النواب المعتصمون في مجلس النواب العراقي تمردوا على رؤساء كتلهم فليس لهم مستقبل سياسي معهم، وأخذوا جانب المتظاهرين والمعتصمين من العراقيين الساخطين على اداء حكومات المحاصصة المتعاقبة منذ 2005 وتبنوا مطالبهم بإنهاء نهج المحاصصة وليس لهم مستقبل سياسي إن لم يمضوا به إلى الأخير.
فقد وضع رؤساء الكتل نوابهم أمام إحراج كبير، فزعماء الكتل كانوا يبعدون أنفسهم عن الصورة ويقسموا"غنائم السلطة" فيما بينهم وعلى نوابهم تبني ما يقومون به والدفاع عنه،ما وضعهم أمام الشعب وتلقى النواب اللوم على إستشراء الفساد الذي سكت عنه رؤساء الكتل وعلى الفشل الذي رعاه ونماه رؤساء الكتل وعلى تفشي الخطاب والمنهج الطائفي الذي تبناه رؤساء الكتل، وعلى المحاصصة التي عارضها المواطنون عبر تظاهرات مليونية عمت كل مدن العراق فيما يوقع رؤساء الكتل وثيقة أطلقوا عليها إسم "وثيقة الشرف" لتعزيز هذا المنهج المدمروالذي لم نجن منه غيرالمزيد من تردي الخدمات والمزيد من الفشل والفساد. كل ذلك أدى إلى حركة تمرد لبعض النواب ضد رؤساء كتلهم في حركة قل نظيرها في تاريخ العراق والمنطقة رغم تحفظات البعض عليها وإعطاءها صبغة "تامرية" ضد مبدأ "التوافق" وصرنا نسمع عودة لمطلب "تمثيل المكونات" الذي اشار اليه رئيس مجلس النواب المقال سليم الجبوري في مؤتمره الصحفي بعد إقالته بحوالي الساعة.
ليس أمام النواب ال174 الذين وقعوا على طلب إقالة هيئة الرئاسة سوى المضي في تحقيق ما أعلنوه من إصلاحات والإستمرار بعملية تغييرالكادر المتقدم لجميع الوزارات والهيئات المستقلة والأجهزة الأمنية ومحاسبة الفاسدين الكباروتشريع القوانين المهمة في أقرب وقت ممكن. فقد كان دافعهم الأول –كما أعلنوا- هو الإستجابة لمطالب المتظاهرين ما يجعل مستقبلهم السياسي مرهون بما يمكن أن يحققوه من الأهداف التي طالب بها المتظاهرون.أ
قترح على النواب المعتصمين أن ينتخبوا رئيس ونواب رئيس مجلس النواب من الأقليات، فيكون رئيس المجلس مسيحي ونائب صابئي، وأخر أيزيدي أو شبكي على أن يكونوا من الأكفاء والمشهود لهم بالنزاهة والوطنية البعيدة عن الخطاب الإثني، وبذلك سيعطي النواب دليل على تخطيهم البعد القومي والطائفي وإعتمادهم مبدأ المواطنة بديلا عن الطائفية، كما إن ذلك كفيل بعدم معارضة أحدى الطوائف الكبرى على ذلك كون جميعها غير ممثلة في هيئة الرئاسة وذلك كفيل أيضا بعدم معارضة التحالف الكردستاني الذي طالما سعى لكسب ود الأقليات خاصة في المناطق "المتنازع عليها" لكسبهم لصفه.على أن يكون أول قانون يسنه المجلس بعد تشكيل هيئته الرئاسية هو قانون إعتماد المواطنة والكفاءة والنزاهة في التعيين بالمناصب العليا في البلاد بغض النظر عن القومية أو الدين أو المذهب أو الجنس، والقانون الثاني الذي على المجلس سنه باقرب وقت هوقانون تحديد رواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث بما يماثل نظيرتها في دول الجوار كي لا تكون هذه الرواتب والمخصصات هي الدافع وراء تكالب البعض على هذه المناصب خاصة ونحن بحاجة ماسة إلى خفض النفقات والتي أبعدت الرئاسات الثلاث نفسها عن الشمول بها.
وأقترح كذلك على المجلس ترشيح شخص من المستقلين ليكون رئيسا لمجلس الوزراء وإختيار الوزراء من المستقلين التكنوقراط وأن تحدد مهام الحكومة للسنتين المقبلتين بمحاسبة الفاسدين وإعادة الأموال التي نهبوها من الدولة العراقية، وتشكيل لجنة من المتخصصين من رجال القانون والإقتصاد والإدارة والعلوم السياسية لتعديل الدستور اخذين بنظر الإعتبار ما أفرزته تجربة السنوات السابقة من العمل بمواد الدستور الحالي، وتشكيل مفوضية إنتخابات مستقلة فعلا وسن قانون إنتخابات جديد يضمن حفظ صوت الناخب.
بهذه الخطوات سيحظى النواب بدعم المواطنين العراقيين والدعم الدولي، فكما مللنا تردي أداء الطبقة السياسية الحالية، فهكذا هو الحال مع الدول المانحة والداعمة للعراق والتي أصبحت مترددة في تقديم اي دعم للعراق لتوفر دلائل متزايدة على فساد هذه الطبقة.
أخيرا أنصح النواب ال174 بالإبتعاد عن إستخدام مفردة "المكونات" وإستبدالها بمفردة "المواطنين العراقيين" فهذا ما يجعل خطابهم يختلف عن خطاب الفريق الأخر الذي يتسم بالطائفية والمناطقية والذي سيلجأ إلى إستخدام مفردة "تمثيل المكون" التي عادة ما تستخدم لإستغفال المواطنين حيث غالبا ما لجأوا سابقا الى هذه الحيلة للحصول على المناصب لأسماء بعينها وليس لأي شخص أخر من "المكون".
&