&تعتبر منطقة الشرق الاوسط من اقدم المناطق الجغرافية من حيث تواجد التجمعات السكانية فيها، التي ادت الى انشاء تجمعات حضارية تعتبر الاولى فى العالم، لذلك تعتبر مهد للحضارات الانسانية والاديان السماوية ونقطة البداية للنشوء الاولي للبشرية ( بداية الحياة من ادم و حواء) والثاني ( بعد طوفان نوح). و عاش فى المنطقة اقوام و شعوب عدة منذ بدايات التاريخ الانساني و حتى الان، و من المعروف ان الشعوب القديمة فى المنطقة هم العرب وياتي بعدهم الاراميون و الفينقيون والسومريون و البابليون و المصريون و الكلدانيون و الاشوريون و اليونانيون و الرومان و الارمن و الفرس و الكرد وغيرهم من الاقوام. و كل هذه الاقوام و الشعوب لهم حضاراتهم و عاداتهم و تقاليدهم الخاصة بهم ، كما لهم اديانهم السماوية و الانسانية و لهم جذور قديمة بعمق التاريخ البشرى فى المنطقة. ولكن مع التطور الحاصل في المجتمعات و زيادة عدد السكان و بسسبب الظروف الاقتصادية السيئة من قلة الامطار و الزراعة و المحاصيل فى المنطاق المختلفة فى المنطقة سعى هؤلاء القوم وراء عيش افضل في اماكن غنية بالمياه و العشب لهم و لمواشيهم، ولاجل ذلك بدات الصراعات و الغزوات و الحروب بين الاقوام و الشعوب من اجل الحصول على مصادر العيش من المياه و الارض الخصبة،ونتيجة الحروب و الاقتتال و الهجمات بين تلك الحضارات و الامارات و الدويلات الصغيرة و حتى الامبراطوريات الكبيرة ضاعت و فقدت و انقرضت الكثير من هذه الحضارات المهمة و الكبيرة فى تاريخ البشرية و المنطقة. مع الاسف الشديد ليس للقوانين و الانظمة وجود فعال بل يوجد قانونا واحد الا وهو قانون الغابة ( القوى ياكل الضعيف).

كما ان الكثير من الامبراطوريات البشرية القديمة اصبحوا جزءا من التاريخ و ليس لهم وجود باديانهم و لغاتهم و تقاليدهم لذلك انقرضوا عن بكرة ابيهم. ولكن دورهم و فعالياتهم و حمكهم و سلطانهم و اشتراكهم فى كتابة تاريخ البشرية مكتوب فى صفحات التاريخ و ليس من حق اى واحد ان يمسح هذا التاريخ سواء كان هذا التاريخ ساطعا او مظلما. وكما ذكرنا ان الاقوام القديمة والاصيلة الموجودة فى المنطقة حافظوا على وجودهم و تاريخهم و جغرافياتهم بمرور كل هذه الازمنة الحالكة و قاوموا كل الطغيان و الحروب والاحتلال من اجل ابادتهم ومحوهم من الوجود على اراضيهم لانهم هم اصلاء المنطقة و ليس الدخلاء و هم اهل و اصحاب الحقيقين و الشرعيين للمنطقة وليس الضيوف و الغريب للمنطقة. ومن بين هؤلاء الاقوام و الشعوب هم العرب و الفرس و اليونانين و الارمن و الكرد..هؤلاء القوم قدماء بقدم الزمان و التاريخ المنطقة، مثلا العرب موجودون فى منطقة الجزيرة العربية و اليمن منذ بدايات التاريخ و منتشرين فى المنطقة منذ قدم الزمان، اليهود هم ايضا قدماء و الفرس لهم امبراطوريتهم و حضارتهم و ديانتهم القديمة فى المنطقة( تأسست الإمبراطورية الفارسية عام 559 ق.م. بواسطة كورش. وتعتبر الإمبراطورية الفارسية التي تعرف بدولة الفرس أو الدولة الكسروية) و اليونان و الرومان و الارمن( الأرمن شعب ينتمي إلى العرق الآري ( الهندوأوروبي؛ أما وجودهم في أرض أرمينيا التاريخية-الهضبة الأرمنية (أرض أرمينيا العظمى والصغرى) الممتدة في الأجزاء الوسطى والشرقية من آسيا الصغرى (تقع حالياً في تركيا) فيعود إلى الألف الثالث ق.م) و الاشوريين ايضا قدماء فى المنطقة بقدم التاريخ البشرية و لهم حضاراتهم و ديانتهم و لغاتهم الخاصة بهم(يعتقد الآشوريون/الكلدان/السريان بانحدارهم من عدة حضارات قديمة في الشرق الأوسط أهمها الآشورية والآرامية. كما يعتبرون من أقدم الشعوب التي اعتنقت المسيحية وذلك ابتداءً من القرن الأول الميلادي) و الكرد ايضا قوم قديم و اصيل فى المنطقة و لهم حضاراتهم و امبراطوريتهم (ميديا منذ 700 عام قبل الميلاد اى قبل امبراطورية الساسانية الفارسية. الميديون الآريون هم أحد أهم جذور الشعب الكردي، فالنشيد الوطني الكردي الحالي يشير بوضوح إلى أن الأكراد هم "أبناء الميديين"، والمؤرخ الكردي محمد أمين زكي يقول في كتابه 'خلاصة تاريخ الكرد وكردستان' بأن الميديين وإن لم يكونوا النواة الأساسية للشعب الكردي فإنهم انضموا إلى الأكراد وشكلوا الأمة الكردية.

