكرة وجود حضارات كونية ومخلوقات فضائية باتت تحتل قناعات الكثير من الناس ومن العلماء، فالأرض ليست جزيرة منعزلة عائمة في الفراغ الكوني مع الأخذ بالاعتبار حداثة عمرها الذي لا يتجاوز الأربعة مليارات ونصف المليار سنة مقارنة بعمر الكون 13.8 مليار سنة، حيث يمكن للعديد من الكواكب أن تحتوي على سطحها حضارات عاقلة أقدم منا ومتقدمة علينا بآلاف، وربما بملايين السنين، أي أكثر تطوراً منا حتماً.

معادلة رياضية لتخمين عدد الحضارات الكونية:

بات من المعلوم اليوم أن هناك عشرات المليارات من الكواكب الشبيهة للأرض في مجرة درب التبانة. وهذا يشجع على التفكير بأن الكون المرئي يعج بالحياة حسب اعتقاد عالم الفلك سيث شوستاك Seth Shostak الذي يعمل في مؤسسة سيتي، البحث عن الحضارات الفضائية الذكية SETI. التي بادرت رسمياً بعملية البحث عن إشارات قادمة من الفضاء منذ سنوات الستينات. ففي عام 1961 تم تنظيم أول مؤتمر للتواصل مع الحضارات الكونية الذكية أو العاقلة المتطورة في فرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية وكان أحد المشاركين عالم شاب آنذاك يدعى فرانك دراك Frank Drake، وهو متخصص بالفلك الراديوي radioastronome، والذي قرر صياغة معادلة رياضية لإحصاء العدد المحتمل للحضارات المتطورة الذكية في الكون المرئي، والتي يمكن أن تتوفر لنا فرص الاتصال بها.

وتحتوي المعادلة على معطيات مثل عدد الحضارات القادرة على الاتصال بواسطة الراديو المعادل لعدد النجوم المتشكلة في نطاق وحدة زمنية مضروب بنسبة النجوم التي تحتوي على كواكب مضروبة بمتوسط عدد الكواكب التي تدور حول كل نجم مضروب بنسبة الكواكب التي تطورت فوقها الحياة مضروبة بنسبة الكواكب التي تطورت فوقها حياة ذكية عاقلة مضروبة بالمدة الزمنية المفترضة كمعدل زمني متوسط الذي يمكن لحضارة ما أن تتصل بغيرها بوسائل تكنولوجية N=R*XfpXneXflXfiXfTXL، فهناك إعدادات رقمية مفترضة تقديرية لكل حرف في المعادلة شرحناه بالتفصيل في دراسة سابقة. وهي معادلة ذات طابع بيداغوجي ولكن لو بقي فيها حرف واحد بدون رقم حقيق فسوف لن تفيد بشيء والحال لايعرف على وجه الدقة الإعدادات الرقمية المفترضة لهذه المعادلة خاصة الــ fp وهو عدد الكواكب المسكونة حيث لايوجد في الوقت الحاضر سوى كوكب واحد مأهول هو الأرض، والأمر يمكن أن يختلف لو أخذنا بالحسبان وضع الأقمار الصخرية التي تدور حول كواكبها وفيها غلاف جوي كالقمر تيتان التابع لكوكب المشتري. أما R* فقد قدر له الرقم الواقع بين 3 إلى 10 والحرف الأخير من المعادلة يستعصي على التقدير فنموذج الحياة على الأرض وهو الوحيد المعروف اليوم، لا يمكن تعميمه، وبالتالي فإن نتيجة التخمينات في معادلة ديراك هذه عن عدد الحضارات الكونية الذكية يتراوح بين واحد إلى عشرات المليارات، بعبارة أخرى فهي لاتسعفنا في شيء ولا تزيد معلوماتنا بشيء بل وتكشف عن مدى جهلنا المدقع بهذا الخصوص. وبغياب الدليل القاطع فكل شيء ممكن، وكل الأجوبة، مهما كانت افتراضية، ممكنة. وكان العالم البريطاني ستيفن ويب Stephen Webb قد حدد العدد بــ 50 سنة 2002 في كتابه المعنون Where is everybody، مفسراً عدم حدوث اتصال بيننا وبينها.

