أيها الشيخ..
إعلم "إن في قتلك إصلاح للمسلمين"..
لست بداع قتل ولا قائلٍ به.. وأنا أدرك ان مقابل لذة واحدة هناك ألف ألـم،مثلما قالها الشاعر الفرنسي فرانسوا فويون بعد ان قتلَ الراهب،ليختفي طويلا، معكتفاً للشعر..ولست بشاعر يقتلك للتفرغ أكثر،وما أنا بمحرض على الدم، وها أنت تراني لا أقوى على قول مثل هذه الجملة بل استلها من التاريخ،وتحديدا من أول كلمات للحجاج بن يوسف الثقفي حيث قالها وهو يضرب عنق عمير بن صابئ وقد تجاوز تسعينه،لأن قائلا قد ذكر للحجاج بيتا من الشعر قاله هذا المسكين كمعارض ذات دهر:

هَممتُ ولم أفعل وكدتُ وليتني تركتُ على عثمان تبكي حلائله
أيها الشيخ..
لحديثي عن الخليفة عثمان وجع عراقي أيضا يجعلني أقف بين يديك الآن كزعيم للعالم قد وَليتَ علينا بالأمس أميرنا الزرقاوي.. تولية الخليفة ذاك لسعيد بن العاص بعد ان خلع عن وليد بن عقبة مُلك العراق لسوء فعاله وقبح أعماله..
أقف بين يديك وقوفا عجز عنه الشاعر الكوفي المعترض الأول على قول سعيد بن العاص لما رأى بساتين بلادي: "إنما هذا السواد بستان قريش".
قال الشاعر لموفد الخليفة، وأقول لك قوله كخليفة جديد على العالمين:

فررتُ من الوليد الى سعيد كأهل الحجر اذ فزعوا فباروا
يلينا من قريش كل عــام أمير محدث أو مستشـار

ايها الشيخ..ليس العراق بستانا لأبيك ولا سواده الغض من رماد ضحاياك..وأنها لكبيرة علينا ان تولي علينا مثل هذا الزرقاوي القاتل..
وها أنت ترى ما رآه عبد الملك بن مروان عن العراق بعد ان جمع الطامعين بسواد نخيله: أيها الناس إن العراق كَدُر ماؤها، وكثر غوغاؤها، وأملولح عذبها، وعظم خطبها، وظهر صرامها، وعسر إخماد نيرانها،، فهل من ممهد لهم بالسيف القاطع، وذهن ٍ جامع، وقلب ذكي، وأنف حمي.. فيخمد نيرانها ويرد غيلانها، وينصف مظلومها ويداوي الجرح حتى يندمل، فتصفوا البلاد، وتأمن العباد؟.
أيها الشيخ..ما تكدر الماء إلا بحضور أمثالكم في مشهد العراق،وما تكاثر الغوغاء بغير بطولة الأغبياء،ولم يملولح العذب الا بعد ان استعذب المجرم عظيم خطوب الحرب،وأنفق ثروات البلاد طعما لنيران تجاهدون لاستمرار أوارها..أي فأعلم انك ممهد لكسر شوكة الإسلام بما يسرّ الهازئين ويمني الراغبين بذهن الزرقاوي الجامع،وقلبه الذكي وأنفه الحمي!. فأن وجدت فيه حجاجا جديدا فأبشر بالخراب الكبير،والظلم الخطير،فلا صفاء لبلاد يحكمها القاتل،ولا مأمن لعباد يأمهم الجاهل.
أيها الشيخ.. أن الرؤوس التي أينعت وحان قطافها،سيتكاثر رفضها كلما نزف الدم،وليس صاحبكم الزرقاوي بصاحبها،وإن الدماء التي ترقرقت على الوجوه هي للأبرياء أكثر مما هي للجناة.
أيها الشيخ..وأنت تنثر كنانتك بين يديك،بئس الاختيار ما أخترت وبئس العود ما رميت به أهلنا في العراق..
وأني لأراك تثير الفتنة،وتضطجع للضلال..وترضى بالدم.
أترى سرّكم ما ردده الزرقاوي من قول غلام ثقيف لأجدادنا في السواد: والله لأنكلنّ بكم في البلاد، ولأجعلنـّـكم مثلاً في كل واد، ولأضربنـّـكم ضرب غرائب الإبل..
انها لغة لكم ما هجرتم عنها رغاء الإبل ذاك ولا حروب جمالها..
وإن رضيتَ بعهد الخلايلة كخلٍّ قاتل.. وفيّ بالوعد وعازم بالمضيّ.. يقول بما أمرت،ويطيع ما أنهجت..
فقد جئت شيئا إدا،أشنع منه قولك؛
"كل من يشارك في هذه الانتخابات يكون قد كفر بالله تعالى ولا حول ولا قوة الا بالله، وينبغي الحذر من الدجالين الذين يتكلمون باسم الأحزاب والجماعات الإسلامية ويحثون الناس على المشاركة في هذه الردة".
ما أشبهه بقول الحجاج : "فإياي وهذه الزرافات والجماعات،وقيل وقال، وكان ويكون".

أيها الشيخ..لا أظنّك تعلم ان في العراق خمس ديانات وأكثر من ست قوميات،وأحزاب لا تحصيها آمالك بفناء العمل السياسي في قادم العراق،فالانتخابات قادمة لا ريب، وإصرار العراقيين عليها متأت من سبب واحد ورئيس في الرغبة العراقية الأكيدة بتعجيل الأسباب السياسية لرحيل المحتل..
وأظنّك تعلم علم اليقين انك وصدام حسين منحتم أمريكا فرصة ما كانت لتحلم بها أبدا،فصدام شرّع لها الدخول العسكري الى الخليج منذ التسعينيات،وانت شرّعت لتدخلها العسكري بحجة الإرهاب أينما كان..وما إصرارك على العنف الآن الا مسوغاً جديداً لهم وهدية تضع العرب والمنطقة على شفا الهاوية..
أعلم ان الحرية التي تسعى دول كاملة لنحرها في العراق، ستتحقق عما قريب،لأنها المنجى الوحيد والحل الأخير للديموقراطية المؤملة بها المنطقة بأسرها،وما قولك بتكفير الذاهبين الى الانتخابات وردتهم فسيرتدّ الى ما لا يرضيك ويغيضك.
وأعلم انك لن تضرّ الله الساكن في قلب الأيزيدي ولا تنقص من خزائن المندائي العراقي مادام يفيض حبا كالماء العراقي.
وأعلم أيها الشيخ ان يهود العراق أهلنا، مادام القرآن فينا،وما بقي الإرث الإنساني العراقي رصيدا حيا ومتجددا..
وأعلم ان مريم العذراء كانت بالأمس ابنتي في الحفل المدرسي حملت رضيعها على المسرح وهي لما تزل بعد ابنة السادسة لتصرخ أيها الناس: أمنيتي لهذا العام ان يكون العراق بلدا للسلام..وبقيت تردد هذا حتى ضجت القاعة بالنشيج..
بصوت ابنتي أتحداك أيها الشيخ وبنشيج العيون الغريبة..
بشمس العراق وفرحتي بخبر الاحتفال بذكرى السياب في البصرة رغم ظلامكم..
واعلم ان ظلام تورابورا غير الظلام العراقي..فحتى ظلامنا أجمل لأنه يحتضن العراق..أما عتم الوطاويط فلا زمان له على أرضنا ألبتة..
أيها الشيخ.. يا بن لادن أنا احبك في المسيح لأنك عدوي..لهذا أهنئك في عامك هذا وفي كل عام.