مع مرور عقد كامل على الحرب الإسرائيلية الاخيرة على حزب الله اللبناني عام 2006 والتي عرفت باسم حرب تموز أو الحرب اللبنانية الثانية بحسب التسمية الإسرائيلية، واستمرت نحو شهر تقريباً، تبرز المزيد من التكنهات حول مستقبل فائض القوة الإسرائيلي المقبل، مع مرور عشر سنوات على آخر اشتباك عسكري مع حزب الله المنهمك في تأييد نظام الأسد في سورية.

ما من شك أن "إسرائيل" سعيدة وممتنة لاستدراج الحزب للمستنقع السوري الذي كانت راياته تعلو منازل السوريين في عام 2006، لكنه ما لبث أن تحول إلى واحد من ألد أعدائهم في المنطقة بعد ولوغه في الدم السوري تأييد لنظام الأسد وأوامر طهران وولاية الفقيه المطالبة له بتأييد نظام أوغل في سفك دم شعبه وتحول إلى مجرد تابع أو وكيل لأظمة إقليمية (إيران) ودولية (روسيا).

يكثر الحديث في إسرائيل ولبنان عن سيناريو الحرب المقبلة بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي. وبعدما كشف الصحافي الأميركي والأستاذ المساعد في كلية الحقوق في "جامعة فاندربيلت"، ويلي ستيرن، عن حجم الكارثة التي قد تسببها صواريخ الحزب المخزنة في مناطق مأهولة بالسكان، عاد ليجتمع بضباط إسرائييلين من الصف الرفيع للاستفسار عن طبيعة الحرب المقبلة وتوقعات "إسرائيل" للضرر الذي قد يسببه الحزب.

الحرب الجديدة ستكون مدمِّرة، وفق الضباط الذين التقاهم ستيرن. فالحزب سيستفيد من الترسانة التي زوّدته بها إيران، وتتضمن صواريخ "كورنيت" روسية الصنع المضادة للدبابات، وأنظمة الدفاع الجوي SA-17 و SA-22 وصواريخ "أونيكس- ياخونت" الروسية لتدمير السفن البحرية في ظروف عمليات التشويش اللاسلكية الالكترونية المعادية. ما سيجعل الأمور أكثر سوءاً بالنسبة إلى مخططي الجيش الإسرائيلي. بالإضافة إلى ما تقدم، تشير التقديرات الإسرائيلية الأخيرة أن الحزب يمتلك جيشاً نظامياً يبلغ تعداده أكثر من 10 آلاف جندي. ويمكن إضافة ثلاثة أضعاف هذا العدد من جنود الاحتياط، في حال نشوب حرب مع "إسرائيل".

تتوقع الحكومة الإسرائيلية في هذه الحرب أن تتكبد خسائر كبيرة جواً وبحراً وبراً، وخسائر بمليارات الدولارات، نتيجة تدمير منصات الغاز البحرية. ويعترف كبار القادة العسكريين أن نظام الدفاع&الصاروخي، سيكون "محظوظاً" إذا أسقط 90٪ من صواريخ "حزب الله" وقذائف الهاون. فالحزب لديه القدرة على إطلاق 1500 صاروخ يومياً. ما يعني سقوط 150 صاروخاً على الأرجح، ستعجز أنظمة القبة الحديدية مقلاع داود وآرو 3، وغيرها، من إسقاطها رغم انها الأفضل في العالم.

يعترف الجيش الإسرائيلي أنه حتى في أحسن الأحوال لا يمكن منع سقوط ضحايا بين المدنيين الإسرائيليين. ويتخوّف من بدء سقوط الصواريخ قبل وصول الغالبية العظمى من الإسرائيليين إلى الملاجئ المحصنة. ما يرجّح مقتل مدنيين في الأسبوع الأول، أو الثاني، من الصراع. وإذا ما أطلق الحزب صواريخه الأولى دون سابق إنذار، يمكن أن يكون عدد القتلى المدنيين الإسرائيليين أعلى بـ10 مرات.

وفق السيناريو المفترض سيتم اللجوء إلى إجلاء معظم الإسرائيليين في الجزء الشمالي من فلسطين المحتلة، لأن ترسانة الحزب تضم نحو مئة ألف صاروخ قصير المدى، تستهدف المدارس والمستشفيات والمنازل. بما في ذلك الكاتيوشا،Fajr-3s، وصواريخ غراد 122، التي قد لا تكون دقيقة بما فيه الكفاية، ولكنها أيضاً لا تبقى في الهواء لفترة طويلة. ما سيحد من قدرة الأنظمة الدفاعية للجيش الإسرائيلي على إسقاطها. ومن المتوقع أيضاً أن تقوم فرق صغيرة من القوات الخاصة للحزب بالتسلل إلى داخل إسرائيل عبر قوارب صغيرة ليلاً، ثم الهروب في الظلام. ما سيعطي الحزب تفوقاً في الحرب النفسية. وهذا ما يؤكده أحد كبار المسؤولين عن قيادة الجبهة الداخلية بقوله: "أي شيء يخلق الخوف والرعب في صفوف الاسرائيليين هو فوز لحزب الله".

هي مواجهة قد تكون أقرب مما يتوقعه كثيرون، فالحاجة إلى مفهوم الحرب في المنطقة لكثير من الأنظمة والكيانات هي حاجة كبيرة قد يكون حزب الله الجهة المفضلة لتنفيذها وتعهد القيام بها مع العدو الأوحد لشعوب المنطقة إسرائيل، لا سيما في ظل التفاهمات والتقاربات السياسية التي تعيشها إسرائيل مع كل من روسيا وتركيا في الوقت نفسه!

&

كاتب وباحث

&