فرضيات الاتصال:

ماذا لو كانت بعض تلك الحضارات الكونية المتقدمة قد حاولت الاتصال بنا وأرسلت إلينا إشارات لكننا لم نرها أو لم تستلمها معداتنا البدائية؟ فمنذ أن وجه البشر أجهزتهم الراديوية radiotélescopes،نحو السماء بحثوا عن خصائص وميزات محددة اعتبروها هي التي سوف تمثل أو تكون البصمة المميزة لرسالة فضائية خارجية وهي إشارة راديوية تبث على ترددات معينة ضيقة ومكررة على نحو منتظم. فمنذ العام 1959 نشر عالما الفيزياء غيسيب ككوني Guiseppe Cocconi وفيليب موريسون Philip Morrison، من جامعة كورنيل، في مجلة الطبيعة Nature الشهيرة مقالاً ثبتا فيه الإمكانيات الكامنة للموجات الميكروية الراديوية Micro Ondes Radio، للاتصال مع النجوم. وللتمييز بين الإشارة المقصودة والضوضاء القادمة من الخلفية الكونية المكروية bruit de fond de l’univers، اقترح الباحثان تركيز انتباهنا على تردد بث الهيدروجين وهو 1.42GHz، وهو العنصر السهل في الكون المرئي الذي افترضا العلماء أنه معروف من قبل جميع سكان الكون المرئي وكل علماء الفلك الراديوي radioastronomes، حتى وإن كانوا من الحضارات الكونية المتقدمة والمتطورة علمياً. وكان أول من استخدم هذه التقنية هو مؤسسة سيتي ceti التي أسسها العالم فرانك دراك Frank Drake وما تزال تستخدمها بدون نتائج تذكر. ولقد وسعت هذه المؤسسة مجال تردداتها وصف بعضها بالحرج مثل ترددات جزيئات الماء 22.2 GHz، وأضيفت ترددات أخرى حتى بلغت 800 مليون ولكن لا أحد يعرف ما إذا كانت المخلوقات الفضائية المتطورة والحضارات الكونية قد أرسلت لنا إشارات على إحدى تلك الترددات قبل أن نستمع إليها ونتنصت عليها. أو على ترددات أخرى قد تكون أكثر مناسبة للحضارات الكونية المتطورة لأسباب تتعلق بقانون فيزياء مازلنا نجهله، ومن يعرف ما إذا كانت تلك الحضارات الفضائية المتطورة تكنولوجياً تستخدم تقنية الاتصالات الراديوية الأرضية. ربما يكونوا متمكنين من تكنولوجيا لا تزال مجهولة بالنسبة لنا. مثل الألياف الضوئية التي اكتشفها البشر مؤخراً وكانت مجهولة بالنسبة لهم في سنوات الثلاثينات. يمكن التواصل بين طرفين من خلال ضوء النجوم باعتبارها تلسكوبات راديوية عملاقة. والطاقة الضرورية اللازمة لذلك لا تتعدى بضعة واطات فقط وربما يكون سكان الحضارات المتطورة خارج الأرض قد استخدموها حيث يستهدفون أطراف الشمس في منطقة لا نستمع لها لذلك لم نتلق إلى الآن آية إشارات كلاسيكية مألوفة من قبل البشر كما يتقد ميكائيل جيلون Michael Gillon وهو عالم فلك ومكتشف للعديد من الكواكب الخارجية ويعمل في قسم الفيزياء الفلكية في جامعة ليج.

وهناك فرضية أخرى تقول أننا ربما تلقينا إشارات لكننا لم نفسرها على أنها إشارات صادرة من حضارات كونية متقدمة فربما مبدأ التكرار المنتظم لا تستخدمه تلك الحضارات كما يعتقد البشر. فخلال أربعون عاماً تلقينا الكثير من الإشارات الفضائية لكننا نجد دائماً لها تفسيرات عقلانية ترجعها إلى ظواهر كونية طبيعية أو ذات أصل أرضي، كانفجار مذنب أو نجم أو تداعيات لمستعر عظيم أو لخلل في أجهزة الرصد والاستماع الخ محيلين الفرضية الكونية الفضائية العاقلة إلى الصف الأخير من التحليلات والتفسيرات حسب مبدأ شفرة أوكهام rasoir d’Ocham، ولكن من يضمن لنا أن هذا المبدأ العلمي التحوطي لم يقودنا نحو الخطأ في التفسير؟.

فرضية حديقة الحيوان hypothèse du Zoo:

