زيارة الملك سلمان إلى مصر بعثت الأمل الكبير في النفوس، فهاتان أكبر وأقوى دولتين عربيتين تتضعان يدهما بيد بعض. وهذا ما يجب أن يكون عليه الحال دائما وليس فقط استجابة للمخاطر والتهديدات. فتحالف الدولتين هو تحالف عائلي، ويجب أن يجري مع جميع الدول العربية، فهناك قدرات هائلة وكثافة بشرية وهمم عالية تنتظر الفرصة للنهوض، ما ذنب الشعوب أن تسجن ضمن إطار حدود مصطنعة فرضت عليها؟ إذا وجد الشباب العربي عمقا عربيا، فلن يلجأوا إلى الدول المتربصة بهم ولن يتعاونوا معها، ولن يكون ممكنا اختراق البلاد من خلالهم تارة باسم الدين وتارة باسم الطائفة وتارة باسم العرق.&

تصوروا لو أن الشعب المصري تحسنت ظروفه المعيشية وأصبح يدخل السعودية بيسر وسهولة، لا شك أنه سيكون درعا منيعا أمام المخاطر، إن فيها خير أجناد الأرض، وقد أثبتوا كثيرا أنهم رجال لا يتراجعون أمام الزحف المعادي لهم. وهذا هو التكامل التي تطمح إليه الشعوب، فقد ظل العرب يحتمون بالدول الكبرى التي لا ترى فيهم سوى ذبيحة شهية على موائدهم، وها هي ابتعدت عنهم وتحالفت مع أعدائهم، ولا يعلم سوى الله ما الذي تخطط له.&
يقولون أننا نؤمن بنظريات المؤامرة وهي وهم نحن اخترعناه. أي وهم هذا بعد أن أوضحت جميع الوثائق والتسجيلات المسربة ما يراد بالبلدان العربية، ولنتذكر عندما سئل موشي دايان "لقد أعلنتم عن عزمكم مهاجمة العرب في الصحف، ألم تخشوا أن يقرأ ذلك العرب ويباغتوكم بالهجوم؟" فرد دايان قائلا "إنهم قوم لا يقرأون وإذا قرأوا لا يفهمون".&
لقد قرأنا ووصلت الأخبار إلى مسامعنا فهل ننتظر الأحداث ثم نحتج ونشجب؟ إن التحالف والوحدة العربية ضرورة وجودية وليست ترفا، ولو أن الدول العربية تفكر بعقلانية وحكمة، فيجب أن تلغي التأشيرات البينية، وتفتح الأبواب لمن يريد أن يعمل ويسكن فيها، أفلا يخلق ذلك شعورا بالانتماء والولاء؟ أفلا يحمينا ذلك من خسارة الشباب المغرر بهم الذين يتحولون إلى أدوات قتل في يد الأعداء؟ ولماذا يذهب هؤلاء الشباب أصلا؟ إنهم يستلمون رواتب مرتفعة وهذا ما يبحثون عنه، عمل ورواتب وحياة كريمة. ألا تستطيع الدول العربية التكامل فيما بينها لتوفير حاجات الشعوب؟ بلا إنها تستطيع أن تقيم في كل دولة مشاريع تستوعب الأعداد الهائلة من الباحثين عن العمل كي لا يستقطبهم أحد ولا يوظفهم لتدمير بلادهم.&
إن الإرهاب تجارة "بزنس" وهناك جهات تمول وتدرب وتدفع رواتب مقابل تخريب اليلاد. ألم يحن الوقت للبلاد العربية الثرية أن تستخدم ثرواتها لبناء الإنسان العربي؟ إذا كان لا يزال هناك وقت ولننتظر، فتوقعوا مزيدا من الخراب والدمار. وسوف تدمر دولة تلو الأخرى، فقد بدأ التدمير بالعراق وامتد ولن يقف عند حد، ولن تتخل واشنطن عن خطة إعادة تقسيم المنطقة، ولماذا تتوقف وهي لا تخسر جنديا واحدا في تنفيذ هذه الخطة، فهي تستخدم أبناءنا وأموالنا لتدميرنا، وليست هذه تكهنات بل أنها أحداث تجري على أرض الواقع.&
هذا التعاون المصري-السعودي يجب أن يكون نواة ليتسع ويعطي شباب العرب الفرصة لكي يثبتوا أنهم حصنا وحماية ودرعا للبلاد العربية وهم يستحقون هذه الفرصة بلا ريب.&
&