هاجر الميديون بحلول سنة 1500 قبل الميلاد من نهر الفولغا شمال بحر قزوين واستقروا في الشمال الغربي من إيران وأسسوا مملكة ميديا. استناداً إلى كتابات هيرودوت فإن أصل الميديين يرجع إلى شخص اسمه دياكو الذي كان زعيم قبائل منطقة جبال زاكروس.

في منتصف القرن السابع قبل الميلاد حصل الميديون على استقلالهم وشكلوا إمبراطورية ميديا، وكان فرورتيش (665 - 633) قبل الميلاد أول إمبراطور، وجاء بعده ابنه هووخشتره. وبحلول القرن السادس قبل الميلاد تمكنوا من إنشاء إمبراطورية ضخمة امتدت من ما يعرف الآن بأذربيجان، إلى آسيا الوسطى وأفغانستان. اعتنق الميديون الديانة الزردشتية، وتمكنوا في 612 قبل الميلاد من تدمير عاصمة الأشوريين في نينوى. ولكن حكمهم دام لما يقارب 50 سنة حيث تمكن الفارسيون بقيادة الملك الفارسي كورش بالإطاحة بالميديين وكونوا مملكتهم الخاصة(الإمبراطورية الاخمينية).و مملكة كوردوخ هي ثاني كيان كردي مستقل لفترة ما يقارب 90 سنة (من 189 إلى 90 قبل الميلاد)، بعدها سيطر عليها الأرمينيون، ثم الرومان عام 66 قبل الميلاد وحولوها إلى مقاطعة تابعة لهم، ثم الفرس.

ولكل هذه الاسباب التاريخية فان منطقة الشرق الاوسط منطقة حيوية و مهد للحضارات الكبيرة فى التاريخ و منبع علم و سياسة و اقتصاد و تقدم للبشرية فى كافة المجالات، و التاريخ البشري مكتوب على يد هؤلاء الاقوام الاصيلة للمنطقة و العالم، وكل هذه بسبب معرفة اهل المنطقة بالاديان السماوية الثلاثة ( اليهودية والمسيحية و الاسلام)، لان هذه الاديان مصدر حقيقى للوعى البشرى و التقدم الفكرى و الايدولوجي و نشر المبادىء الانسانية من العدالة الاجتماعية و التعاون المشترك و التساوى فيما بين الافراد و المجتمعات و بناء حضارات البشرية فى كل العالم.