وقد تنتظر المخلوقات الفضائية الكونية المتقدمة علمياً وتكنولوجياً أن نكون مستعدين وقادرين على الفهم والاستيعاب لكي يكشفوا لنا عن وجودهم على نحو علني وصريح. وهذه هي فرضية حديقة الحيوان. وهي فرضية وضعها العالم قسطنطين تسيولكوفسكي Constantin Tsiolkovski سنة 1930أحد الرواد الروس في مجال الرحلات الفضائية المعاصرة، وهو يعتقد أن الأرض كانت في الماضي مرتعاً لزيارات من قبل أقوام كونية فضائية متقدمة علمياً أو أنها اكتشفت الأرض وما فيها منذ زمن بعيد لكنها فضلت أن تراقبنا عن بعد، أي أن الأرض بالنسبة لهم بمثابة محمية طبيعية يتفادون التدخل في نمط وطبيعة حياتها وتطورها لكي لا يؤثروا على التطور الطبيعي فيها. كما لو كان البشر قبيلة بدائية على غرار ما فعلنا نحن البشر العصريين المتطورين عندما اكتشفنا قبائل بدائية في غابات الأمازون ونرغب في الحفاظ على نقائها. وحسب العالم جون بال John Ball، الذي تبنى هذه الفرضية وصار ينظر حولها سنة 1973، لقد طورت المخلوقات الفضائية وسائل للتخفي عن أعين البشر وأجهزتهم الرصدية لتفادي أي اتصال ممكن بيننا وبينهم، سواء لأسباب أخلاقية، أو لانتظار الوقت المناسب عندما نبلغ المستوى التطوري والعلمي والتكنولوجي الملائم واللازم والكافي حتى لا نصاب بالهلع وردات الفعل السلبية. وفي هذا السياق يعتقد البعض على غرار عالم الفلك ميكائيل باباغيانيس Michael Papagiannis، مدير قسم علم الفلك في جامعة بوسطن الأمريكية،أنه ينبغي، لحصول الاتصال المأمول مع مثل تلك الحضارات الفضائية المتطورة، أن نحل أغلب النزاعات القائمة بين البشر كمخاطر الحرب النووية المدمرة، أو المخاطر البيئية، فهذا سوف يعطي الدليل لتلك الأقوام المتطورة جداً، أننا تجاوزنا المرحلة الحرجة من مخاطر التدمير الذاتي مما سيحثها بعد ذلك لأخذ المبادرة للاتصال بنا على نحو علني وصريح ومباشر. وهذا تنويع على فرضية حديقة الحيوان، تسمى فرضية البلانيتاريوم hypothèse du Planétarium، التي تخيلها ستيفن باكستر Stephen Baxter، وهو كاتب خيال علمي، والتي تذهب إلى ابعد من ذلك وتقول أن عالمنا الأرضي خلقته حضارة كونية متقدمة علمياً، هي التي نضفي عليها في أدبياتنا وكتبنا وأدياننا صفة الإلوهية، لتعطي لنا وهم العيش في إطار بيئة طبيعية، وهو سيناريو تبناه مخرجا فيلم " ماتريكس بثلاثيته الرائعة " وفيلم ترومان شو Truman Show، وفيها يكون الواقع الذي تدركه الشخصيات ما هو إلا ديكور مفبرك مصنوع بكل تفاصيله ليبدو لهم على هذا النحو. وبقي أن نعرف ما هو الهدف المطلوب والغاية المنشودة من ذلك. طبعاً تتعرض هذه الفرضية إلى انتقادات واعتراضات شديدة من قبل العديد من العلماء لكن ذلك لا يجعل منها خرافة.

فرضية استحالة الوصول إلينا لحد الآن:

يعتقد بعض العلماء بناءاً على معطيات السرعة والزمن التي تعوق البشر، وتطبيقها على المخلوقات الفضائية التي قد لا تتجاوز بكثير في علمها وتطورها وتكنولوجيتها المستوى الذي بلغناه، وبالتالي فهي تواجه نفس المعضلة أية استحالة الوصول إلينا بما لديها من وسائل سفر محدودة. أو أن تكون الحضارة الكونية الفضائية متقدمة ومسيطرة على تقنية السفر بين النجوم والكواكب مهما كانت المسافات الفاصلة بينها بعيدة لأنها تسيطر على طاقة المجرة التي تتواجد فيها. وبإمكان مثل هذه الحضارة استعمار المجرة برمتها. فإذا أرسلت حضارتنا البشرية مركبة لزيارة نجوم لمجرة بسرعة تبلغ عشر سرعة الضوء وهي سرعة لم تبلغها بعد تكنولوجيتنا المتواضعة، عند ذلك يمكن لجيل آخر من رواد الفضاء والعلماء التنقل من كوكب لآخر وزرع المستعمرات البشرية في العديد من كواكب المجرة كما هو حال بعض الحضارات الكونية المتقدمة علمياً على حسب اعتقاد بعض العلماء. وقد تستغرق هذه العلمية مليون سنة وهي زمن طويل بالنسبة لنا لكنه ضئيل جداً بالنسبة للزمن الكوني في الكون المرئي. وقد لاتكون هذه الطريقة ناجعة حسب نظرية الترشيح الرياضياتية théorie mathématique de la percolation، لأنه ليس بالضرورة أن تكون لدى الحضارات الفضائية المتطورة نزعة للسيطرة والاستعمار أوترغب بلعب دور قاطع الطريق الفضائي. فهناك بعض مناطق المجرة تثير الطمع وتفتن الآخرين وتطمعهم وتحثهم على غزوها واستعمارها لكونها غنية بمصادر الطاقة والثروات الطبيعية، بينما تظل مناطق أخرى من المجرة مهملة لا تحث أحد على المخاطرة في غزوها أو استعمارها وقد يكون نظامنا الشمسي يقع ضمن المناطق المهملة وغير المرغوبة، فقد يكون مكلفاً وخطيراً استعمار مناطق من المجرة لا تتمتع بعوامل الجذب كما يعتقد فرانك دراك إلى جانب أن السفر بسرعة تساوي عشر سرعة الضوء تنطوي على مخاطر جمة إذا لم نمتلك التكنولوجيا اللازمة للسيطرة عليها فاحتمالات التصادم ستكون كبيرة.

