&

قامت قوات البشمركة خلال الأيام الماضية بهجوم على قرى تابعة لمحافظة نينوى وفي قواطع مختلفة، وقد تم تحرير العديد منها. ان هجوم قوات البشمركة هو جزء من مخطط لفرض طوق عسكري حول الموصل، ما يجعل الخناق يضيق على عصابات داعش ويؤدي الى التخلص منها وتحرير مدينة الموصل العرقة القائمة على بقايا مدينة نينوى كبرى عواصم الإمبراطورية الاشورية.

في مرحلة انطلاق داعش وبما استولت عليه من الأسلحة والمعدات المتطورة، والخدمات الاستخباراتية والمالية التي قدمت لها من بعض دول الجوار، لاعتقاد هذه الدول، انه يمكنها ان تستعمل هذه العصابات في رهاناتها الاقليمة، كادت هذه القوات ان تصل الى مشارف أربيل، عاصمة إقليم كوردستان. ولذا فلا غرابة من انسحاب قوات البشمركة من مناطق سنجار وسهل نينوى. وخصوصا ان اغلب هذه القوات لم تكن تمتلك الأسلحة التي تمتلكها داعش.

الا انه وخلال كل الفترة الماضية قامت قيادة الإقليم ومن خلال علاقاتها الدولية والإقليمية بتوفير المستلزمات الكافية لكي تتمكن قوات البشمركة من الدخول في مواجهة قوات داعش وبدعم دولي جوي وبالمشاركة مع القوات العراقية والحشد الشعبي والكتائب والافواج المكونة من أهالي الموصل وأبناء المنطقة من الاشوريين الكلدان السريان ومن التركمان والازيدية. ولذا فانه من المنتظر ان تتطور هذه المواجهات وقد تكون الخطوة التي قامت بها قوات البشمركة خلال الأيام الماضية، احد الإشارات المهمة في طريق تحرير الموصل وتخليصها من عبودية داعش. وخلال هذه الفترة قدمت قوات البشمركة الكثير من الشهداء من اجل الدفاع او في المواجهات او عند محاولة استرجاع هذه المناطق التي تم الاستيلاء عليها.

ان عدم وقوع أخطاء او عدم وجودها هومحاولة طلب المستحيل، ولذا فان طلب البعض من البشمركة ليكونوا مثاليين ومتكاملين ومتهأيين لمختلف المتطلبات هو المستحيل بذاته، وخصوصا ان التغيير الاجتماعي والذي يخلق مواطنين يشعرون بالانتماء للوطن فقط، وليس للعقيدة الدينية او المنظومة العشائرية، لم يتحقق بسبب ظروف عدم الاستقرار والانقسام الحاد في المجتمع بين المتدين والليبرالي وبين مختلف المناطق واللهجات والمكونات. ان عملية خلق لحمة واحدة من كل مكونات الإقليم، هو مطلب على القيادات السياسية والأحزاب كلها ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية ان تقوم به، من خلال التركيز على كرامة الانسان وحريته وتساويه بنظر الخالق.

ان الشكر هو اقل ما يمكن تقديمه الان، لهؤلاء الابطال ممن يضحون من اجل حماية كل أبناء الإقليم والمناطق المجاورة، والمطلوب الأكثر هو المطالبة بدعمهم، لانهم يقدمون دماءهم رخيصة من اجل دحر هذه المجموعات الاجرامية. والأكثر أهمية المطالبة بتحويل قوات البشمركة الى قوات إقليم لا تاثير للاحزاب السياسية عليها، بل ترتبط بوزارة البشمركة، في خططها ومواردها.&

نحن ننتظر من البشمركة، وكما عودونا ان يحافظوا على اسم مؤسستهم من التلويث بالطائفية وممارسة الانتقام والسلب والنهب. فهذ المؤسسة، وان كانت في بداية النضال مؤلفة من متطوعيين، لغرض وحيد وهي تحقيق الطموحات المشروعة لابناء إقليم كوردستان، فهي اليوم مؤسسة تمثل كل التضحيات التي قدمت ماضيا والامال المستقبلية لابناء الإقليم كلهم. وهي جزء من المنظومة الإدارية والسياسية للإقليم، وتعمل بحسب قانون، وتدفع تكاليفها من موارد الإقليم او من خلال اتفاقات الإقليم مع القوى الحليفة.

نحن ننتظر من البشمركة التي هي جزء أيضا من منظومة القوات العراقية، ان تقوم من خلال عملها بإزالة ما علق بتاريخ الجيش العراقي من ممارسات شوفينية وعنصرية وخضوعه لاوامر السلطات الحاكمة، في اقدامه على اقتراف المذابح مثل سميل و صورية والانفال وحلبجة و غيرها، ومشاركته في تمزيق الوحدة الوطنية من خلال انحيازه لايديولوجية معينة فقط، وعدم احتضانه كل أبناء الوطن بسواسية ومساواة تامة.

تحية للبشمركة الابطال وهم يحاولون اقتحام مواقع القوى الظلامية والتي تعتبر حقا قوى معتدية على حياض الوطن، وعلى الاليات التي اتفق بشأنها لاداراة الوطن وتمتين وحدته الوطنية وبناء اقتصاده وتعزيز حريات ابناءه.

كما ننتهز هذه الفرصة لتوجيه الشكر لكل مكونات الجيش العراقي وان كنا ننتظر من اكثر وكذلك لقوات الحشد الشعبي الذين ضحوا مع الجميع لتحقيق إنجازات صلاح الدين والانباء ونتطلع لتحقيق انجاز نينوى.

انجاز يرسخ حريات الانسان العراقي ويدعم مؤسساته القضائية والإدارية والتشريعية وصولا لترسيخ المؤسسات السياسية الوطنية التي لا تتاثر بالخلافات الطائفية والقومية ويكون شعار كل المؤسسات الوطنية انجاز الأفضل للمواطن، لكي يبنى الوطن.