عندما يتحدث مسؤول كوردستاني عن مرحلة ما بعد داعش ويطرح أفكارا واقعية للاتحاد العراقي حقنا لدماء المواطنين وللحيلولة دون نشوب حرب أهلية مدمرة واقفة على الأبواب نتيجة السياسات العنصرية والطائفية المقيتة التي مورست منذ سقوط النظام الدكتاتوري، تقوم قيامة الطائفين والعنصريين والأجهزة الإعلامية المرتبطة بها لتعيد اجترار الأسطوانة المشروخة والنشاز عن الاطماع الكوردية وكيل الاتهامات المبتذلة ضد الحركة الوطنية الكوردستانية.

نعم انه سؤال وجيه لكل من يهمه مصلحة العراق وشعبه ومستقبله ولابد من وضع الحلول الواقعية الصائبة الممكنة لمعالجة حالة الانقسام والتشظي والشرخ العميق بين مكونات الشعب العراقي الذي يعيش حالة من الوحدة الاجبارية القسرية المصحوبة بكل أنواع اللجوء الى العنف المنظم والانتقام الأشد للإدامة بهذه الحالة الشاذة التي كانت ولاتزال وراء الالاف من الماسي المروعة كجريمة سبايكر الدموية على سبيل المثال وما اعقبها من حالات انتقام فردية وجماعية والتي بمجموعها ليست ببعيدة عن التدخلات الإقليمية وصراعها للاستحواذ على جزء من الكعكة العراقية.

ان أي مواطن عراقي يعرف اليوم حقيقة الانقسام الكبير في المجتمع العراقي الذي تجاوز التقسيمات القومية والطائفية الرئيسة لتصل الى القبيلة والعشيرة والفخذ والاسرة وهناك الاف حالات الطلاق حتى داخل العائلة العراقية بسبب الشحن الطائفي والعنصري واي حديث عن وحدة العراق المزعومة ارضا وشعبا يبقى مجرد خداع وكذبة للمزايدة والمتاجرة ويجر البلاد الى المزيد من الكوارث والدمار والدماء والدموع مالم يتم بناء العراق الجديد على أساس احترام إرادة مكوناته الرئيسة واحترام حقوقها المشروعة المضمونة تشريعيا وقانونيا ومن غير المقبول والممكن فرض الوحدة القسرية والاتحاد الاجباري بالقوة وعلى أساس حرمان هذا المكون او ذاك من حقوقه المشروعة وهو الامر المتوقع حدوثه بعد الانتهاء من مرحلة داعش وارهابها الدموي.

الاستعداد لمرحلة ما بعد داعش التي تلفظ أنفاسها الأخيرة في العراق ضروري وعلى قدر كبير من الأهمية لمنع الأسوء القادم مالم يتم إيجاد الحلول مسبقا سواء كانت هذه الحلول في تعميم النظام الفيدرالي او إقامة نظام كونفيدرالي ومن اجل وحدة وطنية حقيقية وليست قسرية مبنية على الغاء الاخر واكراهه على القبول بموقع المواطن من الدرجة العاشرة هذا اذا سمح له بالعيش والبقاء فالتجربة المرة السابقة اثبتت بما لا يقبل الشك استحالة العيش المشترك في ظل العقلية والتجربة السياسية السائدة ولكي يكون هناك عيش مشترك ووحدة اختيارية لابد من عقد اجتماعي وسياسي جديد يضمن المساواة وحقوق كل المكونات دون تغييب او انتقاص ومن دون هكذا اتفاق فالنتيجة المتوقعة من الانفراد بالسلطة والتسلط على الاخرين لن تكون الا المزيد من الدمار والضحايا والحرب الاهلية والتدخلات الإقليمية المباشرة التي ستجعل من العراق ساحة لتصفية الحسابات.

ما قاله المسؤول الكوردستاني حول ضرورة الاستعداد لمرحلة ما بعد داعش وإيجاد الحلول الواقعية للمشاكل المتوقعة جرس انذار لكل الحريصين على مستقبل العراق وارواح أبنائه أيا كان الوصف الذي تطلقه أجهزة الاعلام المشبوهة على مقترحاته فقد انتهى العصر الذي كان ممكنا فيه إقامة كيانات موحدة شكلا بقوة النار والحديد ومنقسمة داخليا حتى النخاع.

[email protected]

&