&

نجحت زيارة الرئيس التركي التى قام بها أوائل الشهر الحالي إلي بطرسبرج / روسيا.. وبانت بعض مؤشراتها خاصة علي الساحة السورية وربما تنكشف جوانب من تداعياتها في وقت قريب فيما يتعلق باتفاقات الغاز الروسي التى تحتاج إليها تركيا وأنابيب نقلة عبر أراضيها إلي دول أوربا، والاستثمارات الروسية في البنية التحية التركية.

نجحت الزيارة إلي المستوي الذي رآه المراقبون تجديداً لعقد زواج أوقف العمل ببعض بنود لوقت محدود ثم عاد بعده الطرفان إلي سابق عهدهما.. ويراه أخرون متقاطع مع إصرار انقرة علي الإنضمام لعضوية الاتحاد الأوربي وأيضا علي مستوي علاقاتها الإستراتيجية مع الإدارة الأمريكية.

علي الساحة السورية الموقف التركي تغير بنسبة ملحوظة&لم تعد أنقرة تتمسك كثيرا بضرورة تنحية الرئيس بشار الاسد عن السلطة قبل تشكيل الحكومة الإنتقالية، أصبح شاغلها الأهم هو عدم قيام دولة كردية علي حدودها مع سوريا حتى لو كان ذلك بتشجيع من واشنطن.. ما تسعي اليه الأن هو تعزيز حدودها والعمل علي محاصرة نيران الحرب الدائرة خلفها حتى لا تمتد إلي الداخل.. وان تلعب بورقة المهاجرين واللآجئين لتحقيق اكبر كسب مادي ومعنوي عندما تضعها فوق أي من موائد المراهنات الأوبية أو الأمريكية..

في الداخل:&صدر مرسومين بموجب حالة الطوارئ يقضيان بفصل عدد جديد من ضباط وجنود الأجهزة الأمنية، وعشرات من العاملين في هيئة تكنولوجيا الإتصالات.. وتم الإفراج عن 38 ألف سحين لإفساح الطريق لإيواء من سيتصدر ضدهم احكام بالسجن ممن ألقي القبض عليهم منذ اليوم التالي لواقعة الإنقلاب الفاشل.

هذا بينما تواصل اللجنة البرلمانية المكلفة بالعديلات الدستورية اجتماعاتها برئاسة حزب " العدالة والتنمية " الحاكم، وبمشاركة حزبي المعارضة " الشعب الجمهوري و الحركة القومية " لمراجعة مشاريع القانونين التى من شأنها أن تُوسع من صلاحيات رئيس الجمهورية علي حساب السلطات التى يتمتع بها رئيس الوزراء.

هذا النجاح شجع وزير الخارجية جاويش اوغلو ليعلن صراحة – 15 الجاري - أن الإتحاد الأوربي يُعادي تركيا!!.. لماذا؟؟.. لأنها بذلت جهدا لم تبذله دولة في مجال تطبيق كافة الشروط التى طُلبت منها لكي تحظي بعضويته، ولكنها " ولم تنل إلا التهديدات والإهانات والسعي الدائم لعرقلة خطوة الإنضمام ".. وووفر له مساحة كافية لكي يربط بين هذا الموقف العدائي وبين تأخر بروكسل والعديد من عوصم صنع القرار الأوربية عن إدانة الانقلاب العسكري الفاشل الذي تعرضت له الدولة التركية.

وشجعه أيضاً علي مواصلة التهديد بإلغاء إتفاق بلاده مع بروكسل حول المهاجرين واللآجئين السوريين والعراقيين المقيمون فوق الأرض التركية الذين يمكن أن تُفتح لهم الحدود بلا قيود نحو دول الإتحاد الأوربي دون مسئولية عليها، ما لم يُمنح الإتراك حق الدخول إلي دول الإتحاد بلا تأشيرات والإقامة لمدة لا تزيد عن 90 يوم إعتباراً من بداية شهر أكتوبر القادم بعد ان جمدت بروكسل قرارها في هذا الشأن اوائل شهر يولية الماضي.

