&&ذات المعادلة التي تحكم نشوء العصابات والمافيات ونهايتها، هكذا أصبح الواقع السياسي في العراق " الديمقراطي "، نزعات شخصية متضخمة ومطامع حزبية تحتل دور السلطة في ظل غياب المشروع الوطني المشترك، انتهت الى تقاطع الإرادات والمصالح وتنازعها من أجل السلطة، هذا مايحدث في العراق الآن من تصادم سياسي وصراع يبلغ درجة الإنتقام، واقع يستعرض بلغة درامية إنهيار العملية السياسية، جراء التفكك الوطني الحاصل منذ 2003.

تعارضت المصالح فحلّ الخراب في البرلمان الصوري، صارت الملاكمة ورياضة رمي قناني المياه بعض هوايات نوابه، صور رثة ومستعارة من وقائع سوقية تنتشر في الأحياء الشعبية المتخلفة اجتماعيا ً، تترجم هزال وضحالة الواقع السياسي.

التفكك الوطني صار ينتقل الى داخل المكون والطائفة والحزب والجماعة، فالشيعة منقسمين الى كتل وقوائم متقاطعة بحسب درجات قربها من ايران، أو توغلها في مشروع الفساد وتشبثها بحكومة المحاصصة، وانتقل الإنقسام الى داخل حزب الدعوة الحاكم منذ عشر سنوات، فأصبح جناح المالكي ضد جناح رئيس الوزراء حيدر العبادي، كما أنقسم السنّة الى سنة المالكي وسنّة ايران وسنّة الفساد، توزع الكرد الى صف رئيس الإقليم السيد البارازاني، تقابلهم بالضد حركة " التغيير " والجماعة الإسلامية بينما يتصرف التحالف الديمقراطي الكردستاني انتقائيا لخدمة مصالحه.

نجح المخطط الأميركي وبشراكة بعض دول الجوار في تفكيك العراق وتدميره، وأصبح عنوان الدولة العراقية جزء من ذاكرة أرشيف السياسة الدولية، بعد أن أضحى على تخوم التقسيم والتجزئة الجغرافية، جراء حكومة المكونات والتمثيل الطائفي والعرقي والأثيني ومنهج الفرقة الوطنية، التي أسس لها القرار الأمريكي ووضع مبادئ الدستور الدائم على ضوئها، وغيّب لأجلها مفاهيم المواطنة ومشروع وحدة بناء الوطن والمستقبل.

&لقد عملت الإرادة الأميركية بالإتفاق مع حلفائها بالجوار العراقي على هدف تأمين عاملين أساسيين هما؛ عدم الاستقرار الداخلي في دستور يشتت ولايحقق الإجماع الوطني، وتشكيل حكومة محاصصة طائفية وحزبية تتقاسم الوظائف والمنافع والمفاسد حسب تمثيلها، هذان الأمران يمنعان إعادة تكوين العراق القوي الذي يشكل مصدر تهديد للآخرين، وهو ماتحقق في ظل أحزاب منقوصة الإنتماء والإرادة الوطنية، وتعمل بمبدأ التخادم مع الدول المحتلة وأجنداتها الداخلية المتحكمة بالعراق.

&أن اسقاط الوزراء عبر البرلمان (وزيرا الدفاع والمالية) ومحاولات السعي لإستجواب رئيس الوزراء وسحب الثقة عنه، تصحبها انسحابات سياسية من البرلمان، عملية موجهة من قوى سياسية محلية فاعلة لتعويض خسارتها للسلطة، وتمثل مسعى عملي في الإجهاز على العملية السياسية ووضعها بفراغ دستوري، يُستغل لوضع أوليات سياسية قابلة لتطبيق خارطة جديدة تأتي بعد طرد " داعش" من الموصل، حيث تتهيأ العديد من الأحزاب والتكوينات السياسية والميليشياوية الى فرض إرادتها بالقوة والدعم الدولي.

&المسار الواقعي للأحداث إن جرى وفق هذا السيناريو، دون تدخل أميركي أو أممي فاعل، سيرشح العراق الى خيارات متماثلة في مساوئها، فأما مشروع (بايدن) بالتقسيم وتكوين عراقات طائفية وقومية، أو ترك هذه المكونات وميليشياتها تتقاتل في حرب مفتوحة في الموصل وديالى وسهل نينوى ومناطق أخرى، مع وجود حكومة ضعيفة في بغداد وإدارات حزبية وعشائرية هزيلة فاسدة في بقية المحافظات.

[email protected]

&