المعامل الأكثر إثارة للحيرة في معادلة فرانك ديراك هو متوسط المعدل الزمني لحضارة تكون خلاله قادرة على إجراء اتصالات تقنية مع غيرها من الحضارات، ومن هذا المنظور فإن حضارتنا البشرية فتية جداً وكوكبنا فتي مقارنة بعمر الكون المرئي من هنا يمكننا أن نتخيل وجود حضارة أقدم منا وأكثر تطوراً منا بكثير، ولكن لا توجد قاعدة ثابتة تقول أن مستوى التقدم التكنولوجي لحضارة ما مرهون بقدمها وطول عمرها فهناك كوارث طبيعية وأوبئة يمكن أن تؤخر حدوث التقدم العلمي وكذلك الصراعات والنزاعات المسلحة التي قد تقود حضارة ما إلى تدمير نفسها قبل أن تبدأ خطواتها في اكتشاف الفضاء الخارجي كما هو حال حضارتنا البشرية التي كانت على شفا حفرة من الدمار واندلاع حرب نووية كان بمقدورها إبادة الجنس البشري برمته. ويمكن لكارثة نووية أو انتشار فيروسات قاتلة أن تعيق المستوى التكنولوجي لحضارة، لذا من الصعب تخمين وتقويم وتقدير درجة التطور التقني أو التكنولوجي لحضارة ما. فلم يكن بوسع المصريين القدماء أو السومريين أن يتكهنوا بأن البشر سيصلون إلى القمر وسيمتلكون هواتف محمولة ذكية وكومبيوترات محمولة الخ.. ولقد قام الباحث الفرنسي نيكولا برونتازوس Nicolas Prantozos، بنشر دراسة سنة 2013 عبارة عن تحليل مزدوج لمفارقة فيرمي ومعادلة دراك آخذا بالاعتبار سرعة الاستعمار الفضائي المعقولة التي تتراوح بين %0.1 و %10 من سرعة الضوء، واستنتج الباحث منها إن الاتصال ممكن فقط بالنسبة لحضارة يتجاوز عمرها العشرة آلاف سنة في مجال السيطرة التامة على تقنية الاتصالات الفضائية الراديوية ولا ننسى إن البشرية بدأت الاستماع والانصات للفضاء الخارجي سنة 1960 لذلك لايجب أن نقلق من صمت السماء.

فرضية عبثية تقول أنهم قد يكونوا أحياء لكنهم ليسوا بالضرورة أذكياء:

هناك فئة متشائمة من العلماء يعتقدون أن الأرض قد لا تكون الوحيدة لكنها الأولى التي مرت من مرحلة الخلايا العضوية الميكروسكوبية micro-organisme إلى الكائنات المركبة الذكية والعاقلة المفكرة والواعية. فنحن نعرف أن الحياة تطورت بطفرات على الأرض قبل حوالي مليار سنة، بعد تشكل الأرض قبل 4.5 مليار سنة وبقيت بضعة مليارات من السنين على شكل مجهري لعضويات مجهرية غير متطورة كثيراً وإن ظروف تحولها إلى كائنات متعددة العضوية والخلايا أكثر تعقيداً ما تزال مجهولة وغير معروفة جيداً وغير مفهومة ولا نعرف ما إذا كان التطور آلي أتوماتيكي أم احتاج لمحفز خارجي ولظروف معينة نادرة؟ وهي فرضية طورها باحثون في الجامعة الوطنية الاسترالية في دراسة نشروها سنة 2016 في مجلة البيولوجيا الفلكيةAstrobiologie، ويفترضون أنه بعد ظهور الحياة على كوكب قابل للحياة فإنها من النادر أن تتطور بسرعة لتتحكم بتأثيرات الاحتباس الحراري والمحافظة على درجة حرارة مناسبة لوجود مياه سائلة. بتعبير آخر إن قابلية كوكب على السكن واحتضان الحياة تكون في اغلب الأحوال تسللية على امتداد مليار ومليار ونصف المليار سنة، وإن الإبادة ستكون تطوراً افتراضياً لكافة الحيوات التي انبثقت على أسطح الكواكب الصخرية في الكون المرئي قبل السماح للتطور أن يحدث ويصل إلى مستوى الكائنات المركبة الذكية. وهذا ما حصل لجارنا كوكب المريخ. فالأرض كانت الاستثناء عن القاعدة. لا توجد هناك قاعدة علمية ثابتة تقول أن تطور الأحياء المجهرية يفضي حتماً إلى ظهور كائنات ذكية واعية وعاقلة ومفكرة حتى لو كانت التجربة الوحيدة التي نعرفها في مجال التطور الطبيعي هي التي حدثت على الأرض وكانت نتيجتها نحن الذين نفكر ونكتب ونناقش ونبحث وندرس ونحلل ونفترض ونتكهن الخ.. ولو لم يحدث أن اصطدم نيزيك عملاق بالأرض وأباد جنس الديناصورات كما تقول الفرضية الأكثر انتشاراً بين العلماء، هل كنا سنظهر على ظهر البسيطة. ونحن لا نعرف لحد الآن ما هي الفرص المتوفر في الكون المرئي لكي تنبثق من عملية تطور مماثلة أو مختلفة، حضارة كونية متطورة ومخلوقات فضائية عاقلة وذكية. ولو وجدت حضارة أخرى أو إثنين في المجرة غيرنا فلن يغير ذلك في الأمر شيئا،ً فبسبب سعة المجرة الهائلة لن تتوفر لنا آية فرصة للقاء هاتين الحضارتين والاتصال بهما. ثم مالذي يؤكد لنا أن الحضارات الكونية خارج الأرض ترغب في الاتصال بنا؟ فنتاج مخيلتنا هو الذي يملي علينا فكرة أنها ترنو نحو الاستكشاف الفضائي، وربما الواقع يعني العكس تماماً، أي أن تكون تلك الحضارات انعزالية منطوية على نفسها ومهتمة بشؤونها ولا يهمها ما يحدث في الفضاء الخارجي وما يوجد فيه، ولا يوجد ما يثبت أنها ستبادر على نحو آلي، لكونها متقدمة علمياً وتكنولوجياً، بالاتصال بغيرها من الحضارات الذكية. فهناك العديد من أشكال الاستكشاف. فلو كانت الحضارة الفضائية تمتلك معرفة وتقنية معلوماتية متطورة جداً ومتقدمة علينا كثيراً فلربما تعيش في عالم فائق الاتصال على غرار ما يحدث في الأرض اليوم مع تطور وسائل الاتصال والانترنيت، وربما سيعملون على إنشاء شبكة انترنيت كونية ضخمة تربط جميع كواكب المجرة المأهولة، وربما تستطيع معرفة كل شيء عنا دون الحاجة للسفر من خلال المعطيات التي تجمعها عنا وتصيغ عالمنا افتراضياً على حواسيبها العملاقة تفادياً لمخاطر الاتصال المباشر والعدوى والتعرض لعدوانية المخلوقات المتعطشة للدم والعنف، وهوشعور يتقاسمه عدد من علمائنا الكبار الذين يعتقدون بوجود حضارات كونية ذكية متقدمة لكنهم ينصحون بعدم الاتصال بها وإعلامها بوجودنا وإرسال عنواننا وإحداثيات وجودنا المجري إليها. فتاريخ البشرية يعطينا درساً أن الشعوب المتقدمة صناعياً وتكنولوجياً قامت بإبادة الشعوب البدائية من وجهة نظرها التي كانت تعيش بمعزل عنها بأمان منذ آلاف السنين، وكانت هناك حضارات أرضية متقدمة في الصين واليابان فضلت عدم الاحتكاك بالحضارات الأرضية الأخرى التي تعلم بوجودها. فربما تعلم الحضارات الفضائية أنها قد تثير الرعب والهلع والذعر الجماعي لدى البشر في الوقت الحاضر إذا ظهرت لنا على حقيقتها فهل سيستفاد الإنسان العاقل المتطور في التبادل والاتصال مع دودة الأرض أو عالم النمل، وهي كائنات تعيش في مجتمعات وممالك منظمة؟

ولادة أسطورة العصر الحديث:

التاريخ البشري مليء بالأساطير والخرافات والملاحم الخيالية. ويكاد أن يكون لكل عصر خرافاته وأساطيره، ولا يشذ العصر الحديث عن هذه القاعدة.

