لعل واحدة من حسنات العلمانية التركية اليوم، هي تلك الفرحة العارمة التي إجتاحت تركيا قبل أيامٍ قليلة، بسبب زواج إبنة رئيس وزرائها طيب رجب أردوغان - إسراء، التي عقد قرانها مؤخراً على العريس التركي الشاب بيرات البيرق - إبن أحد الصحافيين الأتراك.

حيث ظهرت العروس الشابة بحجاب غطى شعرها بالكامل تعتليه طرحة بيضاء مرصعة بالأمل و التفاؤل الذي تنتظره عيون الحضور الأتراك و الأجانب، الذين ما برحوا أن توافدوا على اسطنبول و هي العاصمة التجارية لتركيا، و كانت مراسم الزفاف و عقد القران باكورة دبلوماسية زواج و لقاء حضارات كما تمنى والد العروس - رئيس الوزراء التركي له أن يكون، فلقد كان لدعوة رئيس الوزراء اليوناني كوستاس كرانسليس، و الذي لبى الدعوة مسروراً و مشكوراً بالرغم من سخونة الأجواء بين البلدين الجارين على الموضوع المتنازع عليه في قضية جزيرة قبرص الشائكة، وكانت المفاجأة حينما طُلب من الضيف الزائر أن يكون شاهداً على عقد الزواج، كدليل على جدية العلاقة الجديدة المرتقبة التي ستفتح آمالاً جديدة لآفاق السلام في جزيرة قبرص، التي عانت الويلات نتيجة الحرب الأهلية و إقتسام السلطة بين المتناحرين هناك.

كان لحضور والدتا العريس و العروس زخمه الواضح، فلقد أضفتا بحجابيها أجواء تدل على أن المؤسسة العلمانية التركية العتيدة تسير بخط آخر مغاير عن ذلك الذي رسمه لها مؤسسها مصطفى كمال آتاتورك فجر تأسيس الجمهورية التركية، التي قامت على أنقاض الخلافة العثمانية في بداية القرن العشرين ، حيث لم تصرخ بهن علمانية منزعجة، و هي التي لا أخالها بعيدة عن أجواء الحفل، حيث أحسسنا بوجودها بين الحاضرين :

- كيف تسمحان لنفسيكما بالظهور هكذا ؟ !!!

تركيا العلمانية فرحت لزواج إبنتها المحجبة كأم أي عروس تفرح لفرح إبنتها، و هي التي لم تمنعها فرحتها يوماً من دحر كل من يحاول أن يتربص بعلمانيتها العتيدة، حتى لو كان من أبنائها أو بناتها، الذين قد يخطئون يوماً في حق علمانيتهم الأم.

إنها العلمانية التركية سواء فهمناها أم لم نفهمها... !!!

دولة الكويت

[email protected]