&
لا أحد يحب رؤية أحدا أيا كان يُضرب بالحذاء، ولكن الحذاء اكتسب مكانة خاصة في ثقافتنا منذ أن ضرب منتظر الزيدي الرئيس بوش به فنودي به بطلا. والآن نائب مصري يضرب نائبا آخر بسبب استضافته السفير الإسرائيلي في منزله. ما هكذا تورد الإبل، ولكننا عجزنا والذي يعرف كيف تورد الإبل فليدلنا على الطريقة. فقد قدم العرب شهداء وقتلى ومصابين ومشردين ولم يظفروا بشيء، لا بنصر ولا بوحدة صف ولا برؤية مشتركة ولا بقلب واحد، ولم يبق أمامهم سوى الحذاء يشهد على بطولاتهم.&
عندما تشبثنا بمصر كأمل للعرب، لم نكن مخطئين، رغم اتفاقيات السلام والتعاون مع إسرائيل لخنق غزة، ورغم كل شيء، إلا أن صحيفة إسرائيلية نشرت منذ سنوات تحذيرا من مصر وجيش مصر، قائلة أنهم يدربون جنودهم وهم يرددون شعارات أثناء التدريب لتدمير إسرائيل وحين يدربونهم على الرماية يضعون هدفا لهم نجمة داود. ولا يمكن أن يكون هناك سلام مع مصر، بحسب تلك الصحيفة.&
لسنا بصدد التشفي بعكاشة الذي طالما لوح ب "الجزمة" لمن يخون بلاده، ولا أظن عكاشة يخون بلاده، وإنما هو مندفع ويخطط وينفذ بمفرده. وقد ألفنا هذا الوضع منذ زمن، إذ اُتهِم عرفات بالخيانة لأنه غير أسلوب النضال وجرب أسلوبا قد يخدم القضية الفلسطينية وتبين أنه لم يجد نفعا أيضا. ثم قتل عرفات وأثبت براءته ولولا أنه قتل لظل الرداحون يشتمونه إلى يومنا هذا. لكن الاتهام بالخيانة ليس بالأمر السهل ولا يمكن إثباته من حادثة أو اثنتين، وإنما الخطأ هو الخروج عن الصف، وهذه هي مشكلتنا، فهناك من ينشق ويجرب الصلح والسلام مع إسرائيل لعلها تعود بالنفع، وهناك من يصالح إيران إيمانا منه بإمكانية التعايش بسلام مع دولة توسعية منذ فجر التاريخ. وحري بالعرب أن يضعوا خطة شاملة ومتكاملة بحيث لا يساء فهم أي إنسان ولا يضرب بالحذاء أو يتهم بالخيانة.&
وعلى أية حال فمصر لا يمكن أن تكون إلا مصر القائدة والمضحية، على الرغم من الشتامين والمغسولة أدمغتهم والمتأمركين ومحدثي النعمة الذين لا يفوتون فرصة لأداء السمع والطاعة للقوى التوسعية الطامعة، فمصر ليست طبالا وزمارا وراقصة لكنها صانعة التاريخ التي يحسب لها ألف حساب عندما ينوي أحد الاقتراب. فلها جيش من أقوى جيوش العالم، وفيهم حمية وغيرة على أوطانهم عز نظيرها، وعندما دعا الداعي أن الأمن القومي المصري في خطر، هب الشعب هبة واحدة لتصويب المسار.&
إن الاعتزاز بمصر ليس لأنها ضربت شخصا بالحذاء، ولكن بسبب الغيرة والحمية التي دفعت شخصا أن يضرب آخر بالحذاء حين ظن أنه يخون بلاده، نعم نحن نريد الغيرة والحمية ولكن دون أحذية.&
&