&في ظل التقلص المستمر في جغرافية العالم الكبير، والتوجه نحو مبادىء عالمية تخدم الإنسان أينما كان، ومحاولة الخروج من الصراعات بأقل تكلفة بشرية ممكنة. إستفاق العالم الغربي لأهمية دور المرأة في السياسات العالمية، ومدى ’بعد النظر الذي تتمتع فيه. خاصة في حل الصراعات الدولية وإنهاء الحروب. وعلية فمعظم أجندته وربما كلها إتجهت لتمكين المرأة ولكنهم إصطدموا حين وجدوا بأن هذا التمكين سيظل ناقصا بدون تعميق وتجذير مبدأ المساواة بين الجنسين&

لا يمكن إنكار الفروقات البيولوجية بين الجنسين. ولكن هذه الإختلافات الجسمية لا تصل بأي حال من الأحوال لأن تقف عائقا أمام المبدأ ذاته. خاصة وأن شواهد التاريخ أثبتت قدرة المرأة على أخذ زمام الأمور بحكمة أكثر من الرجل.

خيار حزب المحافظين الأخير في البرلمان البريطاني لتنصيب تريزا ماي رئيسة للوزراء لتخلف ديفيد كاميرون ، صوّت لها 199 نائبا في البرلمان، يؤكد بأن هؤلاء الرجال لم يعيبهم رئاسة إمرأة، وأكدوا بأن السياسة البريطانية تتجه بقوة نحو هذا الإتجاه. ولكنها أيضا وربما الصفعة التي يقدّمها حزب المحافظين لزعيم حزب العمال جيرمي كوربن حين لم يستطع تنفيذ وعده بحكومة ظل متساوية العدد من الجنسين (50-50) نظرا لعدم وجود العدد الكافي من النساء المنخرطات في العملية السياسية.&

خيار إختيارها وهي من الطبقة الأرستقراطية، كان النتيجة الإيجابية الأولى لخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي للتأكيد للمنظمات النسوية أن المرأة لن تخسر بالخروج من الإتحاد. بل ستكسب الكثير خاصة وهي من المدافعات المشهورات عن حقوق المرأة. إضافة إلى ان لديها الخبرة السياسية من خلال عملها منذ عام 2010 كوزيرة للداخليه ، معروفة بكتمانها الأمور وأيضا عملها الدؤوب وقدرتها على الأخذ بزمام الأمور والتنفيذ. ولكن والأهم أن سياستها السابقة إنسجمت مع مواقف الرأي العام البريطاني ، حتى تلك السياسة الصارمة التي رفضت فيها السماح للمهاجرين الجدد بإحضار عوائلهم طالما ان دخلهم لا يتجاوز 18 ألف باوند. اللافت للنظر أن أول خطاب لها بعد الترشيح أكدت فية بأنها ستعمل لصالح الطبقة المهمشة في المجتمع البريطاني قبل ان تعمل لصالح أغنياء المجتمع وهو تغيير بالغ الأهمية في حزب المحافظين لأنها تخاطب الشارع البريطاني ككل وستعمل من أجل الأغلبية فيه.&

وبرغم أن موقفها كان من المؤيدين للبقاء في الإتحاد إلا أنها أكدت على إلتزامها بالقرار الشعبي لخروج بريطانيا من عضوية الإتحاد بعد 43 سنة من هذه العضوية إمتثالآ للإرادة الشعبية.

تنصيبها لمؤيدي الخروج في مواقع سياسية كبيرة مثل بوريس جونسون الذي كان على رأس حملة الخروج في منصب وزير الخارجية يؤكد تميز و’بعد نظر كبير. لأنها بشكل ما تضعه مواجهة مع من رفضهم خلال حملته للخروج ومسؤولية كبيرة حول كيفية التعامل السياسي بديبلوماسية تخدم مصلحة الشعب البريطاني أولآ. خاصة وهو المعروف بعدم الديبلوماسية في إنتقاء كلماته.

