&

كما هو معروف ان الجارتان تركيا وايران لكل منهما حضارتها القديمة التي استطاعوا من خلالها ان يحكموا المنطقة لمئات السنين، والتي برزت بفعالية عالية على كافة الاصعدة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية وحتى العسكرية فى المنطقة باعتبارهم قوتان كبيرتان من حيث التعداد البشري والمساحة الشاسعة لاراضيهما وكبر حجم قواتهما العسكرية، ولكن تاريخ ايران اقدم من تاريخ الدولة التركية السلجوقية و المغولية وبعد ذلك العثمانية، لان اول دولة ايرانية تاسست ب 550 سنة قبل الميلاد على يد الملك الاكبر كورش العظيم بعد انقلابه على خاله اخر ملوك الامبراطورية الميدية الكوردية الذى دام حكمها حوالى 174 سنة.

وتميزتاريخ حكمهم الملكي بانها مقامة على اربع اعمدة اساسية وهي العادات و التقاليد الاجتماعية الفارسية واللغة الفارسية و على نظام الملكية و المذهب الشيعى حيث دامت حوالى 2506 عام حتى اندلاع الثورة الاسلامية الايرانية بقيادة الرجل الدين الشيعى اية الله الخمينى بعد سقوط النظام الشاهنشاهى بقيادة محمد رضا بهلوى فى عام 1978.لذلك ان تاريخ الدولة و المؤسسات الحكومية لها جذور عميقة فى ايران و المجتمع الايرانى، والفرد الايرانى بطبيعته صاحب دم بارد و صبور مقابل كل الظروف و يتعاملون بحنكة و دراية و صبر عميق و ليس لديهم ردود افعال فورية و سريعة بل تميزوا بهدؤهم و حنكتهم،بعكس الاتراك الذين ليس لهم صبر وهدوء الايرانيين بل هم قليلوا الصبر ويتميزون بحبهم للقتل و الغدر و حب السيطرة و العدوانية و الشر.و بنوا امبراطوريتهم السلجوقية و المغولية والعثمانية على الجماجم و الدم و الدموع لشعوب المنطقة من الارمن و الاشوريين و اليونايين والكرد و الجركس والعرب و غيرهم. و يعاملنوهم كعبيد و مواطنين من الدرجة الثانية و الثالثة فى داخل دولتهم الشريرة لحد الان.

ايران رغم ابتعادها من الفلك الغربى مابعد سقوط نظام الشاه الايرانى و رغم محاربتها من قبل جميع الدول الاوروبية و امريكا و حلف الناتو العسكري و رغم انشغالها بالحرب العراقية الايرانية 8 سنوات متواصلة و رغم الحصار الاقتصادى القوي عليها و رغم الثورات الداخلية من قبل الشعوب الايرانية مثل الكرد و البلوش و العرب الاحوازيين و غيرهم من الاحزاب و التيارات السياسة و اكبرها حزب مجاهدين خلق بقيادة مسعود و مريم رجوى، ولكن مباشرة بعد انتهاء الحرب مع العراق حاولوا بكل جهدهم التحول الى السياسة الانتعاشية على كافة المسارات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و العسكرية و خلال اقل من 10 سنوات في التسعينات من القرن الماضى استطاعوا ان يتقدموا و تزدهر دولتهم و تنتعش على مستوى الاقليمى و العالمى و اخذت قسطا كبيرا من الراحة و سيطرت سيطرة كاملة على كل المشاكل الداخلية و تنظيم امورها و انتعاش اقتصادها و علاقاتها الخارجية و الاقليمية و استطاعوا تنظيم قوتهم العسكرية من حيث التدريب و التسليح، وعلى مستوى الديمقراطية الخاصة بايران رغم استمرارية الحرب العراقية الايرانية عملية الانتخابات للبرلمان ورئاسة الجمهورية مستمرة بدون توقف وهذا اكبر دليل على صدق النية للقيادة الشيعية الايرانية على تثبيت و دعم نظام جمهورى ديمقراطى على الطريقة الايرانية و رغم كل محاولات لفشل تجربتهم و رغم الصراعات العميقة مابين التيارات و التوجهات و الائمة الاسلامية فى ايران استطاع ان يثبتوا الاساس القوى لنظامهم وبهذا الشكل اصبحت ايران قوة كبيرة فى المنطقة لها وزنها و فعاليتها على الساحة العربية و الاقليمية و حتى على مستوى العالم، ايران التي لها باع طويل و مؤثر فى لبنان عن طريق حزب الله اللبنانى و لها باع اطول فى سوريا من وقت نظام حافظ الاسد منذ سبعينات القرن الماضى و لحد الان و لها تاثير كبير فى سلطنة عمان من ايام ثورة الظفاريين فى الستينات القرن الماضى و لها تاثير كبير فى كل من البحرين و الكويت و اليمن و الان فى العراق بكامله وكله من ناحية التاثير المذهبى الشيعى، ويقولون ان ايران لها تاثير كبير فى اربع عواصم عربية كبيرةوتاريخية وهي بغداد و دمشق و بيروت و صنعاء.