ولان المنطقة غنى بمصادرها الطبيعية للحياة من المياه و الارض الخصبة و العشب و المحاصيل الزراعية، اصبحت موضع الحروب و الاقتتال الداخلى فيما بين الاقوام المنطقة انفسهم و بين الاقوام المنطقة وخارجها.وهم دائما حاولوا احتلال المنطقة و الحصول على موارده البشرية و الطبيعية،ولهذا المنطقة دائما منذ بدايات التاريخ و لحد الان فيها حروب و صراعات كبيرة و دموية. وكل الاقوام الجبلية و المتاخرة حضاريا وعلميا التى لهم طبيعة عدوانية وهمجية يحاولون احتلال المنطقة بالقوة،مثل هؤلاء القوم اقوام من خارج المنطقة و خاصة من منطقة وراء القفقاس و التترستان و المغولستان التى ليس لهم دين و لا فكر و لا حضارة بل هم اقوام بدائية عدوانية و غير متحضرة و بدوية وعددهم كثير وهاجموا المنطقة اكثر من مرة مثل حملاتجنكيزخان و تيمور لنك و هولاكو و الاتراك العثمانيين(الدَّوْلَةُ العُثمَانِيَّة اوالخِلَافَةُ العُثمَانِيَّة، هي إمبراطورية إسلامية أسسها عثمان الأول بن أرطغرل، واستمرت قائمة لما يقرب من 600 سنة، وبالتحديد من 27 يوليو 1299م حتى 29 أكتوبر 1923م ) وغيرهم..واحتلوا المناطق و هدموا الحضارات و حرقوا الكتب و المكتبات و اعدموا العلماء و خربوا الارض وما فيها، وبقوة السلاح و العنف و القتل احتلوا المنطقة و اصبحوا جزءا من الاقوام البشرية للمنطقة و بقوا فيها و تسلطوا على رقاب الشعوب الاصلية فى المنطقة و بنوا حضاراتهم فى ظل الدين الاسلامى الحنيف واصبحوا سلاطين و حكام لشعوب المنطقة. ولكن مع مرور كل هذه الازمنة و التغيرات الكبيرة هم باقون دائما وابدا الدخلاء و الغرباء على المنطقة ولم يكونوا اصلاء ابدا مهما طال الزمان،و يجب ان يتركوا المنطقة و يرجعوا الى اصولهم البدوية و الى الجبال و الكهوف التى جاؤوا منها و كحتمية تاريخية يجب ان يرجع الحكم و السلطة الى اصحابها الحقيقين من الشعوب و الاقوام الاصيلة كالارمن و اليونان و الكرد الذين عاشوا و حكموا المنطقة قبل الميلاد و ليس مثل الاتراك العثمانيين الذين اتوا الى المنطقة فقط منذ القرن الخامس عشر الميلادى للمنطقة كغرباء و دخلاء..

ويجب ان يعيش الشعوب المنطقة فى رفاه و تقدم و سلام و امان فى ظل حكم اصحابها لان دورهم وطموحاتهم الانسانية هي من اجل خدمة الانسان و تقدمه وايجاد مستقبل مشرق لهم ولانهم اصحاب حضارات و اديان سماوية و افكار انسانية عكس هؤلاء الدخلاء الذين ليس لهم دين ولا فكر بل هم بنوا حضاراتهم على الارهاب و القتل و التشريد و سفك الدماء و قتل الابرياء وبنوا سلطانهم و قصورهم على جبل من جماجم البشرية وبحر من الدم و ودموع شعوب المنطقة.

واخيرا ان بداية التاريخ للاصلاء و القدماء ويجب ان تكون النهاية ايضا للاصلاء و القدماء صانعوا التاريخ البشري و باني الحضارات و امجادها وليس للغرباء و الدخلاء الذين هدموا التاريخ و سفحوا الدماء و مجرمي الحروب والارهاب.

&

كاتب كردى من كردستان العراق

[email protected]