قررت الحكومة العراقية فرض الأحكام العرفية أو حالة الطوارئ في العراق لكن بتسمية اخرى هي قانون السلامة الوطنية , ولغرض تقديم تعريف واضح ومفهوم للقارئ لما يعنيه مصطلح الأحكام العرفية أو قانون الطوارئ يجدر بنا ان نبين ان العراق قد عرف هذا الأمر أول مرة عندما نص الدستور العراقي الصادر في العهد الملكي سنة 1925 في المادة 120 على ان للملك بموافقة مجلس الوزراء إعلان الإدارة العرفية أو الطوارئ وبعدها صدر مرسوم الإدارة العرفية رقم 18 لسنة 1935, وفي العهد الجمهوري صدر إعلان الأحكام العرفية بموجب المرسوم الجمهوري رقم 8 لسنة 1958 الذي أصدره الزعيم عبدا لكريم قاسم ثم صدر قانون السلامة الوطنية رقم 4 لسنة 1965 في زمن الرئيس عبدا لسلام عارف والذي ألغى كل القوانين السابقة التي كانت تنظم الأحكام العرفية والطوارئ في البلد وأوجد لها تسمية جديدة هي السلامة الوطنية والذي ظل ساريا ولم يتم إلغاءه حتى الآن كما أن النظام السابق كان قد أصدر العديد من القرارات وفي أوقات مختلفة بتقسيم العراق إلى مناطق محددة وأوكل أمر قيادتها وتصريف أمورها إلى شخص أوقائد عسكري.


مفهوم الأحكام العرفية:
ان معنى ومفهوم الأحكام العرفية أو الطوارئ أو السلامة الوطنية واحد و يقصد به السماح للحكومة للتحرر من بعض الاجراءات القانونية التي يجب عليها الالتزام بها في الأوقات العادية وعدم مسائلة اجهزتها عما يصدر منها من اجراءآت وتصرفات اثناء تطبيقها للقانون كما ويطلق للدلالة على كل اجراء أو تصرف تقدم عليه الحكومة لمعالجة أوضاع غير طبيعية واستثنائية يمر بها البلد ولابد ان تتخذ فيها إجراءات خاصة لحفظ حياة الناس وأرواحهم وحفظ الأمن في المناطق التي تشهد عمليات أو حوادث تؤثر على مجرى الحياة في تلك في المناطق ويتم ذلك من خلال:
1- اختصار الإجراءات القانونية وعدم التقييد ببعض القوانين التي تطبق في الظرف الاعتيادية مثل بعض مواد قانون أصول المحاكمات الجزائية.
2- فرض إحكام الطوارئ في زمان ومكان محددين.
3- وجوب إصدار قرار أو أمر خاص من الحكومة بفرض حالة الطوارئ ويبين تفاصيل تطبيقها ويحدد إجراءات وآليات التطبيق بكل وضوح ودقة كي يطلع عليها عموم المواطنين في البلد.


الهدف من فرض حالة الطوارئ:
هو لمعالجة الوضع الأمني المتدهور في بعض مناطق العراق والتي يتطلب إصدار مثل هذا القرار للحد من الجرائم والعمليات الإرهابية التي تحصد كل يوم عشرات الضحايا من المواطنين الأبرياء ورجال الشرطة الذين يقومون بواجبهم في حماية المواطنين وتوفير الأمن الذي أصبح مفقودا بسبب الظروف الخاصة التي يمر بها العراق حيث يمثل الأمن مطلب المواطن الاول في هذه الأيام و بالتالي يكون واجب الحكومة وهدفها الاول أيضا الذي يجب ان تحققه بأسرع وقت ممكن كما انه لا يمكن للمواطنين التمتع بكامل حقوقهم وحرياتهم الأساسية طالما كانت حياتهم ذاتها مهددة بفعل الهجمات والاعتداءات والجرائم التي تشهدها العديد من المدن في العراق.


إجراءا ت حالة الطوارئ:
ان الإجراءات أو النتائج التي تترتب على فرض حالة الطوارئ أو الأحكام العرفية بالنسبة للمواطنين تتمثل فيما يلي:
1- فرض قيود على حرية الأشخاص في الانتقال والمرور والتجول في أماكن وأوقات محددة.
2- اعتقال الأشخاص المشتبه بهم وحجزهم أو فرض الإقامة الجبرية عليهم والأمر بتفتيش الأشخاص والسيارات والأماكن دون التقييد بالاجراءات الروتينية المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية.
3- فرض حظر التجول في بعض ألاماكن وفي بعض الأوقات التي يمكن من خلالها السيطرة وتحقيق الأمن للمواطنين.
4- فرض قيود على حرية الاجتماع ومنع المظاهرات وحل الجمعيات والنوادي والنقابات إذا ثبت إنها تمارس نشاطا أو عملا يخل بالأمن العام للبلد.
5- فرض قيود وإجراءات على القادمين للبلد والمغادرين من شانه ضبط القادمين والوافدين وضرورة التزامهم بالحصول على موافقات معينة وتحديد أماكن اقامتهم حفظا للأمن العام وأمنهم الشخصي أيضا.


وأخيرا فان معالجة الأوضاع الحالية في العراق بفرض الأحكام العرفية أو الطوارئ لها ما يبررها كما ان العديد من الدول تطبق حالة الطوارئ ومنذ عشرات السنين رغم ان ظروفها وأحوالها الأمنية ليست بدرجة سوء وتدهور الأوضاع في العراق مثل سوريا ومصر اللتان تطبقان حالة الطوارئ منذ ما يزيد على 25 سنة ودول أخرى كثيرة في العالم كما ان سوء الأوضاع الأمنية في العراق قد أثر على حياة الناس بسبب انتشار جرائم لم يعرفها المجتمع العراقي سابقا بهذا الشكل الواسع مثل جرائم اختطاف الأشخاص من العاملين في العراق من العمال والخبراء الأجانب والمواطنين العراقيين من الأطباء والتجار والأطفال وابتزاز ذويهم للمطالبة بفدية إضافة إلى عمليات السلب والسرقة التي تقوم بها العصابات المنظمة والسيارات المفخخة والتفجيرات الإرهابية التي أثرت على عموم المواطنين كلها أسباب تدعو بل وتوجب على الحكومة العراقية اتخاذ كل الإجراءات والتدابير التي من شانها إعادة الأمن والهدوء إلى عراقنا الحبيب بما يدفع أبناءه إلى الانصراف إلى حياتهم العادية وتعوضهم عن حياة الخوف والحرمان التي عاشوها ايام النظام السابق وتوفر الظروف المناسبة للجميع من المواطنين والشركات الأجنبية في بناء العراق الجديد.


الكاتب محامي عراقي مقيم في الدنمارك
[email protected]