فمنذ الماضي السحيق توجد آثار وكتابات ونصوص تحدثت عن " تعدد العوالم" وعن وجود مخلوقات كونية هبطت من السماء واحتكت بسكان الأرض على نحو مباشر أو غير مباشر. وفي نهاية القرن التاسع عشر بعد اكتشاف الكوكب الأحمر أي المريخ، انتشرت خرافات وأساطير عن سكان المريخ وتعززت فرضية وجود كائنات فضائية غير بشرية، ثم غزت مخيلة أقوام القرن العشرين في كل مكان في العالم الأرضي، وتكاثرت الروايات والحكايات المفبركة واختلطت بالمشاهدات الحقيقية والمختلقة عن الأطباق الطائرة وأشكال أخرى للأجسام المحلقة مجهولة الهوية ومعها تنامت الأسطورة سيما بعد حادثة رزويل Roswell، وكان هذا الموضوع بحق هو أسطورة العصر الحديث على مدى قرن ونيف من الزمن.

بدأت خيوط هذه الملحمة تنسج منذ تاريخ 27 حزيران 1947في مكتب الجريدة اليومية شرق أوريغونين دي بنديلتون East Oregonian de Pendelton، في مدينة صغيرة تقع في ولاية أوريغون Oregon، في الولايات المتحدة الأمريكية. ففي الصباح الباكر من ذلك التاريخ، عندما دق زائر بقوة بقبضته على باب مقر الجريدة. وكان رجل أعمال شاب في الثلاثين من عمره يدعى كينيث آرنولد Kenneth Arnold، وطلب التحدث إلى أحد الصحفيين كان يحمل قصة غريبة ليرويها. ففي عشية اليوم السابق عندما كان يقوم بجولة في طائرته الخاصة قرب جبل رينير Mont Rainier، في ولاية واشنطن، فقد لمح كينيث آرنولد من على متن طائرته الخاصة التي كان يحلق بها، تسعة أجسام غريبة تتحرك أمامه في الجو، وأشكالها لا تشبه شيئاً نعرفه أو مألوفاً لدينا، كانت مسطحة ومدورة في المقدمة ومثلثة الشكل في المؤخرة، وأضاف قائلاً أن الأجسام المحلقة كانت تتحرك بسرعة مذهلة أسرع من الصوت بمرتين وفق تقديراته. والحال أنه في ذلك الوقت لم تكن هناك آلة أو طائرة يمكنها أن تتجاوز جدار الصوت. ولم يتحقق هذا الإنجاز العلمي إلا في نهاية سنة 1947. وللحصول على أجوبة تتعلق بطبيعة الأجسام المحلقة التي شاهدها، ذهب كينيث آرنولد إلى الجريدة للقاء الصحافي. فلقد كانت إشاعات تدور منذ الحرب بأن السوفييت استولوا على صواريخ ألمانية وفي طريقهم لتطوير أداءاتها وتحسينها، وكان الشاب قلقاً بهذا الصدد ضناً منه أنها أجهزة سوفيتية سرية جديدة.

ولقد أخذ الصحافي روايته على محمل الجد وجعل منها موضوعاً لمقاله في اليوم التالي. واكتفى المقال بعرض الحدث كما رواه كينيث آرنولد دون أن يشير إلى قلقه من إحتمال وجود سلاح سوفياتي سري. وبدلاً من تبقى القضية متوقفة عند هذا الحد، تناقلتها العديد من الصحف ونشرت بدورها المعلومة مبالغة في ذكر غرابة الأجهزة المحلقة التي شاهدها هذا الشاب في السماء في 24 حزيران وأطلقوا عليها صفة " الصحون أو الأطباق الطائرة soucoupes volantes - flying saucers"، ولقد تجمعت في الأيام اللاحقة مجموعة من الشهادات المماثلة في اغلب الصحف يدعون فيها أنهم شاهدوا هم كذلك أشكال غريبة طائرة في الجو، إلا أن الغالبية الساحقة من الأمريكيين لم تأخذ هذه الموجة بجدية لكنهم باتوا يتسائلون عن أسباب هذه المشاهدات الغريبة اللغزية ولقد قدم بعض العلماء النادرين تفسيرات تبسيطية عمومية مبنية على معلومات سيكولوجية بدائية وعزوها إلى نوع من الهلوسة والتأثر بقراءات من الخيال العلمي الخ.

وبذلك وضعت اللبنات الأولى لنشوء الأسطورة التي ضخمتها وسائل الإعلام المكتوبة والصحف فالحدث الغريب يؤدي إلى ردود أفعال بين مختلف الفئات الاجتماعية والرأي العام مما يرغم السلطات الرسمية على التعبير عن موقفها وتقديم تفسيراتها من خلال العلماء والتي تنحوا كلها نحو التكذيب والإنكار لحقيقة ما يشاع. لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يدعي فيها أشخاص أنهم شاهدوا أجساماً غريبة في السماء لكن رواياتهم غمرها النسيان والإهمال بعد بضعة أيام من انتشارها. كان هذا الموضوع من الأخبار اليومية التي تعج بها الصحف المثيرة للمتعة والفضول وليست من النوع الذي يبقى مسجلاً ومؤرخاً في الحوليات والدوريات المتخصصة، ولكن هذه المرة كان تأثير هذه الرواية بمثابة كرة الثلج المتدحرجة والتي تكبر وتكبر كلما تدحرجت وانتشرت أكثر فأكثر حتى أصبحت نقطة الانطلاق لأسطورة جديدة حول الصحون أو الأطباق الطائرة والكائنات الفضائية الغازية والرجال الخضر وكائنات المريخ العدائية.