&ايران الان قوة لا يستهان بها من الناحية السياسية و الاقتصادية و العسكرية و هى الان تخطوا خطوات نحو العالمية و ليس فقط الاقليمية من حيث تقدمها نحو دول اصحاب اسلحة النووية السلمية و بعد اتفاقها مع بلدان الغرب(5+1) حول اسلحتها و برنامجها النووي اصبحت ايران اقوى من اى وقت مضى لانها فتحت ابواب العالم باسرها على ايران و علقت الحصار الاقتصادى و فتحت ابواب البنوك و الشركات و الاستثمارات العالمية فى كل نواحى الحياة، ومنذ عام 2003 و بعد سقوط نظام البعث العراقى اصبحت ايران الدولة الحاكمة علنا و سرا فى العراق عن طريق تاثريها على القادة السياسين و الاحزاب السياسية الموالية لسياستها و استطاع ان يهزم الامريكا على الارض فى العراق و ايضا منذ 5 اعوام مضى استطاع ايرن ان يقاوم و يحارب كل القوات الارهابية و الامريكية و السعودية و القطرية و التركية فى سوريا و استطاع ان يدافع عن نظام البعث السورى و ابقاء بشار الاسد فى واجهة التحديات و فى لبنان لها قوة عسكرية منتظمة عن طريق حزب الله و هو الان مسيطر و لها باع طويل فى كل القرارت فى لبنان، و فى اليمن و منذ اكثر من 3 سنوات ايران دخلت مباشرة لتعاون الحوثيين و جماعات اخرى دفاعا عن مصالحها الاقليمية و ضد توسعات و سياست السعودية و الامريكية فى المنطقة. ايران ايضا لها تاثير كبير على الاقتصاد العالمى لانها صاحب خامس احتياطى النفط و الغاز الطبيعى و بمساعدة روسيا و الصين و تحالفاتها معهم و مع كوريا الشمالية استطاع ان يفرض سياستها النفطية على السوق العالمية و ايران اليوم هى راس حرب و راس قطب من اقطاب المنطقة الشرق الاوسطية و ليس بمقدور اى دولة مهما كبرها و قوتها انكار وجودها و فاعليتها، و بهذا الشكل يوما بعد يوم ايران تتقدم نحو الافضل و الاقوى نتيجة سياستها الحكيمة و المحنكة و الصبورة و تعاملها و تجاوبها مع متطلبات العصر و المرحلة بشكل جدى و هادىء دون التعصب و التهور و القتل و استخدام القوة العسكرية المباشرة.

ولكن على الناحية الاخرى من المعادلة و الجانب الاخر من الصورة الكبيرة للمنطقة موجود الدولة التركية المتناقضة 180 درجة لسياسات الايران المتفوقة و المنتصرة فى الحرب ضد الارهاب و فى حرب الباردة بين القطبين الدينيين السنية و الشيعية المذهب.تركيا بخلاف ايران دائما تحاول ان تستخدم القوة العسكرية و المباشرة فى حل النزاعات الاقليمية و الدولية و حتى الداخلية فى نطاق الداخل الدولة التركية، تركيا اليوم وفى ظل السياسات الاردوغانية المغرورة و المتكبرةو المتسلطة و الدكتاتورية تذهب الى طريق مسدود و لا تستطيع ان تحل مشاكلها الداخلية الجمة من حيث الصراعات العلنية و السرية مع جماعة كولن الخدمية الاسلامية و من حيث الديمقراطية و الحريات و عملية السلام مع الكرد فى كردستان الشمالية من جانب بقيادة الحزب العمال الكردستانى PKK ومن جانب اخرى بقيادة الحزب الشعوب الديمقراطيةHDP وتدخله المباشر فى شؤون السورية بقوات عسكرية برية و جوية و مساعدتها العلنية و السرية لمنظات الارهابية مثل عصابات الداعش المجرمة و جبهة النصرة و غيرهما من المنظمات و التيارات الارهابية على حساب الشعوب السورية و العراقية و ايضا وقوفها امام طموحات و امال الكرد فى كردستان السورية ( رؤزئافا) بحربها ضدهم، وايضا من الناحية السياسية تركيا اليوم فى احرج مراحلها لان علاقتها الاقليمية مع كل من سوريا و ايران و عراق و اسرائيل و حتى السعودية و القطر و مصر ليس على ما يرام و على المستوى العالمى مع الدول الاوروبية و روسيا و صين و حتى امريكا ليس كما يرام ايضا و من الناحية الاقتصادية تركيا فى احوج حالها و اقتصادها تراجعت بمقدار 4% فى النصف الاخير من هذا العام و من الناحية العسكرية القوات العسكرية و البرية التركية لا يستطيعون ان يسجلون انتصارات كبيرة بسبب الانقلاب العسكرى الفاشل الذى حدثت فى شهر تموز الماضى و الان القوات العسكرية و الامنية و الاستخباراتية التركية ليس على وفاق تام مابينها و مابين اجهزة الدولة الاخرى و فى تدهور تام فى المعنويات العسكرية و فشلوا فشلا ذريعا فى ساحات القتال امام مقاومة وحدات حماية الشعب الكردية فى كردستان سوريا بقيادة حزب PYD، وكل هذا بسبب و نتيجة سياسات الخاطئة و حسابات الاردوغان الخاطئة للمعادلات الاقليمية و الدولية من ناحية و من ناحية اخرى بسبب تغير فى المواقف و المصالح للدول الكبرى فى المنطقة، تركيا اليوم فى تراجع مستمر فى مواقفها الاقليمية و الدولية و ليس صاحب مبادرة انسانية و اسلامية بل فى تراجع مستمر على كافة المجالات امام تقدم ايران و سيطرتها و توسعاتها المستمرة و هيمنتها الكبيرة الان و فى المستقبل.

