&

سلسلة متواصلة من جرائم برابرة داعش على الارض الفرنسية ، كما في دول اخرى ، عربية وغير عربية، وفي فرنسا، وبعد مجزرة نيس، اثارت جريمة ذبح القس جاك امِل(بكسر الميم) قرب مدينة روان، ضمائر الفرنسيين والعالم .. قس في السادسة والثمانين، ظل يبشر للسلام والمحبة رغم عمره، والذي كان على صلات وثيقة مع ممثلي بقية الاديان، والمسلمين خاصة، يلقى حتفه بأكثر الطرق وحشية وبربرية وجبن.. نعم ذبحوه في كنيسته لأنه قس مسيحي، ولكنهم في نيس سحقوا المئات دون تمييز بين مسلم ومسيحي ويهودي، وبين رجل وطفل ... إنها حمى كراهية الأخر والتطرف الديني المنفلت والموضوع لغايات سياسية، هي الهيمنة تدريجياً على العالم وفقاً لتعاليم كتاب (ادارة التوحش) الصادر بتوقيع مستعار في طهران عام 2005 وتعاليم سيد قطب وتنظيره لتكفير العالم كله واعتبار العالم ملؤه الفساد وانعدام الاخلاق، ولاسيما الغرب، ولكن ليس الغرب وحده. وكان سيد قطب يروّج لكون العدو الاول هو الغربي، او (الرجل الابيض) كما كان يصف، وانه يجب تربية الجيل الجديد بكراهية الرجل الابيض، ولكنه لم يخرج العالم الاسلامي من الدائرة، حيث الفساد نفسه، واللاخلاقية نفسها – كما تذهب افكاره. وها هو داعش لا يتردد عن قتل المسلمين انفسهم، بل ويذهب بأرهابه حتى الى المدينة المنورة.
نعم، تركيز الحقد والكراهية هو على غير المسلمين، كما رأينا في حملة إبادة الايزيديين في العراق على ايدي هؤلاء الوحوش ، الذين يتقنعون وراء الاسلام والرسول والقران.. ليس ما يفعلونه مجرد حرب دينية لأسلمة العالم كله، بل انه حرب من اجل إقامة دولة الخلافة في بقعة بعد اخرى، كما يأملون، وصولاً الى دولة الخلافة العالمية. فهي اذن حرب سياسية تستخدم الدين ذريعة وقناعاً.
&
والان نركز على النقاط التالية:&
1. يختلف الارهاب الجهادي عن بقية انواع الارهاب بكونه يستخدم الدين لخدع البسطاء، ولكونه عابراً للقارات. فمنظمة الفارك في كولومبيا والمنظمات الفوضوية السرية التي نشطت في السبعينيات في اليابان والمانيا وعمليات المتطرفين الفلسطينيين في تلك الفترة( خطف الطائرات والسفن ،الخ...) كلها ذات طابع سياسي محدود ومحلي.
&
2. في مقال اخير لنا عن مأساة نيس الفرنسية دعونا مسلمين فرنسا الى رفع اصواتهم عاليا ضد الارهاب الجهادي. ومن حسن الحظ ان هذا حدث بدرجة جيدة في مدينة روان إثر اغتيال القس جاك امٍل، املين ان تتوسع حركة كهذه في فرنسا والغرب، ولاسيما في مظاهرات حاشدة تتبرأ من الارهاب وتدينه بقوة.
&
3. في فرنسا اكبر جالية مسلمة في الغرب، وعلى مدى سنوات كان عدد من الدول العربية والإسلامية يتدخل في شؤون مسلمي فرنسا ولحد زرع الانقسامات بينهم ولاسيما عند الانتخابات لرئاسة مجلس الديانة الاسلامية. ومنذ سنوات فكرت فرنسا في تحريم التمويل الخارجي للمساجد، ولكن لم تتخذ إجراءات محددة لترجمة ذلك عملياً. اما اليوم فان الموضوع نفسه صار مطروحاً للعمل الفوري. ان الدول التي تؤثر على مسلمي فرنسا بسبب التمويل هي قطر والمغرب والجزائر والسعودية وتركيا، وعلى هذه الدول ان تعمل كل ما بإمكانها لكي يكون تأثيرها إيجابياً.
&
4. ان خطر الارهاب القاعدي والداعشي ، صار عالميا ولابد من مواجهته عالميا وفي كل الميادين.
&
5. ان المساجد والمدرسة ومناهج التعليم يمكن ان تلعب ادواراً ايجابية او سلبية في موضوع التطرف والتزمت ألدينيين والدول العربية والإسلامية مدعوة الى الاصلاح الديني ومراجعة خطب الجوامع وإعادة النظر في مناهج التعليم. والدول الغربية ايضا يجب ان تكون يقظة تجاه بعض الجوامع السلفية المتشددة والمدارس الدينية الاسلامية وفي فرنسا مثلاً فان عدوى الارهاب والتشدد تنتقل عبر وسائل الاتصال الاجتماعي والمسجد والمدرسة الدينية والسجون.
&