وفي شهر تموز من عام 1947 أطلع خبراء القوة الجوية الأمريكية على الأخبار والمقالات حول هذا الموضوع وبدأـوا في التحقيقات كما يقول بيير لوغرانج pierr legrange، عالم اجتماع في مجال العلوم وباحث في مختبر الأنثروبولوجي والتاريخ في معهد الثقافة العلمية والمركز القومي للأبحاث العلمية. ففي الوقت الذي يهتم فيه سلاح الجو المكلف بتشخيص الأجسام التي تخترق المجال الجوي الوطني الأمريكي،بظاهرة الأطباق الطائرة فهذا قد أعطاها ثقلاً ومصداقية لدى الرأي العام الذي صار يعتقد بأن الجيش الذي تلقى المزيد من الإشارات عن هذه الأجسام الغريبة المحلقة المجهولة الهوية بات يخفي الحقيقة عن الناس بالرغم من قيام طيارين متمرسين في صفوف القوة الجوية وسلاح الجو من المخضرمين هم الذين قاموا بتلك التحقيقات والمشاهدات بأنفسهم. ولم تعد تمرر على الناس فرضيات الخلل العقلي والهلوسة وتعين على الخبراء العسكريين الأخذ بعين الاعتبار وبجدية ذلك الزخم المتزايد من الشهادات والمشاهدات الجادة. من هناك أسست القوة الجوية الأمريكية مشروع Sign في ديسمبر 1947 وهدفه إجراء التحقيق بطريقة علمية حول ظاهرة الأطباق الطائرة. وجهد العسكريون ومعهم بعض العلماء في أن يجدوا تفسيرات علمية أو شروحات عقلانية لأغلب الشهادات العيانية التي يدلي بها الشهود. وكان أول حادث عولج من قبل هذه المؤسسة Sign هو حادث مانتيل Mantell ونشر على نحو واسع في الصحف ووسائل الإعلام وسلطت عليه الأضواء وبسبب حدوث خلل داخل لم يكشف توقف العمل بمشروع Sign في نهاية العام 1948 واستبدل بمشروع غرودج Grudge، ومن ثم استبدل هذا أيضاً سنة 1953 بمشروع الكتاب الأزرق Blue Book والذي بقي فاعلاً لغاية سنة 1969. وبفضل اهتمام الجيش الأمريكي بهذه الظاهرة، بقيت حية ومنتشرة إلى يومنا هذا.&

طمئنة الجمهور:

كان دور الجيش هو تقويم وتقدير حجم خطر وتهديد الحضارات الكونية الموجودة في الفضاء الخارجي وفي نفس الوقت طمئنة الجمهور. فالمؤسسة العسكرية نادراً ما تعلن نتائج تحقيقاتها وتدعي دائماً أنها وجدت تفسيراً عقلانياً لكل ظاهرة غريبة تتعلق بهذا الموضوع، ولكن مجرد الاحتفاظ بوثائق التحقيقات وإحاطتها بسرية تامة واستمرار فرق متخصصة بمواصلة التحقيقات بشأن الظواهر التي أعلنوا أنها عادية وطبيعية مناخية أو فيزيائية أو مجرد وهم بصري أو أي تفسير آخر عقلاني لاعلاقة له بالمخلوقات والكائنات الفضائية، من هنا استنتج قسم كبير من الرأي العام أن الجيش يخفي أشياء وحقائق ودلائل عن الجمهور. وتشكلت مجموعات طوعية من هواة الأطباق الطائرة يسمون الإيفولوغ ufologues، ونظمت نفسها في جمعيات بهدف القيام بنفسها بالتحقيقات الميدانية على نحو مستقل عن السلطات العامة الرسمية بشأن حوادث وظواهر الأجسام المحلقة المجهولة الهوية OVNIS، لأن العلماء عازفين عن القيام بهذه المهمة ومترفعين عليها و لايهتمون بها والجيش غير مستعد للتعاون وعرض المعلومات الحقيقية التي بحوزته بهذا الصدد. وبدأ الإيفولوغ ufologues، بنشر الدراسات والأبحاث والمقالات وتأليف الكتب مما ساهم في إدخال هذه الظواهر في صلب التاريخ البشري المعاصر.

