&

لا تزال أصداء الخبر الذي فجرته بعض الفضائيات الأوربية نهار الخميس الماضي ( 10 مارس ) حول حصول " سكاي نيوز " وجهازي مخابرات ألمانيا وبريطانيا علي ألآف الوثائق الخاصة بتنظيم من داخل المنطقة الحدودية الواقعة بين سوريا وتركيا خلال الأسابيع القليلة الماضة ، تتردد بقوة هنا وهناك تحمل في طياتها تسليم بصدقية ما احتوت عليه من معلومات من جانب البعض وتكذيب بسبب تضارب بعض بياناتها من جانب آخرين ..&
لا أهتم كثيراً بما إذا كانت الملفات التى بيعت لفضائيات غربية او اجهزة أمنية أروبية حقيقة أم مفبركة .. لماذا ؟؟ ..&
لأن المالكون الحاليون لها منذ نحو عشرة أسابيع ما كان لهم أن يعلنوا ذلك علي الملأ إلا إذا كانوا جميعاً علي قناعة تامة أن أي تحليلات ينكبون علي إستنتاجها في الوقت الراهن ، إن لم تكن مؤسسة علي حقائق فستكون نتئجها وخلاصتها مشوهه وما سيبني عليها من تكتيكات آنية ومستقبلية في كل ما يتعلق بالتصدي للتنظيم هش وغير ذي جدوي ..&
هذا إلي جانبأان الغالبية ممن سارعوا إلي القول أنها مزورة ومدسوسة علي المتخصصون الأمنيون الأوربيون ، لم يمضوا الوقت الكاف للتدقيق فيها وتدفعوا للإدلاء برأيهم هذا بعد ساعات قليلة من إعلان من صارت في حوزتهم عنها ..&
لذلك إختصرت وزير الداخلية البريطانية تريزا ماي جميع نقاط الخلاف بين المشككين والواثقين في جملة واحدة " علينا العمل معاً لمواجهة التهديد الدموي الذي لن يستثني أحد " وهي بهذه الدعوة تفتح الباب للقول ان كل ما سيخرج به المتخصصون من نتائج وقرارات وخطط مستقبلية لا بد ان يصب في خانة مكافحة ارهاب داعش علي مستوي كافة المجتمعات التى يمكن ان تتعرض اليوم وغداً وبعد غد لعملياته الإرهابية واعتداءاته الدموية ..&
لذلك .. لا يشغلني من قريب أو من بعيد ما إذا كان عدد الدول التى كشفت الوثائق أن لها مواطنون منخرطون في العمل الجهادي للتنظيم 50 دولة أو أقل او اكثر .. كما لا يشغلني كم من هذه الدول شرق أوسطي أو إسلامي أو أوربي .. ولا أركز فيما إذا كانت تسمية التنظيم المأطرة فوق صفحات الوثائق تعود إلي ما قبل يونية 2014 أو إلي يومنا هذا ..&
الأهم عندي هو ..&
كيف ستستفيد الأجهزة المختصة سواء كانت سياسية او أمنية من هذه الوثائق وما فيها من معلومات في حربها المستقبلية ضد التنظيم ، وكيف يتسني لها أن تستثمرها للإقضاء عليه خلال فترة زمنية محدودة !! خاصة بعد ان وصفها كبار الخبراء الأوربيون بأنها ذات أهمية قصوي وأكد فريق منهم أنها تمثل الحلقة المفتقدة بين الحلقات التى كانت تتشكل منها تكتيكات قوي التحالف في حربها ضد هذا التنظيم منذ أشهر طويلة ؟؟ ..&
من المتوقع أن تتوزع هذه الإستفادة المرتقبة بين ثلاثة ملفات ..&
الأول .. يكشف الأساليب الدعوية التى مكنت الوسطاء من تجنيد هذه الألآف من المناصرين للتنظيم ، خاصة من داخل المجتمعات الأوربية رغم نشأتهم في بيئة متفتحة من المفترض انها تعترف بالآخر وتفسح له مكان بين مكوناتها بلا اقصاء او تهميش إلي جانب تحصيلهم لنوعية متطورة من التعليم لا تربيهم علي السمع والطاعة ولا تحبب إليهم القتل وسفك الدماء ..&
الثاني .. كيف نجح التنظيم في توظيف إمكانيات وقدرات كل شخص من هؤلاء لتحقيق أهدافه الإدارية والفنية والجهادية بكل تخصصاتها ، وعمل في نفس الوقت علي الاستفادة القصوي من مهاراتهم في مجالي التنكولوجيا الفائقة وصناعة الصورة الفنية المؤثرة ؟؟ ..&
الثالث .. مستقبل المواجهة بين قوي التحالف والتنظيم علي مستويين ..&
أ – ميدانياً مع قواته فوق الأراضي السورية والعراقية وربما الليبية في القريب العاجل ..&
ب – مجتمعياً وأمنياً مع من سيعود من انصاره إلي دولهم الأصلية .. &
هناك ملاحظة جدير بالإهتمام نود التذكير بها ..&
