فقط خمسة وأربعون دقيقة بالسيارة يبعد مشتل تادمنت الأخضر عن الضجة الصاخبة التي تجسّد حاضرة مراكش، عاصمة جنوب المغرب. وكلما اقترب فصل الربيع أكثر، تتحوّل الحقول المدرّجة إلى مشهد منعش &بعد المشاهد النابضة للمدينة. تجده مغطى بين أدرع جبال الأطلس الكبير ومنزوياً بعيدا في نهاية طريق غير معبدة و منعرجة. المشتل، قليل من الناس يعثرون عليه صدفة.

المشتل، له تاريخ غنيّ بعدة سنوات من إنتاج أشجار الجوز، رحب بعددٍ استثنائيّ من الزوار لحضور حفل إعطاء إنطلاقة برنامج طموح لتوزيع و غرس الأشجار في أوائل شهر فبراير (شباط). كان الهواء مفعما ً بالإثارة حيث توافد 28 رجلا من القرى المجاورة و إستعدوا لغرس 14860 شتلة من أشجار الجوز. &
يقول عبد الجليل آية علي، العضو في جمعية أوكايمدن: "لدينا مقولة رائعة في المغرب تقول:" زرعوا فأكلنا، ونزرع فيأكلون" وأوضح ردا على سؤال حول أهمية كل شتلة. "إن توزيع أشجار الجوز هذه ذو فائدة كبيرة، ليس فقط لجمعيتنا ولكن أيضا لعائلاتنا، بما في ذلك لأبنائنا وأحفادنا. والفائدة التي تجلبها سيتم تقاسمها بطريقة سخية وشاملة ".
الأسعار العالمية والطلب على فاكهة الجوز في إرتفاع مستمر ، والمستهلكون في الولايات المتحدة وأوروبا يسعون للحصول على كميات أكبر من أي وقت مضى من المنتجات الفلاحة ذات الشهادة البيولوجية. وحقيقة أن الجوز سلعة ذات قيمة عالية هي واحدة من الحقائق التي يعرفها جيّدا ً عمر أوتازجو، مدير المشتل . وبينما هو يحزم، ويعدّ ويوزع الشتلات، تبرهن يداه الحيويتان على خبرة سنوات عديدة. يقول عمر: "بدأت العمل مع النباتات عندما كنت في الثانية عشرة من عمري. منذ ذلك الحين وأنا أرعى وأعتني &بأنواع مختلفة وعديدة من الأشجار المثمرة، مثل اللوز والزيتون والرمان، وطبعا ً، الجوز".
&توفّر المناطق عالية الإرتفاع مثل تادمنت بيئة مثالية لأشجار الجوز لتزدهر. فمجرد البدء بتوزيع الشجيرات على المزارعين والجمعيات المحلية، حتى يتم البدء في مراحل إعداد وزراعة بذورجديدة، منها اللوز. تغييرات مهمة تم إعتمادها في طرق دعم التنمية المحلية و المحافضة على البيئة، مثل المشتل في تادمنت الذي تملكه وتديره المديرية الجهوية للمياه و الغابات و محاربة التصحر والتي، منذ عام 2008، انضمت في شراكة مع مؤسسة الأطلس الكبير (HAF)، وهي مؤسسة مغربيّة - أمريكيّة غير حكومية، مما مكّن مؤسسة الأطلس الكبير(HAF) من إنشاء مشاتل للأشجار المثمرة في تلك الأراضي. وعندما تنضج الشتلات يتمّ توزيعها على فلاحي القرى المجاورة مجاناً كجزء من &حملة المليار شجرة التي أطلقتها مؤسسة الأطلس الكبير.
يقول رئيس مؤسسة الأطلس الكبير، الدكتور يوسف بن مئير، بحماس: "في إقليم الحوز حاليا 300000 شجرة جوز
تمثّل حاليّا ً 34٪ من إنتاج المغرب للجوز. وزّعنا &في الأسبوع الماضي وحده حوالي 28400 شجرة في تادمنت وإمكدال – أي ما يقارب 10٪ من إجمالي عدد أشجار الجوز في الإقليم ككل". وأضاف يقول: &"تنخرط هيئات المجتمع المدني و السلطات المحلية و كذا تعاونيات عديدة ومتنوعة في الحملة، ويلعب كلّ منهم &دوراً أساسيّا ً. المحفز الأساسي هو إدارة المياه والغابات ومكافحة التصحرالتي مكنتنا من قطعة أرضية للمشتل ".
وفي حالة تادمنت بشكل ٍ خاصّ، كانت شراكة رباعية، واحدة جنبا إلى جنب مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وإيف سان لوران بوتيه، الذي يستثمر دعمه المالي في تدريب أعضاء تعاونية أبوغلو النسائية لصيانة وتدبير المشاتل. وتشكّل شراكات &مؤسسة الأطلس الكبير (HAF) باختصار لوحة فسيفسائيّة من التعاون الوطني والدولي، والعمل معا لصالح الفئات التي تعاني الفقر و التهميش في المناطق القروية &في جميع أنحاء المغرب.
ويختم د. بن مئير شرحه قائلا ً: "لقد وُضفت كل واحدة من ال 700 قطعة أرضية التي تدار من قبل المندوبية السامية للمياه والغابات في المغرب لإنتاج &الأشجار المثمرة بإعتماد الشروط البيولوجية، وهذا من شأنه أن يساعد على إنتاج ما بين 80 و 100 مليون شتلة كل عام. ويشكل المشروع التجريبي لدينا معا اختراقا حقيقيا ". وعلى حد قول محمد الصّول، المدير الإقليمي لإدارة المياه والغابات في منطقة الأطلس الكبير، تمثّل هذه الشراكة والمشروع الناتج عنها جوهر استراتيجيةالمندوبية السامية للمياه والغابات ومكافحة التصحر في المغرب. "إن توزيع الأشجار المثمرة في تادمنت هو عمل حيوي لتمكين المجتمعات المحلية من المساهمة الفعلية &في حماية البيئة."
تتضمّن الرؤية الإستراتيجية للمندوبية السامية للمياه والغابات ومكافحة التصحر في هذه المنطقة مقاربة مندمجة لحكامة جيدة في تدبير الموارد الطبيعية، حيث تأخذ بعين الإعتبار خصائص كل منطقة. والنتيجة هي نهج تشاركي يقوم بتعبئة ومأسسة الشراكات بين مختلف المتدخلين بما في ذلك السكان المحليين والمنظمات غير الحكومية. وهذا يجعل من السكان المحليين شركاء للتنمية لديهم إمكانية تطوير مشاريعهم الخاصة، وتقوية العجلة الإقتصادية والإجتماعية المحلية، وخلق الثروة، دون الإضرار بالموارد الغابوية.
لا يزال إنتشار الفقر في المغرب يشكل عائقا أمام ازدهار سكان المناطق القروية. ووفقا للدراسة الأخيرة لمؤسسة كارنيغي المانحة ، فإنّ نصف سكان المملكة - وثلاثة أرباع من الذين يعيشون تحت عتبة الفقر الوطني - يعيشون في المناطق القروية. إذن يكمن مفتاح الإزدهار في الأيدي المتمرّسة بالعمل لأولئك الذين، مثل عمر، يعيشون ويعملون ويأملون ويحلمون في هواء جبال المغرب المتألقة.
&
مراكش، المغرب
تعيش إيلي هوبي في مراكش، المغرب، وهي موظفة التقارير والإعلام العامّ في مؤسسة الأطلس الكبير.
&