من الناحية الدولية فهي ترتبت في خلفية دينية مماثلة لأنجلا ميركل الألمانية كونهما بنات قسيسين ، وإن أكدت مرارا على إبعاد الدين من العملية السياسية.&

ما حفزني للكتابة اليوم عن تريزا ماي ليس خوفي أو حرصي على المصالح البريطانية فأنا أثق بقدرة القائمين عليها وأثق بأن تريزا ماي ستعمل على تمكين المرأة بكل الطرق خاصة كونها من أكبر المدافعات عن المرأة.&

ما دفعني للكتابة وفي موضوع وعدت نفسي سابقا ان لا أخوض فيه سياسيا وإن لم يتوقف تعاطفي وإحساسي بمعاناة الإنسان الفلسطيني من الإحتلال ومن الإنقسام. قررت العودة وربما لآخر مرة ( في الموضوع الفلسطيني ) لطرح ما يجول بخاطري وأتمناه للمساعدة في تليين الموقف الدولي من القضية الفلسطينية وإعادتها للصدارة بعد أن وصلت لطريق مسدودز ولكن من خلال التماشي مع الإتجاه الدولي والتعاطف الذي قد تحرزه القضية كون وجود الأنثى في المراكز القيادية إضافة إلى مساندتي لحقوق المرأة وإيماني بقدرتها!!!

كلنا يعرف مدى المصداقية الدولية وحتى المصداقية في الشارع السياسي الإسرائيلي التي تحظى بها الدكتورة حنان عشراوي. فليس هناك من رئيس دولة في العالم لا يحترمها. اما على مستوى الشارع الدولي فكل من يسمعها تتكلم عن القضية الفلسطينية تصل عقلانيتها إلى عقله وقلبة.&

كلنا يعلم مدى تصلّب الحكومة الإسرائيلية الرافضة لأي حلول لإنهاء هذا الصراع الذي إستنزف الإنسان الفلسطيني وتحدى كل قرارات المجتمع الدولي. كلنا يعلم بان الإنقسام الحاصل بين فتح وحماس كرّه الحكومات العربية وشعوبها بالقضية الفلسطينية وأن ما تقدمه من مساعدات مالية أو سياسية لا يعدو كونه حفظا لماء الوجه. الحقيقة السياسية المؤكدة أننا كلنا أيضا يعلم كيف فتح الراحل عرفات قناة مدريد السرية خوفا من ظهور قيادة بديله من داخل الأرض المحتله بينما كان وفد الأرض المحتله ( د. حنان عشرواي – د. حيدر عبد الشافي - والمناضل فيصل الحسيني ) وهم الأقدر على التفاوض نظرا لخبرتهم من وجودهم تحت الإحتلال وخبرتهم للعقلية الإسرائيلية ، يفاوضون ممثلين عن المنظمة الفتحاوية في واشنطن. وحسب كلام الثلاثة منهم في جلسات خصوصية لم يكن أي منهم يعلم بقناة مدريد. ولم ’يبلغوا بمدى التنازلات التي قدمتها قيادتة حفاظا على سلطته. كلنا يعلم أيضا تكرّه الإنسان الفلسطيني للقيادة الحالية سواء من فتح أم من حماس التي خذلته مرات ومرات.&

كلنا يعلم بأن حل القضية وصل إلى طريق مسدود. سواء في تطبيق حل الدولتين بناء على 242 أو في حل الدولة الواحدة التي يرفضها الإسرائيليون جملة وتفصيلآ خوفا من قنبلة التكاثر الفلسطيني ومن تصاعد التطرف.&

في ظل المتغيرات الدولية. ووصول نساء إلى القيادة أعتقد أن تولي الدكتورة عشراوي للرئاسة ليس فقط سيكون أكبر صفعه على وجه الحكومة الإسرائيلية ، بل سيساهم بشكل كبير في إعادة ملف القضية الفلسطينية إلى الصدارة كونها أخصب أرض يستعملها المتطرفون في حربهم الأيدلوجية ضد الغرب وحتى ضد الأنظمة العربية.&

د. عشراوي كونها إمرأة ومسيحية ستكون الوجه الجديد للديمقراطية الفلسطينية. عشراوي بخبرتها الدولية وتمكّنها الكبير من اللغة الدولية ستكون أفضل المفاوضين. إضافة إلى أن خبرتها وعلاقاتها الدولية ومصداقيتها ستعيد الزخم للقضية على المسرح الإقليمي والدولي سواء تفاوضت على حل الدولتين. أو الحقوق الفلسطينية في دولة واحدة. تأسيسها وإنتماؤها لمؤسسات كبيرة محلية ودولية أعطتها الخبرة في إختيار أفضل الفلسطينيين كشركاء في القيادة.&

هل أحلم برفع الظلم عن الفلسطيني. هل أحلم بأن يرقى الشارع الفلسطيني كله رجالآ ونساء فوق كل الكلمات المعيقة للديمقراطية الفلسطينية. فكما إختار اليهود جولدا مائير لرئاسة دولتهم أتمنى أن تكون هي عشراوي أول رئيسة حقيقية للدولة الفلسطينية المحررة والمنعتقة من إستبداد الأفكار الظلامية. وكم أتمنى ذلك!!!!!