سوابق حصول الأمريكيون والبريطانيون علي وثائق تتعلق بتنظيم القاعدة في أفغانستان والعراق عامي 2006 و 2007 وما تم إستخلاصه من تحليلات وضعت في خدمة مخططات الطرفين لوقف ألة الارهاب التى يمتلكها هذا التنظيم ، تفرض علي جهازي الأمن في البلدين وفي غيرهما من الدول الغربية التأني وعدم التسرع في وضع مخططات مشابهه بهدف دحر داعش في العراق وسوريا .. لماذا ..&
لأن العديد مما نُفذ في أفغانستان وباكستان من مخططات سرية وعلنية قبل نحو عشر سنوات لإستئصال جذور القاعدة ، لم يحقق نتائج تذكر في هذا الخصوص ..&
وعليهم ان يستفيدوا من الفرق الجوهري بين " ملفات سنجار " القاعدية و " كنز داعش الوثائقي " ، لأن الأخير كما نشر علي المستويين الإعلامي والأمني يحتوي علي أسماء المتطوعين ومن أين قدموا ومن الذي توسط لإلحاقهم به والطريق الذي سلكوه حتى بلغوا غايتهم وأعمارهم ووسائل الإتصال بذويهم في حالة وفاتهم ومستويات تحصيلهم العلمي في بلدانهم الأصلية والخبرات التى تحصلوا عليها والمهارات المكتسبة ونوعية العمل الذي يمكن أن يقوموا به ضمن هياكل التنظيم ، بالإضافة إلي إهتمام الوثائق بتحديد فئة المقاتلين والإستشهاديين / الإنتحاريين وكذا المهرة منهم في مجال توسيع دائرة الدعاية والتواصل الإجتماعي والتصوير والإخراج الفني ..&
وفق هذه الرؤية التي تنظر إلي المستقبل ..&
نتوقع ان تستفيد الأجهزة المختصة من كافة الخبرات المحلية ( الأوربية ) والإقليمية ( خارجها ) لكي تكون نسبة ما ستتكشف عنه تحليلات بيانات هذه الوثائق أعلي مما لو تركت لمجموعة غربية ذات إرتباط أكاديمي بمدرسة تحليلية واحدة ..&
ونأمل أن تتوسع التحليلات لكي تشمل كافة المستويات الإجتماعية والثقافية والعقائدية لمن وردت إسماؤهم في الوثائق ، الأمر الذي من شأنه أن يُمكن الأجهزة المختصة والهيئات المعنية من وضع خطط متكاملة للقضاء بالتدريج علي ظاهرة تجنيد المسلمين علي مستوي الدول التى تسابق المناصرون للتنظيم للسفر " طواعية " منها بغية الإلتحاق بهياكله الإدارية والمعلوماتية والقتالية ..&
نقول ذلك في ضوء المحاولات العديدة التي بذلتها الهيئات الأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني خاصة في بريطانيا وفرنسا منذ أكثر من عامين دون أن تضع يدها علي حقائق علمية وواقعية تفتح لها سبل التعرف علي أسباب إندفاع الشباب الذي ولد ونشأ وتعلم بين جنبات كلا المجتمعين وإستظل ببيئة الحرية والتعددية المتجذرة فيهما ، ثم ترك كل ذلك خلفه وإنجذب إلي دعوة الجهاد وتحول بين يوم وليلة إلي قاتل مـأجور وسافك للدماء ..&
ونؤكد أن العديد من علامات الإستفهام التى لا زالت متراكمة فوق صفحات التقارير والدراسات التى سجلت نتائج هذه المحاولات ، يمكن أن يعثر الأخصائيون علي إجابة لها بين المعلومات التى تحملها صفحات هذه الوثائق ..&
ونزعم أن الجمع بين الكثير من النتائج العملية التى توصل إليها الباحثون الأكاديميون في العديد من المراكز البحثية المتخصصة في دول عربية مثل السعودية ومصر وإسلامية مثل نيجيريا وأندونيسيا وتركيا خلال الخمسة أعوام الأخيرة إذا أضيفت إلي ما نتوقع ان تتوصل إليه الفرق البحثية التي تفرغت منذ نحو ثلاثة اسابيع علي تفكيك شفرة كنز وثائق داعش ، سيقود إلي نتائج من شأنها أن تلقي الضوء علي كيفية التعامل في المستقبل القريب مع الهدفين الأساسيين اللذان يشغلا بال الحكومات الغربية ومؤسساتها الامنية والمعلوماتية ونعني بهما خطة التعامل الميداني مع التنظيم فوق الاراضي العربية التى يواصل تدميرها ، ومع أنصاره العائدين طواعية إلي دولهم التى خرجوا منها أو القادمين إليها بتكلف من قياداته &لتنفيذ مخطط دموي بين أبنائها ..&
&