&في أزمنة صعبة وكارثية تصبح الكتابة جريمة يقترفها الكاتب،فيتفقد أصابعه كل ليلة،ليجد ألم الناس مطبوعاً على أديمها،ولا قدرة لديه على غسل يديه من دماء حروفه،ولا مناص من أن يبقى يحلم أن يتبدد هذا القرمزي لأبيض يوماً ما.

في الأزمنة الكارثية هل وصلت الكلمة إلى نهاية النفق؟

عندما تكون الرصاصة بمواجهة الكلمة تصبح المعادلة أصعب من أن يحكمها المنطق، وعندما يصبح وجع الناس وخوفهم وشتاتهم أكبر من حروف اللغة وكلماتها وبحور الشعر وقوافيه وحداثة الحداثويين تصبح الكتابة ترفاً وبذخاً لغوياً ليس إلا....

أمام ألم الناس ووجعهم يمارس الكتّاب خيبتهم،فيبتدعون شعراً ونثراً وحكايات بقالب مزخرف لكن يصطدمون كل يوم بنفاذ صبر الناس،وملَلهم من اللهاث اليومي لتحصيل لقمة العيش وسط انهار دماء تحيط بهم، وسعيهم اليومي للقفز من فوق ألغام الأزمات اليومية التي يتفنن في ابتداعها تجار الحرب وأطراف لم تكتفِ بالدمار والموت والدماء بل لاتزال طامعة بما تبقى من النذر اليسير من المال في جيوب شعبٍ تمَ إفقارّهُ عن سابق تصور وتصميم وترصد،وتهجّيره بتكاتف كل الأطراف الذين اختلفوا على كل شيء إلا إذلال هذا الشعب وتهجيره وتدمير ممتلكاته فقد اتفقوا على ذلك في حلف شيطاني أثبت صدق وصحة ما قلناه منذ البداية أن المؤامرة هي على الشعب السوري وليست على أحد أخر كائناً مَنْ كان،المؤامرة على محبة الشعب السوري وعمقه الحضاري وانتمائه الوطني.

في زمنٍ مضى كان الكاتب يتساءل بقليلٍ من النخبوية. لِمَنْ نكتب؟ ولكن في هذا الزمن الكارثي بات تساؤله فجائعياً أكثر لانه اكتشف أن ما كان يسمى تجاوزاً ( نخب ثقافية أو سياسية أو فكرية ) أن هذه النخب قد سقطت في الامتحان الوطني، وان كل الايديولوجيات على اختلاف توجهاتها وتحالفاتها ومنطلقاتها النظرية قد سقطت أمام قدسية الدم السوري،لان النخب الثقافية والسياسية والايديولوجيات المختلفة التي لايكون الانسان محور عملها وهدفها الرئيسي الدائم تبقى فاشلة ولاتخرج عن كونها شعارات جوفاء وخرقاء.

نتفقد أصابعنا في هذا الزمن الكارثي. ولانملك إلا ان نقول للناس:اعذرونا حبرنا لم يكن بحجم ألمكم ووجعكم وغربتكم وشتاتكم.

&