في كتاب الذكريات عندما اتصفح سجلي الخاص.. كيف بدت مسيرة حياتي وفي الاسطر الاولى التي كتبتها عن محل ولادتي والهوية التي منحت لي ذلك اليوم الذي احتفل به ابواي وكل قريب وبعيد لي وانا في احضان عائلتي وبعدها ترعرعت من كدح ابي وخير الارض التي غمرتني بحنينها واحاطتني بنعمها والنهرالذي روى عروقي بماء عذب.. وبعد ان اصبحت تلميذا في اول صرح علمي كانت مدرستي الابتدائيه والتي تحمل اسم مدينتي (نينوى) المدينة المشهورة عبر التاريخ.. لمست رذاذ العلم في ذلك الصف المفعم بالحيوية.


حينها وجهت سؤالا الى ابي من انا واين نقطن.. ابتسم ليقول! الم يخبروك في المدرسة؟ واجابني انت عراقي وابن عراقي ونعيش في وطننا العراق بلاد الرافدين.. لم اشأ الحديث عن قصة ابن العراق وحبي لهذا الوطن واظهر شجوني الى اخوتي من بلدي الجريح المقبوع تحت ستار الظلام وينهشها انياب الضباع الوافدين من كل صوب.. اسهر الليالي في غربتي وانا متأمل وحشة قومي الذين خانتهم تداعيات الوطن الجديد وكنت اردد مع نفسي طوال سنيين القهر والغربة سوف اتنفس رائحة الحرية وامسك برحيق التضحية.. واقف طويلا واعبر ترسبات العهد المظلم سريعا لاصل الى واقع يدعي من ينظر له بالديمقراطية وحقوق الانسان.


من هنا بعيدا الاف الاميال عن وطني الحبيب اصرخ بلسان اهلي وهم قومية تسكن القرى التي تطرز مدينتي (الحدباء) بسندسها وحليّها الاخضر في قرى متناثرة حولها وفي الجانب الايسرمن المدينة باعداد تقارب النصف مليون.. اولئك هم (الشبك) وهم ينتظرون غيث السماء كي يزرعوا ارضا توارثوها ابا عن جد ويرعون مواشيهم منقطعين عن العالم بأحزانهم.. حيث القرى الفقيرة التي لاتجد سوى قوت يومها بدون أية خدمات انسانية تذكر حتى انهم حُرموا من الماء الذي تشرب منه طيور الارض والسماء وهذا حالهم في تجاهل تام.. ومن كل وسائل الاعلام عصر الفضائيات والانترنيت عصر القرية العالمية في هذه الكرة الارضية كان الشعب العراقي يُذبح ولامن مجيب ولامغيث ووسط تلكم المذابح التي نلنا طرفا من نصيبها ولانريد الخوض طويلا في جرائم العهد الدموي لنصل الى لب القول بعد الانتقال الى الواقع الجديد والتغيير الذي قلب الامور رأسا على عقب في بلاد مابين النهرين وجاءنا من ينظرون للديمقراطية وحقوق الانسان ورافعين هذه الشعارات التي يتوق لها ظمأ الحرية.. هنالك يتساءل الشيوخ ذوي اللحى البيضاء.. اين نحن من هذا كله؟ لاصوت ولامجيب!


ظل الشبك ينتظرون الذي ياتي لينصفهم حتى في التمثيل للمجلس البلدي للموصل فاعترض البعض منطلقا من خلفيات طائفية لامجال لذكرها الان ورغم كل ماحدث ويحدث ظل شيوخ الشبك يعلمون أبنائهم ان العراق وطنهم وانه من اقصاه الى اقصاه في القلب منهم.. حب الوطن الذي وللاسف يحز في القلب تتناهبه مصالح شتى وتحت شعارات طائفية وقومية وحزبية والى ماهنالك من مصالح ولاضير في هذا ولا معيب ولكن ان تدّعي احترامك للاخر قولا وتتناساه فعلا هذا هوالمشين في جلّة الامر.. فلم يستشر احد من اهلنا في اي امر من امور الحكم الجديد ولم يمثلوا تماما في حين نسمع جعجعة ولانرى طحينا في اشارة للوعود المتلاشية كسراب الصحراء التي نسمعها تذهب ادراج الرياح.


كان لنا الامل في العهد الجديد ان نكون يدا بيد مع اخوتنا العراقيين بجميع الوانه وأطيافه في بناء الوطن العزيز ويضعونا نصب اعينهم على ميزان العدالة وينصفوا حقوقنا وحجمنا الحقيقي.. من منطلق المشاركة الحقيقية والفعالة في بناء العراق الحديث.. وختاما لابد من القول ان من يقول انه يحترم الناس على اساس انسانيتهم عليه تطبيقه فعلا وينصف المظلوم الذي طال به الصبر والانتظار.


[email protected]