قرأت مقال الأخ خضير طاهر، ورد الدكتور العبد الله. وفهمت من مقال خضير طاهر عتب على تجاوز أقلية تعيش وتطالب بحقوقها، من أغلبية تمنحها كل الحقوق وأكثر. وكان رد الدكتور هو تأييد كامل لهذا التجاوز بل والمطالبة أكثر، يتمثل باجتثاث الأستعمار الأسلامي لمصر وإعادتها تماماً كما اليهود( وأغلب نظريات اليهود كذب ودجل طبخت في مطابخ الصهيونية العالمية) . وهذا منطق مخالف لسنة التأريخ بالتداخل بين الشعوب بالمعقتد، والجنس المؤدي الى التهجين لأسباب كثيرة جداً، منها التجارة والحروب والبعثات العلمية والتبشيرية وغيرها. حيث أن أهل مصر لم يكونوا كلهم مهاجرين، أو مستعمرين كما يحلو للدكتور العبد الله أن يسميهم، بل هم بالأصل أقباط اعتنقوا الأسلام طوعاً، لا كرهاً. لما لمسوا فيه من سماحة، وكفالة، ومساوات، بالحقوق والواجبات. وهذا ما يثبته لنا التأريخ. وإلا كان على ألأمريكي الذي أسلم حديثاً، أن يرحل الى بلاد المسلمين حسب راي الدكتور العبد الله، لأنه أصبح استعماراً.
والدكتور عندما يقول( يسعدني تفهمك الجزئي لشتم الأقباط للمسلمين) فهو بهذا يعطي الحق للأقباط أن يشتموا، وكأنها الطريقة الأمثل للدفاع عن العقيدة، هو الهجوم على مخالفها، عندما يقول: (وليس الجميع كما ذكرتم تسب وهذا موجود بكل المجتمعات اسلاميه ومسيحيه وغيرها حسب مقالك نفسه وبهذا ينتفى التعميم.) مما يوضح لنا، أن الدكتور يسمح للرد بالمثل، ولو أنها حالة متخلفة وبعيدة عن التحضر أياً كا ممارسها.
ومشكلة مثقفينا على أختلاف ثقافاتهم ومعتقداتهم ــ وحتى المسلمون العلمانيون ــ يؤاخذون الدين( الفكر) بمؤاخذة جهاله، فالأسلام كالمسيحية واليهيودية. وفي الأسلام من فهم الدين، فهماً جمّده، وحدّه بحدود القومية، كما الصهيونية، والأصولية المسيحية. ولا يمكن أن نؤاخذ الدين بما اقترف معتنقيه الذين يجهلوه. فلابد يا دكتور أن نحاسب الفكر. فالأسلام غير المسلمين، والمسيحية غير المسحيين، واليهودية غير اليهود. وليس كل من تكلم باسم دين، حمل علمه. فأنت مثلاً تفهم فهما خاطئاً عندما تقول: (أما الأكثرية فى غرف المناقشه، فتظهر حقائق دامغه، من واقع الكتب الاسلاميه المعتبرة لدى السنه والشيعه. حقائق تدين العقيدة وتدين رسول العقيدة، وممثلها بتصرفات وماخذ تسبب المشاكل للاقليات حتى اليوم.)
ولا أدري كيف عرفت، وأنت القبطي، الكتب المعتبرة لدى المسلمين؟، التي لا يستطيع المسلم نفسه، معرفتها إلا بعد أن يقضي نصف عمره، بالبحث والتنقيب والتحقيق، وقد لايستطيع أن يحيز الفهم الكامل لها. فنحن المسلمين لدينا مصادر تشريعنا التي هي الكتاب الكريم، والسنة المطهرة. وكلاهما بحاجة الى أدوات علمية لتفسيرها وفهما، ولا يمتلكها إلا العالم بها، والدارس لها. ويجب أن تعلم أن الأسلام يلعن من يفتي بغير علم ففي الحديث ( من أفتى بغير علم أكبه الله على منخريه في النار) والفتوى تشمل كل شئ، حتى شتم غير المسلمين، حيث أن المسلم المؤمن لايحبذ أن يكون سباباً ولا شتاماً، وهذه هي أخلاق الأسلام.
أما قولك(وليتك تقارن ما يقال فى البالتوك بما يسب به الشيوخ المسلمين - المسيحيين واليهود كل يوم جمعه باعلى صوت ميكروفون ممكن قى الماذن منذ 1430 عاما، بل ومايصف به القران نفسه المسيحيين واليهود من انهم احفاد قردة وخنازير)
وهنا أيضاً، لا أدري كيف فهمت أن الشيوخ يسبوا اليهود والمسيحيين بحسب القرآن. هذا تجني على العلم القرآني، والحقيقة التي يحتضنها هذا الكتاب العظيم. في القرآن يا دكتور هناك آيات حكمها محدود بالفترة التي نزلت بها ، ولهذا تجد الكثير من الآيات المنسوخة ، إذا كنت سمعت بالناسخ والمنسوح. وهناك آيات تستمر مع الأنسان في حياته حتى يبعث. وعندما يصف القرآن اليهود بالقردة والخنازير، فلا يقصد بهم اليهود المؤمنين أصحاب موسى، وإنما يقصد قتلت الأنبياء ومنهم عيسى ( ع) والموجود منهم الى يومنا هذا. اليهود المشهور عنهم الحيلة والدهاء، والمراوغة. اليهود الذين حرفوا التورات على أهوائهم ، التورات الذي هو مقدس لدينا كقدسية القرآن والأنجيل .الكتب السماوية وليست الكتب الموضوعة ، وفي هذا دراسات ومناظرات كثيرة.