ذلك دون أن يشير الوزير إلي ملف حقوق الانساني التركي المختلف عليه، او ان يعد بتدارس الإشتراطات التى أوصت بها بروكسل في هذا الخصوص!

فهل سيناريو مستقبل العلاقات الروسية الجديدة مع تركيا، يتوافق مع مستقبل علاقات أنقرة و الإتحاد الأوربي بالكيفية التى يراها الرئيس اردوغان؟؟.. أم أنه سيكون من مصلحة موسكو أن تَبقي الملفات العالقة بين الطرفين مشتعلة، حتى تزداد سياسات الطرفين – روسيا وتركيا – تقاربا علي مستوي الملف السوري وكذا ملف علاقات بوتين بدول أوربا؟

الإتحاد الاوربي سيظل متمسكاً بضروروات تحقيق العديد من الخطوات الإيجابية فيما يتعلق بملف حقوق الانسان التركي.. وليس من المتوقع ان يساوم بمنح حق الأتراك الدخول المجاني لأوربا بدون حقائق يمكن رصدها فوق الارض فيما يتعلق بهذا الملف علي وجه الخصوص.

علي الجانب الأخر&تخطط تركيا للتصدي لمشروع إقامة دولة كردية علي حدودها مع سورية بكل ما لديها من اوراق سياسية وامنية واقتصادية.. كأن تزيد من تعاونها مع قوي المعارضة السورية الديموقراطية.. وأن توسع من درجات توافقها مع موسكو بإن تقدم لقطعها البحرية العسكرية تسهيلات في مياهها الإقلمية.. وأن تؤيد سياسات روسيا في مجال تصدير الغاز إلي أوربا بحذافيرها.

لذلك بادر وزير خارجيتها إلي مطالبة واشنطن أن تفي بتعهداتها وتفرض علي العناصر القتالية الكردية التابعة لـ " وحدات حماية الشعب " بعد أن شاركوا بنجاح في تحرير مدينة منبج مع قوات سوريا الديموقراطية من قبضة تنيظم داعش، أن يغادروها إلي شرقي نهر الفرات.

فهل تستجيب الإدارة الأمريكية لهذا الطلب؟

يري محللون ان تصريحات الوزير التركي تأتي ضمن سياسات التصعيد ضد سياسات واشنطن، قبل اللقاء المرتقب بين الجانبين يومي 23 و 24 من الشهر الحالي!! خاصة وان أمريكا حرصت منذ البداية علي رفض الاعتراف السياسي بالوضع الكردي شمالي سوريا بالرغم من تمسكها بالتنسيق الكامل معهم علي المستوي العسكري.

هذا التعامل المزدوج يكشف الستار عن اعتماد أمريكي شبه كامل علي " قوات سوريا الديموقراطية " التى اثبتت الوقائع انها نجحت إلي حد بعيد في تحقيق انجازات مهمة فوق الأرض وفق التخطيط الإستراتيجي الأمريكي، المتقاطع مع التخطيط الروسي.

هنا مربط الفرس؛&روسيا ترفض ما حققته قوات المعارضة السورية من نجاحات تخدم المصالح الأمريكية.. ومن ثم ربما لا يتوافق مع خططها أن تتواصل أنقرة مع واشنطن ضمن مكونات الملف السوري حتى لو كان الأمر تحت شعار محاصرة قيام دولة كردية في شمال سورية.

وهنا سيبقي الموقف التركي أسير تحالفاته الإستراتيجية المتعارضة لفترة من الزمن.

توافق أكثر مع موسكو.. وتباعد إلي حد ما مع سياسات أمريكا علي الاقل حتي ينتخب رئيس أمريكي جديد في الثامن من نوفمبر القادم.. ولهاث متواصل وراء دخول جنة الإتحاد الأوربي.. وتعنت حيال الدخل لا يعلم احد متي يقف.. الخ.

[email protected]

&