ففي عام 1948 نوه تقرير تقويم الوضع Estimate of Situation المعروف باسم projet Sign، وللمرة الأولى، بفرضية أن هذه الهيكيليات الطائرة أو المحلقة المجهولة الهوية يمكن أن تكون تجليات لحضارات كونية فضائية، أرسلها أقوام ومخلوقات أو كائنات فضائية عاقلة وذكية ومتطورة علمياً، بيد أن مثل هذه الفرضيات لم تؤخذ على محمل الجد من قبل الحكومة آنذاك. فقط الإيفولوغ ufologues الهواة المولعين بالخيال العلمي وهـ ج ويلز وجول فيرن وحرب العوالم، هم الذين نشروا هذا التفسير الفاتن، الذي اخترق المخيال الشعبي وترسخ في أذهان الكثيرين. ولقد استقى العلماء والفنانين والروائيين وكتاب السيناريوهات من هذا المنهل ليجعلوه في قلب آثارهم وإبداعاتهم التي جعلت هذا الموضوع من المألوف الشعبي وأن يتقبله العقل والمخيال الجمعي. بينما تستمر الحكومة الأمريكية في مراكمة الأخطاء في الاتصالات الإعلامية الإنكارية أو التفسيرات التبسيطية الساذجة التي لا تنطلي حتى على الأطفال، وقررت أخيراً سنة 1969 أن توقف بحدة وبفظاظة كل تحقيقاتها حول الموضوع. بعد أن قررت أنه لا يشكل أي خطر أو تهديد على الأمن القومي ولكن فات الأوان حيث شق موضوع الصحون الطائرة أو الأجسام المحلقة المجهولة الهوية طريقه واحتل مكانه في رقعة المشهد الثقافي وتحول إلى ما يشبه الأسطورة المعاصرة.

وفي ثمانينات القرن الماضي، وتحت ضغط الإيفولوغ ufologues سمحت وكالة الاستخبارات الأمريكية سي آي أ CIA الاطلاع على جزء يسير من أرشيفها حول هذا الموضوع. وتم الكشف عن مئات الوثائق، ومع ذلك استمرت الروايات والمشاهدات والاتصالات مع الــ OVNIS وحوادث خطف البشر من قبل المخلوقات الفضائية والكائنات الكونية القادمة من الفضاء، بالتدفق والانتشار، في ذلك الوقت أطلق الرئيس الأمريكي مشروعه الجنوني حرب النجوم وتزامن مع بداية بث المسلسل التلفزيوني الشهير الملفات المجهولة أو غير المحلولة X – Files الذي تمتع بجماهيرية هائلة بشعاره الحقيقة ليست هنا أو في مكان آخر la vérité est ailleurs واتسع نفوذ وهيبة وشهرة الــ إيفولوغ ufologues حتى تحولت الروايات والمشاهدات والقصص الموثقة والمسجلة منذ سنة 1947، إلى ما يشبه الاعتقاد الديني أو الدين الجديد. ومنذ سنوات العشرينات قامت بعض المجموعات الغربية بإعادة قراءة وتفسير النصوص الدينية التي وردت في الكتب المقدسة للأديان التوحيدية في محاولة للعثور على شروحات وتفسيرات. فهناك بعض الآيات تشير إلى أجسام أو أشياء غريبة تحلق في الجو وعزت جماعات ملحدة وشخصيات مشهورة مثل جون سيندي في فرنسا، أو أرجعت تلك الأشياء الطائرة في السماء إلى تدخلات مخلوقات أو كائنات كونية فضائية وكانت موجات المشاهدات واللقاءات التي أعلنت ونشرت في النصف الثاني من القرن العشرين، تسير باتجاه هذه النظرية أي نظرية زيارة رواد فضاء متطورين من خارج الأرض قادمين من الفضاء الخارجي للأرض واتصالهم بالبشر في العصور القديمة قبل بضعة آلاف من السنين حيث صرنا وكأننا نتحدث عن معتقدات دينية راسخة جديدة كما في حالة الصحافي الفرنسي الذي سمى نفسه رائيل وأسس طائفة أو حركة الرائيليون، وغيرهم وهم مقتنعون أن كل أشكال الحياة على الأرض كانت قد خلقت أو أوجدت من قبل كائنات فضائية متقدمة علمياً وهي تراقبنا بين الفينة والأخرى وعلى نحو منتظم.

ومهما كان الجواب فإن الحقيقة تبقى غائبة ومختفية وليست هنا بل في مكان آخر والشيء الوحيد المؤكد هو أن الأمر تحول إلى ما يشبه الخرافة الميتافيزيقية أو الأسطورة العصرية.

يتبع