&يواجه البريطانيون أصعب إمتحان للقيم البريطانية التي جعلت من بريطانيا من أكثر الدول تعاطفا وتقبلا للمهاجرين حتى وإن كان هناك مصلحة ’مشتركة, وطالبي اللجوء السياسي.. وأيضا أحد أهم أعمدة الإتحاد الأوروبي في العطاء المالي. عملية الإستفتاء التي جازف بطرحها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون, لم يتوقع أحد من مؤيدي البقاء في الإتحاد مثل هذه العواصف. التي تواجه الحكومة وتواجة التحدي الأكبر لمستقبل المواطن البريطاني حين خرج القرار من يد الحكومة ومن يد المعارضة أيضا.

و أفلت من عقاله لأن المواطن البريطاني نفسه لم يعد يستطيع القرار, خاصة وفي ظل البلبلة السياسية التي نجح كلا الفريقين في زرعها. بحيث أحيا الغضب الشعبي المكتوم من الحكومة العمالية وأخرج حقد لم تعي السلطة السياسية المحافظة بوجوده على هذه الدرجة.. حين عمل المعارضين على فتح كل الأوراق في ملف الهجرة والخوف من المهاجرين ومن ثقافتهم الرافضة لكل أشكال الإندماج, وتهديدها للثقافة البريطانية على المدى القصير والبعيد. ولكن بوصلة الخيار الشعبي إنتقلت مرة واحدة بعد قتل النائبة العمالية وأصبحت المؤثر الأهم حاليا.

إغتيال النائبه العمالية البريطانية على خلفية حملتها لتأييد البقاء في الإتحاد , وتعاطفها الكبير مع الاجئين خاصة السوريين منهم.. يضع الناخب البريطاني في حيرة أكبر لأن معنى ذلك تسلل اللجوء إلى العنف إلى البريطانيين البيض أنفسهم. بحيث يحي العنف&المبني على كراهية ورفض الآخر من المجتمع البريطاني وفي المجتمع البريطاني نفسه.. وهو أحد أهم القيم ( عدم اللجوء للعنف ) التي حافظ عليها لعقود. وأيضا تسلل الخوف. قتل إنسانة وأم فقط لمجرد رأيها في موضوع آمنت بأنه من مصلحة البريطانيين ( التعددية ) جميعا فهو ما لا يتقبله الإنسان البريطاني. هذا الحدث قد يعمل في صالح مبدأ بقاء بريطانيا في الإتحاد حفاظا على إرثها الإنساني والحضاري.. ولكنه أيضا قد يكون نذير عنف أكبر لرافضي البقاء..

العامل المؤثر الآخر. تصريح مرشح الرئاسة الأميركية دونالد ترامب بانه يؤيد خروج بريطانيا من الإتحاد.. يؤكد أمرين. إما أنه ’يلمح إلى أنه سيقف مع بريطانيا إقتصاديا حال وصوله للسلطة.. وإما أنه لمعارضة رأي الحكومة الأميركية الحالية التي تعتبر بريطانيا مدخلآ لأوروبا وأيدت ودعت بريطانيا للبقاء في الإتحاد ’مبينة صعوبة التعامل الإقتصادي معها كدولة منفردة. في الحالتين يبقى العامل المشترك الأكبر لخيار المؤيد والمعارض البريطاني الكره لشخصية ترامب وعنصريتة الفائقة.

أما ما ’يمثله بقاء بريطانيا بالنسبة لدول الإتحاد كفرنسا وألمانيا وهما أقوى دولتين في الإتحاد فقد أبدوا الكثير من التفهم والمرونة لسياسة بريطانيا في حماية نفسها من المهاجرين. وأبدوا مرونة في إعطائها وضعية مميزة.. حين أقروا بإعفائها من الإلتزام بدفع كل المساعدات المالية الإجتماعية للاجئين الجدد وإجراء تعديلات في

الإتفاقيات ذات العلاقة إضافة إلى إعفائها من كل الإلتزامات التي ستترتب على سياسة التكامل بين دول الإتحاد المفروض البدء بالعمل بها في 2020 وهو الأمر الذي من شأنه أن يلغي القرارات السيادية لكل الدول المنضمة للإتحاد والعمل من خلال برلمان أوروبي واحد الأمر الذي لا يثق فيه مؤيدي خروج بريطانيا , ويرفضونه حفاظا على سيادية القرارات الحكومية البريطانية.

القرار صعب فهو من ناحية, بمثابة القفز إلى المجهول الإقتصادي من حيث البدء بمفاوضات وإتفاقيات إقتصادية جديدة مع دول العالم. إضافة إلى هزة إقتصادية بنكية خاصة وبعد تهديد بنك

&

HSBC&بنقل موظفيه من لندن

الخوف من ردة فعل فرنسية إنتقامية حال الخروج في عدم حماية بوليسها لتدفق المهاجرين منها إلى بريطانيا؟؟؟ كيف ستحمي حدودها وكيف سيكون موقفها الأخلاقي المعروفة به تجاه المهاجرين في أرضها؟؟؟

الإنتظار لم يعد طويلا , فبعد يومين وفي يوم الأربعاء 23 يونيو سيتحدد مصير مستقبل المواطن البريطاني..

ولكن وفي الحالتين.. البقاء أم الخروج كيف ستستطيع بريطانيا الحفاظ على قيمها التي تسلل إليها عفن الحقد.. ففي حال البقاء سينتصر الخوف.. وفي حال الخروج سينتصر الكره وكلاهما

يرفضهما المواطن البريطاني صاحب المبادىء.. ولكن الأهم الذي تخاطر به بريطانيا.. العواقب المترتبة على نتيجة هذا الإستفتاء داخليا وفيما إذا كانت ستصل إلى العنف؟ ’ترى من سيكون ضحية مثل هذا العنف ومثل هذا القرار في الحالتين؟