كان من المتوقع ان تحاول الولايات المتحدة بذل اقصى الجهود من اجل استتباب الامن في العراق والشروع في اسرع وقت في اعمار العراق وتنفيذ الوعود التي قطعتها على نفسها حيث ان ذلك قد يصب الى حد كبير في صالح الادارة الامريكية بالنسبة لمشروعها الشرق اوسطي بشكل عام ولاجندتها في العراق بشكل خاص الا ان الوقائع الكثيرة التي شهدتها مرحلة تجاوزت العام على الوجود الامريكي في العراق يؤكد ان الادارة الامريكية لا تريد ان تكون الحالة الامنية مثالية الى حد كبير ولعل ذلك ناتج عن عدة اسباب اهمها انها لا تريد ان تكون العناصر المتطرفة التي تحارب الوجود الامريكي في العراق لا تريدها الخروج نهائيا من العراق لان ذلك يتعارض مع احد اهم الاهداف المرجوة من الحرب ضد العراق وهونقل المعركة مع الارهاب بعيدا عن الاراضي الامريكية وهذا ما اكدته التقارير الامنية الامريكية التي اكدت ان عام 2003 شهد انخفاضا كبير في العمليات الارهابية في الولايات المتحدة الامريكية ولا تريد ايضا للوضع العراقي ان يشهد انفلات امني وتمرد كبير جدا بحيث يخرج الامور عن سيطرتها فهي تريد ان تمسك العصى من الوسط وفقا للمصلحه الامريكية.
ولعل تصريح المسؤول الامريكي ( مينز ) قبل فترة بأن 145 الف جندي امريكي سوف يبقون في العراق لاكثر من خمس سنوات هو تلويح لجماعات العنف بانهم باقون وهذا ما يشكل نقطة تدعو بعض القوى الارهابية ان تستمر في اسلوبها الهمجي ولكن على اراضي ليست امريكية.
تلك الوقائع تستلزم وضع استراتيجية دقيقة للوجود الامريكي في العراق تجنب المدنيين مزيدا من السقوط وفي هذا الاطار يفترض وكخطوة اولى ابعاد المعسكرات الامريكية خارج المدن ولا يسمح لدخول الدوريات العسكرية داخل المدن الا بتنسيق مسبق مع الحكومة العراقية ولاغراض استثنائية حيث ان الدوريات العسكرية تثير حفيظة الكثيرين وتستفز المواطن العراقي من جهة ومن جهة ثانية تجعل المدنيين لقمة سائغة لرصاصات الامريكي المرتبك تحت ذريعة الدفاع عن النفس. ان بقاء القوات المتعددة الجنسيات يفترض ان ياخذ منحى آخر كما هو متبع في دول الخليج او كوريا الجنوبية ، اليابان ، المانيا ، لكنها الان حولت العراق الى ثكنه عسكرية فالطائرات والدوريات على قدم وساق وهو حالة سلبية بكل تاكيد تتعارض مع مفهوم السيادة وتقلل من شان استقلالية الحكومة وثقة المواطن فيها.


[email protected]