ليتك درست القرآن كله دراسة علمية حيادية، وليست قرائة إجتزائية مموهة. لاطلعت على آياته التي تحترم المؤمنين، من اليهود والنصارى. حاشى للقرآن أن يشتم قوم، أو ينتقص من إنسانيتهم. إنه يلعن المجرمين وقتلت الأنبياء . واللعن هو الخروج من رحمة الله. والملعونون والضالون ، هم الذين اضلوا الطريق الذي رسمته لهم الكتب المقدسة، ومن كل الأديان. وليست مقتصرة على المسيحيين واليهود، بل من في المسلمين أكثر خبثاً وضلاله. فالعاصي من أي دين هو ملعون. ووجوب قتلهم أيضاً لايقتصر على هذين الدينين. إنك تتهم خضير طاهر بالتعميم، وأنت تعمم، كيفما يحلوا لك، ودون الرجوع الى الفهم العلمي الذي يجب أن يكون.
أما (الجزية) فهي ليست ذلة كما عرفتها، بل هي تقدير واحترام فالجزية يا دكتور هي تقابل الزكاة على المسلمين. والقرآن يقول لمن لايريد الأسلام فعليه دفع الجزية ، وهي مقابل خدمات، تقدمها الدولة الأسلامية لهم كما يدفعها المسلمون. ولو تمعنت بدراسة الأسلام كفكر، لافكرمسلمين معرضون للخطأ والخطيئة، مثل غيرهم من البشر، ستجد هذه الكفالة. وقد كانت موجودة في عهد رسول الله، والخلافة الراشدة . وقد ترجمها الأمام علي عليه السلام، عندما دخل مسجد الكوفة ورأى مستجدي يتكفف الناس، فصاح على كاتب بيت المال عبد الله بن رافع. وقال له: ماهذا يا عبد الله، فرد عليه عبد الله بأنه يحمل زنار في صدره يا أمير المؤمنين، فرد عليه الأمام برد واضح ومبين، عندما قال له، حتى وإن كان مسيحياً، أشغلتموهم ثم أتعبتموهم، فتركتموهم يتكففون الناس، خذه الى بيت المال أكسه وعائلته وخصص له مرتباً شهرياً. هذا هو الأسلام الحقيقي وليس ما تسمع من المتأسلمين والنفعيين، الذي شوهوا وجه الأسلام، وفسروه وفق مصالحهم الذاتية، تماماً كما موجود مثلهم في الأديان الأخرى، الذين وظفوا المسيحية واليهودية لخدمة أطماعهم، ومصالحهم الضيقة، وليس في خدمة البشرية. وقد دفع الإمام لهذا المسيحي لأنه كان يدفع الضريبة( الجزية) تماماً كما يفعل اليوم العالم المتحضر. فالجزية هي أموال، أو ضريبة، تدفع جزاء ضمانة الدولة لهم، عند التقاعد والمعاش، كما لهم كامل الحقوق على الدولة. أما الصغار فهو ليس ما يريده الأسلام لهم، بقدر ما هم يريدوه لو تأخروا عن الدخول في الأسلام وهذا رأي وليس فعل يفعله الأسلام، من أجل إذلالهم وإهانتهم كما تدعي. تماماً كما تحسه أنت من حب لدينك المسيحي، وتراه في الآخر تخلف ورجعية ومهانة للأنسان.فهو إذن ليس فعل جازم.
