كثيرة هي المشاكل بين الغرب والولايات المتحدة الامريكية من جهة مع روسيا الاتحادية والمعسكر المؤيد لها من جهة ثانية، والصراع على مناطق النفوذ وإعادة رسم خارطة العالم وفق مصالح هذا الطرف او ذاك مستمرة وستستمر طويلا ولكن ما يجمعهما دون شك بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية هو الخطر الموجود والمستفحل حاليا من الإسلام السياسي والإرهاب الدولي والذي يعني ان مواقف الغرب والروس تكاد تكون شبه موحدة في القضاء على الإرهاب وتفصيلاته المتمثلة في مواجهة عالم الإسلام السياسي الجامد والمتزمت أينما كان وتحت أي غطاء باعتباره الحاضنة الطبيعية المفترضة للإرهاب وبالتالي لا تغيير في مشروع بلقنة الشرق الأوسط والشمال الافريقي.
&
الاحداث التي شهدتها تركيا مؤخرا دليل على ان تسونامي التغيير او الاصح البلقنة مقبل ولا يمكن إيقافه لا عبر إعادة تطبيع العلاقات مع الروس العظام ولا من خلال العقود المغرية مع دولة إسرائيل ولا التحالف مع طهران لضرب حركة التحرر الوطني الكوردستاني وإذا كانت الحركة الانقلابية قد فشلت الا انها تركت انقساما مريعا في الشارع التركي سيكون له تداعياته المستقبلية وهو المطلوب للمرحلة المقبلة من مواجهة الإسلام السياسي والامر يصح أيضا بالنسبة لبقية القوى والأنظمة الثيوقراطية المهيمنة حاليا في المنطقة فليس هناك ما يمنع وصول تسونامي البلقنة والتغيير اليها خاصة وهي تملك كل مقومات الانهيار.
&
النظام العالمي الذي تم تحديد خطوطه الحمراء بحكم توازن القوى المرعب لن يقبل بوجود أي تهديد حقيقي له لا من قبل الإسلام السياسي ولا من الإرهاب الدولي ولا حتى من المنازعات الإقليمية الخطرة وفي هذا السياق وبالرغم من استمرار سباق التسلح المتطور والمنافسة الحادة في مجالات التقنية والمعلوماتية ومحاولات السيطرة على مناطق النفوذ الاستراتيجية يبقى عالم الأقوياء موحدا إزاء أي خطر يهددها ولهذا السبب بالذات فان الاستقواء بهذا الطرف او ذاك، كما تحاول قوى إقليمية، لن يغير من مكونات المعادلة الأساسية ولا في نتائج التفاعلات التي تشهدها.
&
التحالفات الجديدة القديمة في المنطقة لا تستهدف الإرهاب العالمي ولا حماية نظام دمشق ولا بناء مشروع ديموقراطي في سوريا بقدر ما هو تحالف ضد الشعب الكوردي وحركته الوطنية التحررية الديموقراطية تقوده تركيا فبالنسبة لها تمتع الشعب الكوردي في كوردستان الغربية الملحقة بسوريا بحقوقه الإنسانية المشروعة مسألة حياة او موت وفق العقلية العنصرية المتخلفة التي كلفت شعوب تركيا ثمنا فادحا والا ما الذي يجمع بين تركيا الاخوان المسلمين المنبع الحقيقي لكل الحركات الإسلامية المتطرفة وبين ايران الشيعية التي تحاول السيطرة على الشرق الأوسط اعتبارا من اليمن وانتهاء بالعراق وسوريا والجنوب اللبناني.
&
امام شعوب المنطقة قبل ان تتحول الى ساحة حرب شاملة، حل واحد لا غير يكمن في اجراء تغييرات بنيوية أساسية في أنظمتها القمعية العنصرية الخرافية وإشاعة العدل والسلام والديموقراطية والاعتراف بحق جميع المكونات الاثنية والدينية في تقرير المصير والاستقلال او الاتحاد الطوعي القائم على أسس المساواة ومبادئ المواطنة واحترام حقوق الانسان وكرامته فلم يعد مقبولا وجود أنظمة ثيوقراطية وعنصرية تستبيح لنفسها تهديد الحضارة الإنسانية تحت أي مبرر واستقواء هذه الأنظمة بهذا الطرف الدولي او ذاك مراهنة خاسرة ومحاولة عقيمة لن تجديهم ولن تنقذهم من المصير المحتوم، فأعضاء نادي الكبار متفقين أساسا على عدم تجاوز الخطوط الحمراء ووضع حد لأي تهديد جدي محتمل كما هو الحال في التصدي للمشروع الإرهابي ودولته الاسلامية المزعومة وضرورة إعادة رسم خارطة المنطقة بالشكل الذي يتفق وهذا التوجه للحيلولة دون نشوء مخاطر جديدة وليس هناك ما يشير الى ان القوى العظمى متفقة مع الأنظمة الخرافية والعنصرية المتخلفة في المنطقة على إعادة مأساة إبادة الكورد وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية المشروعة خاصة مع التطورات الكبيرة التي تشهدها حركة التحرر الوطني الكوردستاني سواء على صعيد أجزاء كوردستان المحتلة او على صعيد التعاطف والتأييد العالمي المتنامي والاجدى بأعداء شعب كوردستان خدمة لمصالح شعوبهم الاستراتيجية واحقاقا للعدالة واحتراما للكرامة الإنسانية الاعتراف بحقوق شعب كوردستان وقبوله شريكا في بناء شرق أوسط جديد يعمه السلام والرخاء والتعاون المثمر فقد جربوا نشر الموت والدمار طويلا دون جدوى.
&
&يبقى من الضروري الإشارة الى ان استعراض الأقوياء لعضلاتهم هنا وهناك وتحالفهم مع هذا الطرف الإقليمي او ذاك محسوبة بدقة او على الأقل كانت هكذا خلال القرن الأخير ولمن لا يتذكر عليه مراجعة ازمة برلين عام 1948 وعام 1961 والازمة الكورية 1950 وقناة السويس 1956 وأزمة الصواريخ الروسية الى كوبا عام 1962واسقاط النظام الدكتاتوري في العراق 2003 وأخيرا أوكرانيا وانفصال القرم عام 2014.
&
&