&
مع الانفتاح على الحضارة الغربية منذ أواخر القرن التاسع عشر، شهد العالم الإسلامي ولاسيما في مصر ودول أخرى واشراقات مضيئة في مختلف المجالات. من ذلك في الوعي السياسي والاجتماعي والنهضة الفكرية والأدبية والفنية والحركات النسائية الصاعدة. وظهر أدباء نُقلَت مؤلفاتهم إلى أمهات اللغات الحية.
في السبعينات قدمنا للعالم باسم فلسطين خطف الطائرات والسفن ومهاجمة اولمبيات رياضية كميونيخ وأماكن عبادة اليهود ومراكز تجمعاتهم لا سيما في باريس. كانت تلك العمليات إرهابا تحت شعار سياسي هو القضية الفلسطينية التي راح يتاجر بها الطغاة العرب والاسلاميون وكل من هب ودب. ومع انتصار الخمينية في أواخر السبعينات الماضية ازدادت الأوضاع سوءا وشهدنا الميليشيات الطائفية وفيلق القدس ونظرية حاكمية الامام الغائب بموازاة ما كان الاخوان يرفعونه من شعار عن حاكمية الله. في العقود الأخيرة من القرن الماضي ولحد يومنا لم يعد العالم الإسلامي يقدم للعالم غير هوس العنف واستصغار المرأة وكراهية الآخر ورفض حرية الرأي والنشر. وفي هذه العقود ظهر الإرهاب باسم الإسلام وظهر ارهابيون قتلة مهووسون بترويع العالم.
نذكر 11 سبتمبر وما تلاها من عمليات في مدريد ولندن وصولا إلى عمليات باريس وبروكسل الأخيرة. فضلا عن عمليات إرهابية داخل العالم الإسلامي نفسه. لقد قدمنا للعالم بضاعة الدم وقطع الرؤوس وضرب الأعناق واصناف الحجاب والنقاب ومعاداة الحريات. لقد ظهرت القاعدة بكل فروعها والخمينية بكل ميليشياتها وداعش. في حين ضربت الكنائس داخل العالم العربي نفسه وهوجمت احتفالات مسيحية بل هوجمت حتى جوامع وحسينيات لأسباب سياسية وطائفية. لقد تراجع عدد مسيحيي العراق إلى الثلث ونعرف ما جرى للأيزيدية. وها هم يهود فرنسا يهاجرون إلى إسرائيل فرادى وجماعات بعد ان تركزت عليهم هجمات دموية متتالية باسم الإسلام. وهكذا يقد الارهابيون الإسلاميون خدماتهم لإسرائيل. وتدل الإحصاءات الدولية على انه في كل عام يقتل 3 آلاف مسيحي على أيدي الإرهابيين الإسلاميين.
ورغم كل هذه الأهوال التي أتت من الإرهاب الإسلامي، كان كل ردود فعل المسلمين في الغرب والحكومات الإسلامية نفسها هو ترداد كليشة "هذا ليس من ديننا... إنه ضد الإسلام" ولم نجد يوما ما أية مظاهرة كبرى لجالية مسلمة تتصدر الاحتجاجات في شوارع المدن الغربية. إن المسلمين في الغرب يقدمون صورة من الإسلام تنحصر في احكام الشريعة وما تعنيه من جلد ورجم ومعاقبة من يغير دينه وزواج الصغيرة والحجاب والنقاب، والمظاهرات الصاخبة ضد اية صحيفة متهمة بنشر ما يعتبر إساءة للإسلام، بدلا من رد الحجة بحجة. إلى هنا نكتفي والحديث يطول لنقول ان أمام الدول العربية والإسلامية والجاليات المسلمة واجبات ومسؤوليات كبرى في بذل جهود حثيثة وواعية لتصحيح صورة الإسلام والمسلمين في الغرب. إن المطلوب تحولات جذرية أولا داخل العالم الإسلامي نفسه في ما يخص الموقف من الديمقراطية والمرأة وحقوق الإنسان. ولا ندري ماذا سيتخذ المؤتمر الإسلامي المنعقد حاليا من تدابير وإجراءات ضد التطرف الديني والإرهاب الجهادي وفي مجالات الإصلاح الديني والاجتماعي.
&