عندما يبدأ مسئول سياسي خطابه المليء بالكذب والخداع بجملة بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم ثم يتبعها بآية من القرآن الكريم فهو قد صادر حقنا مقدما في مناقشة ماتضمنه خطابه من أفكار وما قد يمتليء به من أكاذيب ونفس الشيء ينطبق علي اي كاتب يبدأ مقاله بنفس الطريقة رغم ان مقاله قد يحتوي علي ما يستحق النقاش فكريا وما يستوجب الاعتراض والنقد والتفنيد.. لماذا نصر علي تحميل الله مساوئنا و أخطائنا في محاولة ممجوجه للأقناع ومصادرة حق الآخرين في النقاش و الاعتراض.

تمارس هذه العادة حكوماتنا و أحزابنا السياسية ودولنا المتصارعة كما يمارسها مثقفونا وكتابنا ونمارسها علي المستوي الشخصي عندما نكتب طلب التقدم لوظيفة قد لا تكون من حقنا ونكتب في هذا الطلب بيانات قد تكون كاذبة.. ونمارسها احيانا بدون وعي عندما نكتب رسائلنا وقد تكون رسائل عاطفية.

في حرب الخليج الاولي اتيع الفريقان نفس الاسلوب لمحاولة السيطرة علي العامة.. فكل فريق استشهد بالايات القرآنية والأحاديث التي تؤيده ولو نظرت الي أسانيد كل فريق علي حدة لاقتنعت أنه علي حق.. ولكنها في الحقبقة محاولة خبيثة لاستخدام الدين في غير موضعة لأغراض سياسية ليس لها علاقة من قريب او بعيد يالدين ولا تؤدي في النهاية الا الاساءة الي الدين نفسه.

ومازالت نفس القوي السياسية في عالمنا تتبع نفس الاسلوب فالقوي المتصارعة في العراق تبدأ خطابها السياسي باسم الله و تستشهد علي وجهة نظرها بآيات من الذكر الحكيم.. تفعل ذلك القوي التي تعتقد في الاسلوب السلمي في مقاومة المحتل وتفعله القوي التي تؤمن بالعنف كوسيلة للمقاومة والتغيير.

وفي السعودية يحدث نفس الشيء.. الفريق المتطرف الذي يفجر القنابل وينحر الرهائن يبدأ خطابه باسم الله ويستشهد بالآيات القرآنية و الأحاديث علي أفعاله.. والفريق المتحالف مع النظام الحاكم يفعل نفس الشيء يبدأ خطابه باسم الله ويستشهد بآيات القرآن والاحاديث ليثبت وجهة نظره ان هؤلاء ما هم ألا خوارج وضالين.. رغم ان اي متابع محايد يعرف ان كلا الفريقين علي خطأ.. فلا القتل والعنف و الارهاب ممكن أن يكون باسم الله ولا القهر السياسي وسيطرة فئة قليلة علي الحكم ممكن أن تكون باسم الله.

ويفعل نفس الشيء الفريق المعارض في الخارج من اتباع سعد الفقيه رغم ان غرضه الاساسي سياسي وهو الوثوب الي سدة الحكم.

وفي مصر يحدث نفس الشيء.. يبدأ كل فريق خطابه باسم الله الرحمن ويتبعها بآيات من الذكر الحكيم.. عندما كانت الاشتراكية هي الموضة دبج فقهاء السلطة الكتب عن الاشتراكية في الاسلام و ملؤوها بالآيات القرآنية و الأحاديث لأثبات وجهة نظرهم ثم حدث نفس الشيء عندما تحولنا الي الرأسمالية.. وعندما كان المفهوم في الصراع ضد اسرائيل هو أن ما أخذ بالقوة لا يسترد ألا بالقوة.. كانت آيات القتال هي المتصدرة للخطاب السياسي والمقالات وعندما تحولنا الي السلم تحولت المقالات الي آيات و احاديث السلم والتسامح.

وحتي الآن تفعل جماعة الاخوان المسلمين نفس الشيء فهي تبدأ خطابها باسم الله وتستشهد بالآيات و الأحاديث التي تؤيد وجهة نظرها وتبتعد عن تلك الآيات و الأحاديث التي تحض علي طاعة ولي الأمر بينما يستخدمها فقهاء السلطة لتكريس سيطرة الحزب الحاكم والسلطة القائمة.. رغم ان الجميع يعرف ان الغرض الاساسي للجميع هو الدنيا والسلطة والسيطرة وليس أرضاء الله وكسب الآخرة.

لماذا نصر جميعا علي تحميل الله مساوئنا و أطماعنا الدنيوية السياسية والافتصادية.. لماذا نصر علي أن القتل هو باسم الله والقهر السياسي هو باسم الله والرغبة العارمة في السلطة هي باسم الله.

لماذا لانتوقف عن ذكر اسم الله الا عند قراءة القرآن بغرض العبادة الحقيقية و ارضاء الله فعلا والاستغفار الحقيقي له من ذنوبنا وخطايانا سواء كانت علي المستوي الفردي أو العام.

الي متي سنستمر في استغلال اسم الله في تحقيق اطماعنا وشهواتنا في الحكم و التسلط وتحقيق المكاسب الدنيوية سواء كانت سياسية او اقتصادية.

لست فقيها و لا سياسيا ولكني مجرد مواطن غلبان يحب الله والوطن ولذا أسأل الجميع متي سنكف عن تحميل الله مساوئنا رغم أننا جميعا نعرف انه هو الذي يعرف النوايا و هو المطلع علي الضمائر


[email protected]