عادةً مايتم استخدام المدنيين من قبل الأحزاب ذات السلطة العسكرية لتمرير سياسات خبيثة تجاه الآخرين، وذلك عبر طرق عديدة تكون الوسائل الاعلامية إحداها، لتظهر على المتابعين بمايطلبه الحزب الحاكم من إساءة وتخوين للأطرف السياسية الكردية بقياداتها المختلفة، حيث روناهي خير آداة لتلك السياسة البلهاء.
إذ أن عمل هذه القناة تذكرنا بأحداث (بوغروم اسطنبول) عام 1955 حين تداولت الوسائل الاعلامية التركية أنباء تفيد بأن القنصلية التركية والبيت الذي ولد فيه مصطفى كمال أتاتورك شمال اليونان تعرض إلى القصف، حيث الوسائل الاعلامية أشارت حينها إلى تورط اليونانيين بالحادثة وبقيت صامتة عن تورط الحاجب التركي في القنصلية بوضع القنبلة فيها، مما أدت الشائعات الاعلامية الموجهة إلى هجوم من قبل غوغاء أتراك، تجمعوا بالآلاف وقاموا بالاعتداء على الأقلية اليونانية.
الحادثة تتشابه في مضمونها مع الأحداث الأخيرة التي تشهدها المناطق الكردية بروج آفا، حيث الفتيل الذي أصابت نيرانه كل مايتحرك ضد سياسة الحزب الحاكم PYD، كانت الشرارة هي روناهي التي تحاول منذ أكثر من عام توجيه الرأي العام الكردي ضد سياسة اقليم كوردستان وضد الاحزاب الكردية الأخرى في سوريا، وظهر على شاشاتها مراراً من يسيئون إلى السيد مسعود البرزاني بكلمات نابية يخجل الاذن من سماعها لشدة اجحاف ماجاء فيها بحق نضال البرزانيين.
ولا شك بأن هذا التوجيه الاعلامي& التحريضي يقف وراءه بوضوح حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يوهم الجميع بأن هناك مسيرات عفوية ومطالب شعبية ضد القادة والاحزاب الكردية ممن لا يتوافق رؤيتهم مع الرؤى الآبوجية، والهدف من ذلك خلق ردات فعل من مناصري باقي الأحزاب وصولاً إلى حالة احتقان تتولد بين الطرفين لتصل إلى حد التخوين دون رادع الهوية القومية المشتركة، وهذا ماحدث بالفعل في الآونة الأخيرة، حين وصل الحال بالحزب إلى استخدام السائرين في ركابِه كآداة لتمرير الجرائم بحق الطرف الآخر( احراق مكتب المجلس الوطني الكردي- احراق مبنى اذاعة ارتا اف ام) بحجة أن المقدمين على العمل هم خارجين عن سيطرته ويتصرفون بردة فعل.
ولن يكون غريباً أن يتم الاستغناء عنهم لاحقاْ وتقديمهم إلى العدالة الوهمية بحجة محاسبتهم، حيث الحساب سيطال مراهقي السياسة دون أن يمس القادة المدبرين لكل هذه الحملات العنصرية بحق القادة والأحزاب الكردية الأخرى.
ومن المتوقع أن نجد أنفسنا أمام مرحلة مقبلة سيكون للمذهب السياسي والولاء الحزبي دوراً مفصلياً وطاغياً على كل القيم والأسس الأخلاقية للسلم الاجتماعي في المنطقة، ليصبح الكوردي صديق عدوه، وعدو أخيه المختلف معه بالانتماء الحزبي، وهذا الأمر إن كان مخططاً له أو نتيجةً للهمجية السياسية ستكون مآلاته ليست بالحميدة على مستقبل التعايش بين الكورد أنفسهم.

لذا يتوجب على الجمبع العودة إلى رشدهم قبل أن نرى أنفسنا في دوامة الصراع بين الاخوة، كي لايتم استغلاله من المتربصين من حولنا والراغبين بتوظيف هذا التنافر والعداء بين الأحزاب الكردية لمصالح دول اقليمية لن تتوانى في ضرب المشروع القومي الكردي بسيوف كردية داخلية.
وقد رأينا حجم العداء الذي يضمره داعمي المتطرفين بالمال والسلاح من تلك الدول على الكورد في حي الشيخ المقصود بحلب، حيث القصف الممنهج على المدنيين العزل من قبل فصائل عسكرية للمعارضة السورية، وهنا يتمنى الكوردي لو أن بامكانه نقل دماء الشهداء الذين يسقطون في ذلك الحي ويضعها على جبين القادة الكورد في روج افا، ليدركوا بأن أظفر أبناء الحي أغلى من أجندات قيادات متقاعسة ترى روج آفا بعين تطمع إلى السيطرة عليها، لا لخدمة أبنائها وحقن دمائهم والدفاع عنهم، إنما لتحقيق مآرب حزبوية لا تتجاوز أنوف المؤدلجين، وتبقى أمنيتنا الأخيرة هي أن يشعر بالعار على ما حصل في الشيخ مقصود وما يحصل حالياً في الجزيرة حزب الاتحاد الديمقراطي أولاً ومن بعدهم جميع القادة وسياسيي الحركة الكردية في عموم سوريا.
&