ويبدو أنك أنت الذي يتهجم بأدب، دون علم بطرق البحث المنهجي العلمي في علوم الدين . فنحن لاندعي بتفوق الدين الأسلامي على باقي الأديان، إنما ندعي أنه الدين الوحيد الذي بدأ بآدم وأنتهى بمحمد ابن عبد الله ، فهو يضم بين دفات كتابه كل الرسالات التي نزلت على أنبياء الله بالتدريج ،وعلى مراحل تطور العقل البشري. أما الأسماء التي أطلقت على مجموعات دينية لم تجد لها مكان في الكتب المقدسة السماوية. فالقرآن ليس كتاب كيمياء، أو فيزيا منهجي، ولكنه يحمل إشارات الى مفاتيح علوم كثيرة وعليك مراجعت الكتب، التي كتبها الكثير من علماء العلوم البحتة، الذين دفعتهم إعجازات القرآن الى اعتناق الدين الأسلامي . فإن كنت لاتؤمن وتريد أن تبحث لايكفيك إطلاق (الاعجاز العلمى بالقران الذى لايستند على اى اساس) وكلامك لايستند الى أساس، وكأنك قرأت وأكملت ثم حللت واستنتجت. لايمكن للمثقف أن يطلق كلامه على عواهنه. وأأكد لك إن كل ما ذكرته من(عليها فكر الاقصاء والاستبعاد والاستعباد والتعذيب والتنكيل وحرق الكنائس وافلاس المسيحيين طويلا منذ 1430 عاما,) كل ما ذكرت من هذا الكلام ليس له وجود في كتاب الله وحديث نبيه الشريف، إلا في عقول الجهلة من الأميين في العلوم الأسلامية فلى تسقطها على الفكر الديني. بدليل أن المسلمون بعد دخولهم الأندلس لم يهدموا كنيس، ولا دير، بينما الأفرنجة هدموا المساجد وأحالوا غيرها أماكن سياحة، واذهب الى قرطبة وغرناطة وشاهد على الطبيعة. والأسلام كما ذكرته أنت أيضاً، هو دين(ترغب بحل عادل وجذرى يقوم على ديموقراطيه حقيقيه تقوم على التعدديه الاثنيه والدينيه فى مجتمع متسامح منفتح تمثل فيه كل فئات المجمتع بعداله وهى كما تعرف موزايك او فسيفساء تجمع كل الاعراق والمذاهب والاديان فى ) وطن للجميع فيه حق المواطنة، ومنه انبثقت الديمقراطية.
إنك تضع نفسك في قفص الأتهام، وليس الحوار والأستفهام، عندما تمطرنا على شاشة الموقع، بقولك المستفز غير المستوضح، وأنت تقول (المقتول والضحيه يصرخ ويوضح ان الخلل بالعقيدة الاسلامية وبالفاتحة التى تسب غير المسلم وبايات القتال والجزيه والارهاب التى يمتلىء بها القران ولا يمكن التعايش مع هذا الجبروت والدكتاتوريه والاستعباد والاستعمار. ان الحرية مطلب حق و مقاومة الاستعمار مطلب حق ومن حق كل من ديس على عقيدته و ثقافته ولغته ان يدافع عن حياته ممن يتربص به ويريد قتل البقية الباقية منه ومن أمته) وإنك تستبطن في كلامك هذا وتحث أقباط مصر على مقاومة ( المحتل المسلم ) وطرده من أرضه التأريخية، تماماً كما يدعي اليهود. ومن هنا نعرف كيف أنكم برأتم اليهود من عيسى عليه السلام وتحالفتم معهم ضد الأسلام وقرآنه. ووفق قانونك هذا وجب على البيض الخمسة ملايين أن يتركوا جنوب أفريقيا. وعلى الأيرلنديين والفرنسيين، والأسبان أن يغادروا وعلى الفور الأمريكتين. وعلى اليهود الذين استوطنوا فلسطين أن يعودوا من حيث جاؤوا.
بأي منطق تتكلم يا دكتور؟ هذا هو عينه منطق الكنيسة، التي أعدمت العلماء ، وباعت الجنة بصكوك غفرانها ، وبرأت قاتلي نبيها بعد قرون. ثم تأتي لتناقض نفسك وتكشف أصل تفكيرك عندما تقول(المشكله ليست فى الاقباط انها فى الاحتلال الاستعبادى الاستيطانى الاستئصالى. والمشكله تخص الاكراد والاقباط والبربر واليهود و النوبيين والارمن وزنوج السودان مسلمين ومسيحيي ولعلمك الكثيرمن هذه الاقليات مسلمه وتعانى من نفس المعامله السيئه والابادة العلنيه وقتل الروح القومية.) فهو ليس الفكر الديني الذي يسوغ ما ذكرت سلفاً، وإنما هو فكر الخرافة والتعصب الذي نهى عنه الأسلام ، وفكر الأنا التي اشتهت إقصاء الآخر، واتخذت من منهج الإلغاء طريقاً لأقصائك وإقصائي. إن الأديان يا أخي تكمل بعضها، وهي امتداد لسلسلة الأنبياء الذين هم من صلب إبراهيم. الأسلام دين السماحة والحب والسلام ، دين الألفة والتآخي، دين العلم والتعلم. واعلم أن من واجبي أن أدعوك الى الأسلام، ولكن لايجوز لي إجبارك عليه، مما يلحقني الأثم على إكراهك، لأن الأعتقاد إيمان، يعقد في القلب ويصدقه العقل، وليس في العمل حيث ( لاإكراه في الدين) ولكن من واجبي أن أنبهك فإن شئت اعتقدت، وإن شئت فهو خسران كما أعتقد أنا. وعندما أقول لك خسران، هذا ليس اضطهاد، أو استئصال، تماماً كما تعتقد أنت، وتقول لي أنا الصحيح الذي يدخل الجنة وليس أنت، وهذا لايغيضني. ولهذا دعانا الله في كتابه الكريم وقال :( وجادلهم بالتي أحسن) وكما تعرف فالجدل ليس الحوار بل هوأعمق من ذلك.