كتبت كارين يونغ مقالا بعنوان "علاقات تربط أم تعمي؟ التقارب الأمريكي-الإيراني وأثره على إدراك الخطر لدول مجلس التعاون الخليجي" نشر في مجلة منتدى أكسفورد لدراسات شبه الجزيرة العربية، ربيع 2016، قالت فيه أن الاتفاقية النووية بين ايران والدول العظمى 5+1 تعتبر نقطة تحول في الفكر الاستراتيجي في دول الخليج، فهذه الاتفاقية لن تقف عند حدود وقف النشاط النووي لإيران، بل هي فاتحة لتقارب اقتصادي ودبلوماسي بين ايران والغرب. وقد اعترف أنتوني بلنكن نائب وزير الخارجية الأمريكية ب "تواضع" الدور الأمريكي في المنطقة. كما أوضح استطلاع للرأي قام به مجلس شيكاغو للعلاقات الدولية أنه لا يوجد دعم من قبل الحزبين الديمقراطي والجمهوري لزيادة الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الخليج.&

&
تنظر الولايات المتحدة الأمريكية إلى دول الخليج وكأنهم أقارب بعيدون ولكنهم ليسوا أصدقاء مفضلين، أي أن الولايات المتحدة لا ترغب بأن يراها العالم مع حلفاء هم عبارة أنظمة ملكية تقليدية سنية عربية وخاصة المملكة العربية السعودية. وهذا تغير كبير في الدبلوماسية الأمريكية، فالولايات المتحدة لم تعد ترى دول الخليج أفضل حليف لها، لكنها ترى في إيران مركزا ومحورا للاستراتيجية الأمنية والاقتصادية في المستقبل، وقد دل ضعف المتابعة لاتفاقية كامب ديفيد 2015 على عدم رغبة ايران والولايات المتحدة على مشاركة دول الخليج فيما يتعلق بالشأن الإيراني. فايران تمتلك كافة المقومات للتنمية الاقتصادية على العكس من دول الخليج العربية التي لا تزال تصارع بهدف تنويع اقتصادها، بينما نجحت ايران في تطوير صناعات ومنتجات خارج قطاع النفط كما أنها تحتوي على مجتمع استهلاكي فتي حيث أن 60% من سكانها هم دون سن الثلاثين، ولديها 17% من احتياطي العالم من الغاز و 10% من النفط. ومن المتوقع أن تزيد وارداتها من 75 مليار دولار إلى 115 مليار خلال السنوات الخمس القادمة.&
&
بالمقارنة مع دول الخليج بأنظمتها الاقتصادية المتركزة على منتجات معينة وأنظمتها السياسية غير المرنة فإن ايران تبدو شريكا جيو-سياسي واقتصادي أكثر جدوى في المنطقة. ولكن دول الخليج العربية تنظر إلى هذه الاستراتيجية بما تتضمنه من نهضة اقتصادية وسياسية لايران على أنه خطر وجودي عليها. ولكن هذه التطورات تمثل أيضا فرصة لدول الخليج إذا تمكنت من احتواء الخطر السياسي لايران. إن التحدي الكبير الذي يواجه دول الخليج العربية هو وضع استراتيجية دفاعية لمواجهة ايران الصاعدة. وبينما تحدد دول الخليج العربية أهداف السياسة الخارجية لدول الخليج بأنها تحقيق النمو الاقتصادي والوحدة الوطنية واستئصال عوامل التفرقة، إلا أننا لن نرى استراتيجية دفاع شاملة لدول مجلس التعاون، وعلى الأغلب سوف &نرى استمرارا للإنفاق على الأسلحة وسوف تستمر هذه الدول بتحرير شيكات كطريقة أسهل وأسرع بدلا من التعاون مع بعضها البعض.&
&
أثبتت الأحداث الأخيرة أن دول الخليج مستعدة للذهاب إلى المعركة كما فعلت في ليبيا، ولكن بشكل منفصل، وباسلحتها وجنودها وقيادتها، وعلى الرغم من التحالف السعودي-الاماراتي في الحرب في اليمن، إلا أن كلا منهما لها أهداف استراتيجية مختلفة عن الآخر. وعلى الرغم من أن كليهما تحاربان الحوثي المدعوم من قبل ايران، لكن أهدافهما البعيدة مختلفة وتشمل بناء وحدة وطنية والسيطرة على الطرق التجارية والطرق البرية داخل المملكة العربية السعودية.&
&
يتمثل الخطر الايراني لدول الخليج بالاختراق من خلال الطائفة الشيعية ومن خلال الحرب غير التقليدية ومنها الإرهاب والجرائم الالكترونية. أما من حيث الحرب التقليدية، فإذا قللنا من شأن حرب برية حاليا، ولكن هناك تركيزا كبيرا على الطائرات الحربية، والصواريخ، وها هي دول الخليج تشتري وتشتري كل على حدة، ولو كان هناك استراتيجية دفاع مشتركة لتقلص الإنفاق العسكري كثيرا، بالإضافة إلى ذلك، فإيران ليست خطرا داهما لكل دول الخليج، فهي ليست عدوا لسلطنة عمان مثلا.&
&
إن الولايات المتحدة بصدد تغيير سياستها الاستراتيجية في المنطقة بعد أن وجدت عوامل اقتصادية كثيرة مشجعة على التعاون مع إيران. وعلى الرغم من الوجود العسكري الأمريكي والمبيعات الضخمة للأسلحة لدول الخليج، فهذا لا يعني التزاما من قبل الغرب بدعم المسلمين السنة وإعطائه أولوية على المصالح الأخرى.&
&