ليس بديهيا ابدا سقوط الحكومة الاردنية و رئيسها المكلف الدكتور هاني الملقي التي اقسمت اليمين يوم ٢٨ سبتمبر ٢٠١٦، امام البرلمان الجديد، او علي اقل تقدير ان تحصد ثقة ضعيفة بمساعدة مضنية و حاضنة ُخداجية، حيث يرجح المحللون أن يحجب الثقة عن الحكومة الجديدة ما يناهز ٥٨ نائباً وأن يتحفظ البقية، وهي نسب غير مستقرة و غير مستبعدة، و ان يطرح بها اكثر من مرة سحب للثقة المهلهلة التي قد تحظي بها خلال فترتها القادمة ان هي نجحت اصلا بالحصول علي الثقة مع تدخلات.

و ايضا من علم البديهيات في السياسة الاردنية أن ترفض المعارضة التقليدية في مجلس النواب التركيبة الجديدة للحكومة، بل و ايضا يرفضها المستقلون و كل نائب يعي دوره و يعلم عن المديونية و لديه مقدرة علي تدارس و فهم الكفاءات و المرجعيات و الخبرات المطلوبة في هذه المرحلة الحساسة من عمر المملكة الاردنية الفتية التي ارهقتها عمليات اجهاض وزارية لخطط التنمية و نزفت دمائها في مداوات اقتصادية فاشلة ابتدعها البعض من سنوات و التي ادت الي نمو أنسجة غير طبيعية تُعرف باسم الورم الاقتصادي رافعة قيمة الدين الي ما يقارب الاربعين مليارا.

كان من البديهيات ايضا أن يعلن بعض من زعماء العشائر و قادة و احزاب و كتاب و تكتلات و مواطنيين بسطاء و نقابات مهنية عن عدم رضاهم عن اول ١٢٠ يوما من حكومة الاشراف علي الانتخابات، التي وصفها الراحل المغدور “ناهض حتر” بأنها لجنة و ليست حكومة.

&واعتقد بعض من العامة ان الرسالة وصلت، و ان الملل من سيناريوهات مكررة و ساقطة و اختيارات وزراء قأئمة علي المصالح قد انتهت مع بداية عهد جديد و انتخابات نيابية شفافة و نزيهه بمقدار كبير، وان الحكومة مختلفة و ان رئيس الحكومة سيهتم بالمملكة و مستقبلها و المديونية و علاجها و الفقر و البطالة و حل مشاكل النقل و تخفيف العبء الضريبي، و نشر الثقافة الحقيقية الملكية التي غيبتها المناهج و الوزراء غير المؤهلين المنتمين الي افكارا لا تعرف و لم تتشرب و لا تؤمن بالثقافة الملكية، و لا غيرها من الامور الحياتية اليومية و الاستراتيجية طويلة المدي.. وزراء و حكومة بلا برامج او خطط قابلة لانقاذ ما يمكن انقاذه.

و قدر الشعب، الذي تحمل كل شيء، و رضي بكل شيء، و عاني من كل شيء،انطلاقا من ايمانا لا ينقطع و لا يذبل او ينتهي بالملك الهاشمي و الدولة الاردنية، ان تأتي الحكومة الجديدة بشكل و نوع متطور و مختلف يستحق لقب “حكومة “ بما تعني تلك الكلمة، لكن البعض، وان لم تكن اكثرية من الشعب الذي تململ وجد الحكومة اتت تجر اذيالها، و ان التعديل لا يخاطب مطالب الامة و لذا يجب فورا مراجعته، و رأى الكثير من المحللين السياسيين و الاقتصاديين في التشكيل إشارة إلى ضعف مناعة الحاضن السياسي الرئيسي للحكومة، و ان موجات البحر التي كانت تمسح رمال الشاطيء لتؤمن ثقة ناعمة غير قادرة علي استيعاب الرمال المتحركة و الوعود الكاذبة.&

الايام القادمة للحكومة و حضورها لنيل الثقة من البرلمان، سهلة الاصطياد و السقوط، و المجلس النيابي الموقر حفيظه المعارضة وان تتمسك بما وعدت ناخبيها، و المطالب الشعبية هي أن يعرض الوزراء الجدد مباشرة وعلى الهواء برامجهم وتصوراتهم لحقائبهم. وان يتقدم رئيس الطاقم الاقتصادي ببرنامج أو استراتيجية لمعالجة المديونية، و يتقدم الوزراء بخبراتهم و كفائتهم و انجازتهم السابقة، و ماذا لديهم للمستقبل، فإن لم يحدث ذلك فان المجلس سيرفض منح الثقة لهذه الحكومة الضعيفة.

الشعب يبحث عن حكومة قوية تؤسس للاجيال القادمة، تحترم مؤسسي المملكة و تاريخهم و تحافظ علي الدستور، حكومة شجاعة بلا مصالح شخصية للتوزير، تؤطر بصراحة مشاكل الاردن الحقيقة و تقدم متسببيها لمحاكمة علنية، حكومة تقدم ملفات وزرآئها و ماذا لديهم من اموال عامة وسيارات و قصور و كيف حصلوا عليها و متي، و ان بفصحوا عن جنسياتهم الاخري و ما تلقوه من انعام و هبات و اسبابها، حكومة لا تكذب علي الشعب و لا تجمل التشوهات الاقنصادية و السياسية التي تمت من خلال بعض من اعضائها عبر السنوات، حكومة لديها برامج ليس فقط اساسية و انما قابلة للتطبيق.

الشعب عندما اغلق جفونه مآئة و عشرون يوما عن حكومة ضعيفة مؤقتة، توقع ان يفتحها علي حكومة بتوجهات علي ارض الواقع و بوصلتها مجتمع اردني قادر علي مواجهة كل انواع الارهاب سوآء الفكري او الاجتماعي او الاقتصادي او الديني المتطرف.

&حكومة بشكلها الحالي لا تلبي الحد الادني من طموحات الملك الذي يحبه شعبه و يثق به، و ايضا لا تلبي طموحات الشعب، بل يري البعض انها اتت لتلبية المصالح و هي هلامية ضعيفة تثور منها رائحة المصالح، و يغيب عنها ترتيب بيتها الداخلي، و بها اسماء لا يمكن القبول بها، حكومة تحمل مؤشراتها وتوحي بمزيد من الفقر و البطالة و ارتفاع الاسعار و غياب الكفاءات، حكومة ضاربة عرض الحائط بامال الشعب و بكل اعتراضاته علي بعض من الوزراء و كثير من القرارات.&

و يري اخرون ان نفس الحكومة، باستثناء بعض من وزراء مخلصين و اقوياء وطنيين شرفاء، معتقداتها هو معاقبة الشعب و كل من الذين عبروا عن نفس إصلاحي حقيقي و تغييرات للافضل.

و هنالك من يري ان الحكومة المكلفة حاليا لحين الحصول علي الثقة البرلمانية و اعتمادها من عدمه و هو القرار الاكثر احتمالا بتركيبتها الحالية، انها لن تحصل علي ثقة عالية، لانها حكومة كما يقول المثل “ تيتي تيتي زي ما رحتي زي ما جيتي “.

&

عبد الفتاح طوقان

[email protected]

&