اخيرا و بكل المقاييس و المعايير تستمر هذه الحالة حتى يبقى اردوغان و حزبه الحاكم فى السلطة فى تركيا و استمرارهم على سياساتهم الخاطئة ضد شعوبهم داخل تركيا و خارجها فى دول المنطقة، وخير عمل عقلانى يقوم به اردوغان و حزبه هي المعاملة الحسنة و الانسانية و السياسية مع المسالة الكردية فى تركيا و سوريا و العراق بعيدا عن لغة القتل و التشريد و محو وجودهم و انكار مسالتهم المشروعة و مطالبهم الحقيقية وان تبدا من جديد بعملية السلام و الوفاق مع الكرد فى الداخل و الخارج و ايضا تبتعد عن التدخل فى شؤون الدول المجاورة و ان تحترم حقوق الجيرة و المصلحة المشتركة في ما بين الدول المنطقة و ان تحترم حريات الافراد و الجماعات و ان تحترم النظام الديمقراطى البرلمانى و ان لا تحاول تغير النظام البرلمانى الديمقراطى الى نظام رئاسى و ديكتاتورى و ان لا يجمع كل السلطات و القرارات بيديه و عليه ان يحذوا ولو بشيء قليل من الخطوات والسياسات الايرانية، وايضا يجب على تركيا ان تعلن برائتها من التعاون مع المنظمات الارهابية و خاصة داعش فى سوريا و العراق وان تفتح صفحة جديدة من السياسات الانسانية و الاسلامية السمحة مع كل الشعوب و الحكومات في المنطقة، فقط بهذا الاسلوب تستطيع تركيا ان تتقدم على جارتها العدوة و المنافسة قديما وحديثا فى المنطقة الجمهورية الاسلامية الايرانية.والا فان تركيا مرشحة الاولى للتقسيم و التجزئة على مستوى الارض و شعوبها من خلال اطار النظرية(( الفوضى الخلاقة )) و التى يرمى الى تكوين الشرق الاوسط الجديد و التى بنى على تجزئة الدول الكبرى فى المنطقة كتركيا و مصر و ايران و سعودية و باكستان و غيرهم.وبوادر تطبيق هذة النطرية قد بدات من افغانستان و العراق و السورية منذ عام 2001 بعد عملية الانتحارية فى نييورك و واشنطون فى 11 سبتمبر 2001 من قبل منظمة القاعدة الارهابية بقيادة اسامة بن لادن و تستمر هذة المسرحية الهزلية حتى نهاية المطاف فى السنوات المقبلة.ونتيجتها ارغام الحكام المنطقة على التغير فى سياساتهم و سلوكهم او الاطاحة بانظمتهم و تجزئة بلدانهم وكل هذا نتيجة اعمالهم و سياساتهم الخاطئة و العدوانية ضد شعوبهم و تسلطهم على رقابهم و منع الحريات و الديمقراطية فى بلدانهم و مجتمعاتهم.

&

كاتب كردى من كردستان العراق

[email protected]